الفن التركيبي يحتل صدارة معرض قصر الثقافة

قضايا راهنة وأخرى أزلية بصبغة فنية

قضايا راهنة وأخرى أزلية بصبغة فنية
  • القراءات: 693
لطيفة داريب لطيفة داريب

قرّر الفن التركيبي أن يكون له نصيب وفير من المعرض المقام بقصر الثقافة احتفالا بعيد المرأة؛ حيث جاور جارته اللوحات، وكان بحق صاحبا مميزا، حتى إنّه أضاف لهذه الفعاليات جمالا وعمقا، كيف لا وهو الذي استطاع التعبير بأسلوب فريد من نوعه، عن أكثر القضايا حساسية وتأثّرا بشكل فني لا غبار عليه. استفادت "المساء" من صحبة الفنان جمال طالبي المشارك في المعرض الجماعي المقام حاليا بقصر الثقافة؛ احتفالا بعيد المرأة، حيث كان لها المرافق العارف والخبير بحيثيات هذا المعرض الذي يشارك فيه رفقة ست فنانات وفنان واحد. وفي هذا السياق، تحدّث جمال عن عمله، الذي اختار أن يعبّر عنه من خلال الفن التركيبي، فقال إنّه اعتمد على وضع عش على بساط أحمر، تقابله ثلاث هيئات على شكل نسوة. وأضاف أنّ البساط الأحمر هو تقديس للمرأة الخلوقة، أمّا العش فيمثّل الدفء العائلي، والذي يعبّر بدوره عن دور المرأة الرئيس في العائلة، في حين تشكّل النسوة الثلاث الأم والزوجة والأخت. أما عن إحاطته لهن بسلك حديدي فهو تعبير عن جلَدهن وقوّة صبرهن. كما شكّل جسدهن من لوحات مرسومة بالفن شبه التجريدي، بحيث وضع على جسد الأم بيتا شعريا لمولود معمري يقول: "الأم التي تمشي حافية القدمين". أما الزوجة فرسم في لوحتها حزاما يدلّ على عصريتها بارتدائها ثوبا جميلا.

وأكّد جمال على دفاعه المستميت عن المرأة، مطالبا بضرورة احترامها، مضيفا أنّ المرأة الجزائرية رقيقة وقوية في آن واحد، كما أنّه يشجّع المرأة والرجل في الزواج وإنشاء العائلة التي تُعدّ أوّل نواة للمجتمع، لينتقل إلى عمل الفنانة ناريمان غلام الله، التي مزجت بين اللوحات وبين الفن التشكيلي في موضوع حساس وراهن، يتمثّل في قضية اللاجئين الذين فروا من ويلات الحرب، حاملين معهم حقائبهم التي تضم الضروريات لا غير حينما يجازفون بحياتهم في هذه السفرية الرهيبة. وقال جمال إنّ ناريمان تأثّرت كثيرا باللاجئين السوريين، وها هي ترسم الحقائب في لوحات عديدة تمثّل رمزا للسفر. وفي لوحة أخرى، رسمت مجموعة من اللاجئين بعيون محدقة. وبالمقابل، أضاف جمال أنّ ناريمان اختارت أن تعبّر عن هذه الآفة أيضا بالفن التركيبي، حيث وضعت العشرات من الحقائب وكلّ مستلزمات الحياة اليومية كالملابس والأحذية، ولم تنس قضية إيلان الطفل الذي وجد ميتا في البحر، وعبّرت عن هذه الفاجعة بوضع دمية على الأرض في نفس الوضعية التي وُجد عليها الطفل السوري. وانتقل بنا جمال إلى موضوع آخر ودائما في الفن التركيبي، وهذه المرة مع الفنانة صحراوي كريمة، التي وضعت العديد من البلاط فوق بعضه، والذي يمثّل كتب آسيا جبار، التي ظهرت وكأنّها جدران مشقوقة، لتشكّل كلّّها نافورة أدب نشرب منها ولا نرتوي أبدا. كما وضعت آلة للكتابة وأوراقا مرمية على الأرض وألصقتها في الجدار الذي رسمت عليه علامة الاستفهام. وفي هذا السياق، قال جمال إنّ الفنانة تتساءل عن التجاهل الذي نال الأديبة الكبيرة آسيا جبار، ومدى الاهتمام بها وقد فارقت الحياة.

أما عمل الفنانة أحلام كوردوغلي فأشار المتحدث إلى أنّها قامت بوضع صورتها بشكل فني وهي ترتدي الحايك أثناء مشاركتها في عرض للنساء بالحايك منذ سنوات، كما رسمت خرائط لتدل على أنّ الحايك تراث إنساني. هذه المرة مع عمل الفنان مباركي أحمد، الذي وضع هيئات لاثنتي عشرة امرأة مصنوعة من عدة مواد مثل البوليستر، اللصق والأوراق وأرفقها بالنصوص والألوان، نسبة إلى عدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ووضع في كلّ امرأة حكاية، كما أرفق عرضه الفني هذا بلوحات تحكي عن نفس الموضوع. وبالمقابل وضع فوق هذا العرض غطاء سميك اللون يمثّل سماء مضيئة بالنجوم، وفي جزء منها وضع ثديا يعبّر عن الحنان. الفنانة لويزة لكحل وضعت نصف تمثال لامرأة حبلى؛ في صورة الحبل السري لكنه طويل إلى درجة أنه كان بودّها أن تطيله إلى غاية خارج القاعة ولكن تعذّر عليها ذلك. كما وضعت عشا صغيرا يمثل الدفء العائلي؛ وكأنه عبارة عن تواصل بينه وبين عش الفنان جمال نفسه.

بالمقابل، ضم المعرض هذا لوحات فنية لفنانات، والبداية بأعمال الفنانة ماجدة بن شعبان التي تقدّم أعمالا جميلة بتقنية متميزة؛ حيث تعتمد على التراث المحلي مثل رسمها للزليج، وتقدّم مواضيع بسيطة ولكن ببصمة فنية راقية. أما الفنانة راوية بعرير فتستخدم التقنيات المختلطة في لوحاتها التي تمثل المرأة وكذا جملة من الحيوانات مثل الطاووس والحصان، ويمكن أن نجد الأشكال التي استعملتها في الألبسة، بينما رسمت الفنانة منعة حورية المرأة باختلاف ألبستها التقليدية. للإشارة، تأسّف الفنان جمال طالبي عن حيثيات تنظيم هذا المعرض الذي جلب جمهورا غفيرا يوم افتتاحه، خاصة أنه تزامن مع تنظيم الطبعة الثالثة عشرة لصالون التشغيل وللمواهب بنفس الفضاء، حيث قال إنه قام رفقة زملائه العارضين بتوفير تكلفة حفل الافتتاح. كما قامت الفنانة صحراوي كريمة بتصميم ملصقة المعرض الذي لم يخصّص له مدير قصر الثقافة الجديد كتالوغا.