استقبله المعهد الفرنسي بالجزائر

قسنطينة في 1958 و1960 بعدسة المصور جان مارتي

قسنطينة في 1958 و1960 بعدسة المصور جان مارتي
  • القراءات: 893
❊د.مالك ❊د.مالك

استقبل المعهد الفرنسي بالجزائر، معرضاً لصور تعود للفترة الممتدة بين 1958 و1960، التقطها مصوّر الحرب جان مارتي بقسنطينة، مجمل الصور الحاضرة تنقل جانبا من تاريخ الجزائر الاجتماعي في تلك الفترة.

عرضت هذه الصور في الطابق الثاني للمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة الجزائر، لأوّل مرّة على الجمهور، بحيث لم تتم أرشفتها من قبل، تترجم الحياة الاجتماعية والتاريخية بقسنطينة في نهاية خمسينيات القرن الماضي.

وفي جولة في أرجاء المعرض تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن وترجع بك إلى الماضي، وتسافر عبر تفاصيل الصوّر المعروضة إلى زمن بعيد في تاريخ الجزائر، حيث كان الجزائريون يتحدّون مرارة الحرب والاحتلال.

وميز المعرض الصور التي صورها جان مارتي، بترجمة لمعاناة الجزائريين خلال تلك الحقبة الزمنية في كسب لقمة العيش، وكانت التجارة حسب الصّور المعروضة مهنة القسنطيني آنذاك، صورٌ بالأبيض والأسود لتجارٍ في الجلود، التين المُجفّف، الغربال، حلويات تقليدية تظهر فيها بوضوح "الزلابية"وهي الحلوى المُفضّلة لدى الجزائريين شهررمضان.

في أغلب الصوّر أيضاً يُمكن مشاهدة مجموعة من الأشخاص بالزّي التقليدي، يركبون الحمير والبغال على ظهورهم براميل خاصّة بالمياه، هؤلاء الأشخاص يملؤون البراميل بالمياه أمام بئر وهم مبتسمون أمام عدسة المصوّر.

الطفولة والبراءة، من أبرز الشخصيات في صور المعرض، أطفال من الجنسين مُبتسمون وحالمون رغم قساوة الحياة التي تترجمُها تفاصيل أجسادهم الهزيلة أحيانا والثياب البالية الممزّقة أحيانا أخرى، من بينهم أطفال حفاة، وصورة أخرى لطفلة صغيرة تحمل رضيعاً على ظهرها بواسطة لفّة قُماش.

أخذ جان مارتي صورة لـ "قعدة" في أحد الأسواق، يلتفُ فيها كهول حول مائدة، يتبادلون أطراف الحديث وراء شاحنة، وفي صورة أخرى "قعدة" لفرقة موسيقية من التراث الأصيل "القصبة" أي النّاي.

وفي الصوّر أيضاً حياةٌ لنسوة رفقة بناتهنّ وأولادهنّ، وهنّ يغسلن الثياب أمام منبع مياه، وصورة أخرى لامرأة رفقة ابنها الصغير، أمام نار الحطب، ترتدي سروال "الشلقة" وهو لباس تقليدي جزائري، مزيّنة بالحلي التقليدي (خلخال في ساقها وأقراط بأذنها وأسوار بيدها) وكأنّ الحرب لم تمحِ أنوثة المرأة الجزائرية. 

التقط المصوّر أيضاً برورتريه لامرأة تطلّ من الشبّاك، بملابس وتسريحة شعر عصرية، أنيقة وحالمة، بينما امرأة أخرى في صورة أخرى بزيّ مختلفٍ تماماً ونمطٍ لباس وتسريحة مغايرة مثلما هو مبيّن في الصورة. 

وانتقل جان مارتي من الحياة الاجتماعية إبان الاحتلال الفرنسي، إلى الهندسة المعمارية وقتها، التقط صوراً من أسفل الجسور المعلّقة بقسنطينة، وأخرى لقنديل نحاسي وهو من التراث المادي الجزائري الأصيل، كما تترجمُ صورةٌ أخرى تمسّك أشخاص إبان الثورة بالدين الإسلامي من خلال لوحةٍ فوق مدخل أحد المنازل كُتب عليها شيئاً من القرآن والأدعية بالخط العربي الأصيل.