العدد الأول من المقهى الثقافي الافتراضي

قطوف من الألوان والمعاني

قطوف من الألوان والمعاني
الكاتب عبد الرزاق بوكبة
  • 1077
مريم. ن مريم. ن

ينشط الكاتب عبد الرزاق بوكبة فعاليات المقهى الافتراضي، ضمن "مجالس البرج الرمضانية"، سهرة كل سبت على الساعة العاشرة، حيث يضمن لمتابعيه وجبة ثقافية وفنية وأدبية، على مدار ساعة من الزمن، رفقة نخبة جميلة وجديرة من المبدعات والمبدعين.

أشار بوكبة إلى أن العدد الأول يأتي ضمن "مجالس البرج الرمضانية"، بإشراف قطاع الثقافة، يضمن للجمهور مرافقة جمالية مثلما كان المقهى الأدبي في الواقع، يقوم على الوجبة الثقافية المتعددة، ويبقى كذلك في نسخته الافتراضية.

يتم في هذا الفضاء الرحب، الاستماع إلى بعض الشعر والكثير من المعنى، ومشاهدة لوحات زيتية، وقراءة كتب، وزيارة معالم سياحية، وسماع موسيقى روحية، علما أنه تم اقتراح للعدد الأول بداية شعرية.

استقبل العدد صوتا شعريا معروفا من الشقيقة ليبيا التي لا نسمع عنها منذ 2011، كما يقول بوكبة، إلا أخبار الحرب والتقاتل، لكن ليبيا لا تزال تقرأ وتبحث، وتمارس الجمال وتنتجه، وأكيد أن هناك لوحة جمالية ليبية مغيبة عمدا لصالح مشهد الرصاص، الذي يتمنى الجميع أن يختفي. الصوت الشعري يتمثل في الأستاذ المعروف محمد علي الدنقلي، الذي قرب الجمهور الجزائري من اللوحة الليبية الجميلة، وقرأ قصيدة معبرة كلها إحساس ومعنى بعنوان "خذ الحصى" بلهجة ليبية راقية.

أهم ما يميز نص الشعر المحكي لدى الشاعر محمد الدنقلي، أنه مسكون بالسؤال المحفز للتفكير، ومباغت يأتي وحيدا، ثم يتوالد في متن النص، ويتمدد خارج حدوده، ليدير محركات العقول ويدغدغ القلوب العطشى لهطول الفرح واللهث وراء لحظة يقين صافية.

شعر هذا المبدع لوحة فنية متكاملة لنص لا يمكن أن يستقل أو ينفرد بكلماته عن صورة الشاعر، فكل نبرات وحركات ونظرات الدنقلي أثناء قراءته جزء من النص، ويمثل إضافة لا يمكن أن يتجاوزها المتلقي السامع أو المشاهد.

الفقرة الموالية كانت موسيقية بامتياز، أداها المغني وليد بورزاح رفقة الموندولين، واختار إحدى روائع  الفيلسوف لونيس آيت منقلات، وقدمت معها دبلجة مكتوبة بالعربية أسفل الصورة.

كان بوكبة خلال هذا العدد وهو يقابل ضيوفه من الأدباء والفنانين يلتزم بوضع الكمامة، وفي ركن "زيارة" استقبل القاص المعروف على الساحة الجزائرية والعربية وابن برج بوعريريج عيسى بن مسعود، الذي في رصيده مجموعة من الأعمال القصصية، وهو واحد من المبدعين الذين يملكون مشروعا واعيا، تناول جانبا منه خلال حديثه مع بوكبة، كما أشار هذا الأخير إلى أن القاص مولع بالبستنة، وهي صفة قلما توجد عند الكتاب، لذلك رد عيسى أن البستنة عالم جميل يقابله عالم آخر جميل في اللغة، ويتخيل الكاتب كأنه فراشة فوق حقل ربيعي به زهور، وعليه أن يأخذ الرحيق من عدة أزهار، ليتحول كل ذلك إلى لغة شعر أو قصة مركزة في مشهد من المشاهد.

تحدث الضيف عن تجربته الشعرية والقصصية، واختياراته المبنية على الوعي والدراية، مؤكدا أن الرواية عنده لن تكون على حساب القصة القصيرة. بعدها، تم بث ومضة عن جمعية فسيلة للفعل الثقافي والمتعلقة بجائزة "عمار بلحسن" التي سيتم الإعلان عن نتائجها في 29 أوت القادم، وقدمت تفاصيل كانت "المساء" قد نشرتها منذ أيام.

وجبة الشعر كانت على ما يبدو مغاربية بامتياز، فمن ليبيا إلى المغرب الشقيق، حيث استقبل الشاعر طه عدنان جمهوره الجزائري في إقامته ببروكسل، واستطاع هذا المبدع المثقف أن يقبض على لحظة "كورونا" ليس لكونها فيروسا، بل لأنها لحظة إنسانية موجعة، وقرأ قصيدة "مقام العزل"، قال في مطلعها:

"مهلا أيها الوباء       لا مصل هنا ولا دواء"

ومن الصورة الشعرية، كان الانتقال إلى الصورة الفوتوغرافية مع أمين بولعواد أستاذ بجامعة برج بوعريريج، مختص في تصوير الطبيعة والبيئة، قدم في السهرة الأولى تركيبا فوتوغرافيا رائعا مزج فيه بين الطبيعة الخضراء والحيوانات، خاصة منها الطيور والغزلان.

استمر البرنامج بفيلم قصير من توقيع المخرج عبد الحفيظ قليل الذي قدم بورتريها عن شخصية صانع محلي بالمنطقة. تعود الموسيقى مع فنان متميز، كون العديد من الأصوات ببيته وهو عازف على العود ومطرب، وهو عبد الرحمن قباط من بوسعادة، وقد أدى مقاطع غنائية طربية مرفقة بالعزف على العود.

في الفقرة الأخيرة من الموعد الأول للمقهى الثقافي، زار بوكبة ورشة الفنان التشكيلي عبد القادر روابح من مدينة راس الوادي، والذي تجاوز بأعماله ألوان قوس قزح، لتتضمن الألوان كلها ضمن فلسفة وتكوين ذو منطلقات محددة استمدها من التكوين الأكاديمي، ومن خبرة الممارسة طيلة 30 سنة، ليظل وفيا لإنجازاته التشكيلية، وقد كان الحوار معه مطولا.