أمسية شعرية في ذكرى شاعر الحب أبي إلياس

قطوف من عناقيد الكلم الموزون

قطوف من عناقيد الكلم الموزون
جمعية ”الكلمة” للثقافة والإعلام
  • القراءات: 686
مريم. ن مريم. ن

أحيت جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، أوّل أمس، بنادي الراحل بن قطاف بالمسرح الوطني، الذكرى العشرين لرحيل شاعر الحب أبي إلياس؛ من خلال أمسية شعرية نشطتها كوكبة من صنّاع القوافي، يتقدمهم الشاعر الفصيح إبراهيم صديقي، ورافقت الإلقاءات معزوفات موسيقية كلاسيكية لأعضاء من جمعية الأوركسترا.

حملت الذكرى بعضا من روح الشاعر أبي الياس بمناسبة عيد الحب، هذا المبدع الذي تهاوى جسده داخل حافلة لنقل المسافرين لما كان متوجها في تلك الأمسية إلى ملجأ العجزة.

وتوالت على المنصة الشعرية الكثير من الأصوات التي قرأ منها مسعود طيبي، الذي استرسل في لغة المشاعر التي لفت من حرير القوافي ومن حكمة الأيام الخوالي، التي صقلت نظرة الحياة وطوّعتها كي لا تخرج عن حدود الممكن وما كان.

جاء بعده صاحب السلطة المطلقة وفارس القوافي الذي اصطف مع المتنبي وابن الورد وغيرهما، ليملأ بصوته المبحوح المنبر وطبق العنان لشيطان شعره، فيصنع العجائب والأفاعيل ويسلسل سامعيه بشعره الساحر، وليهتف من أسرهم بالمجمع الحافل؛ هل من مزيد؟، ليصعد مجددا ويقرأ ما طاب، علما أن الكثيرين في القاعة كانوا يرددون شعره عن ظهر قلب، في حين كان بعضهم يتأسّف لكون هذا الشاعر الفذ لم يحظ بحقه من الأضواء، حيث قصّرت معه، ولم تتركه يجلس في الصفوف الأولى والأمامية بين شعراء العرب.

وقرأ صديقي مختارات من مجموعاته الشعرية الجديدة والقديمة، وأبدع في الغزل، وسما بحبيبته إلى العلياء، معرجا على ذكريات اللقاء، ومنتهجا خطاب عنترة البعيد عن الضعف والهيام؛ حيث كان للفروسية وقعها في ميزان القوافي.

حبيب آخر لزمه الشاعر صديقي، وهو الشعر الذي فصّل في مكنوناته وصفاته، متجاوزا في ذلك إطار اللغة والقوافي واللحن إلى المعنى والتفاعل والتغيير؛ أيها الشعر قد كتبناك لكن شعراء ولم نكن أبواقا... وطرّزنا منك القوافي عطاء ما طرزنا دونها استرزاقا واعتنقنا دين المحبة صديقا.. ما اعتنقتاه زينة ونفاقا.

قرأ نجم الأمسية صديقي في الاعتذاريات؛ حيث قال في مطلع قصيدته: أدمنت بيتك حتى صرت أسكنه... وكل شيء مضرّ حين ندمنه

بعدها جاء دور الشاعر الشاب نصر الدين مداح خريج معهد العلوم السياسية، حيث قرأ في الشعر الملحون قصيدة بعنوان بلاك تقولي نسيتك، كانت رسالة شوق إلى محبوبته التي طال انتظارها له، فقد قدّم لها الوعد والعهد بلغة رقيقة ومباشرة، لا تأويل ولا بطانة فيها.

تقدّم أيضا الشاعر الدكتور أحمد شنة رئيس أكاديمية المجتمع المدني، الذي قال لـ المساء قبل أن يصعد المنصة، إنّه لم يقرأ شعره أمام الجمهور منذ 30 سنة بعدما أخذه العمل المدني والمناصب الإدارية. وقد قرأ في هذه الأمسية قصائد في الحب، واختار: كلما اقتربت منك خطوتين، وكان في كلّ صوره الشعرية يربط بحبل متين بين الطبيعة ومشاعر الحب النقي ومشاعر الحنين والشجن. كما قرأ من ديوانه زنابق الحصار الذي صدر منذ 30 سنة، إضافة إلى بعض نصوصه الملحنة ذات اللغة الشعرية العذبة.

ولم يتخلف الشاعر عبد العالي مزغيش عن القراءة ليختار من ديوانه مزيدا من الحب، الكثير من المقتطفات التي غاص من خلالها في بحور الغرام والهيام، ليبتعد، ثم يعود متأوها لشوقه الذي لا يغادر؛ فكأنما كلما أحب حبيبته ازداد حبه واشتعل. كما قرأ يارا التي وقع حبها عليه ذات يوم بشارع ديدوش مراد، لتأخذ ما تبقّى من مشاعر الروح.

وقبل اختتام هذه الأمسية الشاعرية طالب الحضور بعودة صديقي ليقرأ له المتنبي، ولبى النداء، وصعد من جديد يصدح:

«وضعت علم الأسى فينا

فمعذرة لا تأخذني بعلم أنت واضعه 

إني قرأتك في ألاماتي نائية في ليلك المر

ضاقت مضاجعه.