«فوروم» الإذاعة يستضيف وزير الثقافة عز الدين ميهوبي

قراءة للمشاريع الثقافية بلغة الاقتصاد

قراءة للمشاريع الثقافية بلغة الاقتصاد
  • 2034
مريم .ن  مريم .ن 

قدّم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي خلال نزوله أمس، ضيفا على أثير «فوروم» الإذاعة عرضا عن أهم المشاريع التي يرعاها قطاعه من منطلق سياسة شاملة عمادها الاستثمار والتفعيل الاقتصادي والشراكة السياسية حتى تكون الثقافة لبنة في عملية البناء الوطني وفي رسم التوجهات الكبرى للمجتمع.

تطرق اللقاء أيضا لرسالة الرئيس لجمهور النخبة بمناسبة يوم العلم وكذا ترسيخه لمسعاه المتعلق بالتكريم والعرفان لهؤلاء الذين قضوا مشوار أعمارهم في خدمة الجزائر وهويتها.

توقف الضيف في بداية حديثه عند رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة يوم العلم التي وجهها لنخب المجتمع خاصة إلى النخبة المثقفة، واعتبر السيد الوزير أن يوم العلم ظل مرتبطا بالمعرفة وبأنه رمز من رموز الأمة الجزائرية ويرسخ ثقافة الارتباط بالشخصية الوطنية، وكان بمثابة تهيئة الظروف نحو الاستقلال. وطبعا فإن هذا اليوم مرتبط في رمزيته أيضا بالعلامة ابن باديس الذي نال خلال هذه السنة قسطا وافرا من النقاشات العامة والحوارات والملتقيات ومن الأفلام، منها فيلم سينمائي توضع لمساته الأخيرة حاليا وسيطلق بعد شهر من الآن، إضافة إلى مسلسل تلفزيوني وكتب وغيرها.. قصد تعميق الهوية الوطنية.

يتزامن الحدث وذكرى إعادة انتخاب السيد الرئيس على رأس الجمهورية وما قدمه طوال حكمه من دعم للثقافة على اعتبار أنه يحمل حساسية إيجابية نحوها، فهو المثقف الذي يتابع ويوجه ويرعى، وكان خطابه واضحا في أنه لابد للمثقفين أن يكون لهم دور في حماية المجتمع من الانفلات، بانتهاج الوسطية والارتباط بالمرجعية الوطنية والدينية الجزائرية.

أكد الضيف أن الفراغ أساس كل انحراف، فهو الخطر الذي تترعرع فيه الأفكار المتطرفة والشاذة لتتحول إلى مشروع مجتمع، وبالتالي فمن الضروري ملء هذا الفراغ بثقافة نظيفة وقيم سليمة.

عاد الوزير إلى مسألة دسترة الثقافة لتكون ركن في التنمية وليكون حق مكفول للمواطن، كذلك الحال بالنسبة للتراث الذي هو إسمنت الأمة. من جهة أخرى، أعرب الضيف عن تأسفه من مضامين برامج المترشحين في الحملة الانتخابية على الأقل في أسبوعها الأول، فالثقافة عند هؤلاء تكاد تكون على هامش النقاش أو تكون مجرد مبادرات فلكلورية.  قال المتحدث في هذا السياق: «تتكئ الحملات الانتخابية على الوعود، فماذا تعد به للثقافة؟، وربما نلمس اهتماما أكثر في الأسبوعين المقبلين».

بالنسبة لتكريم الرئيس للمبدعين من فنانين ومثقفين، فاعتبره المتحدث سنة حميدة يهب فيها أرقى أوسمة الاستحقاق الوطني، وأعلن ميهوبي أن السيد الرئيس طالب بقوائم مفتوحة لتكريمها الشهر الداخل لتتواصل العملية بقوائم أخرى.

رد الوزير على سؤال خاص بتكريمه من طرف مؤسسة ملتقى المثقفين المقدسي اليوم ومنحه جائزة «شخصية العام الثقافية لعام 2017» بالقول إنه بمثابة العرفان للجزائر بدعمها للقضية الفلسطينية، هذه الحاضرة في كل الفعاليات الثقافية الجزائرية. كما توقف عند مناسبة منح الجزائر للأداء الثقافي والتميز من طرف المركز العربي للثقافة والإعلام (الجامعة العربية) مما يحفز على العمل.

بالنسبة لشهر التراث، أشار الوزير أنه يحمل هذه السنة شعار «التراث كدافع في التنمية»، موضحا أن التراث ليس مجرد صخور، بل هو رافد في الاقتصاد  مما يتوجب رؤية جديدة تتجاوز الترميم والحماية إلى تحويل المواقع إلى فضاءات مفتوحة لأهل الاختصاص وللمستثمرين الخواص وهذا هو التثمين الحقيقي للتراث الذي تعيش بعض الدول على مداخيله.

أكد الوزير خلال معرض حديثه أن الجزائر تعتبر أكبر مخزون للآثار الرومانية بمنطقة المتوسط لكنها تفتقد للترويج، ثم أعلن عن موعد اليوم الخاص باطلاع الجمهور على حفريات موقع ساحة الشهداء والحديث عن مشروع إنشاء متحف أثري بمحطة المترو لساحة الشهداء بمساعدة الخبراء.

في اليوم الموالي، ستحتضن المكتبة الوطنية عرضا لكل الوثائق والصور والمخطوطات والكتب (600 وثيقة) التي تم انتقاؤها منذ 10 أيام في مزاد علني بتولوز الفرنسية.

من المشاريع أيضا وصول ثلاثة خبراء أثريين مصريين قريبا إلى الجزائر منهم وزير الآثار السابق ممدوح الدمياطي (أجرت المساء معه مؤخرا حوارا)، وسيعملون مع خبرائنا فيما يخص أهرامات لجدار بتيارت وكذا توسيع البحث في ضريحي إمغراسن و»قبر الرومية»، كما أعطيت تعليمات للمركز الوطني للأبحاث الأثرية لتوقيع اتفاقيات مع معاهد التاريخ والآثار بالجامعات الجزائرية لإجراء حفريات في مناطق لم يطلها البحث الأثري.

بالنسبة للآثار دائما، هناك تدخل الخبراء على الحدود الشرقية في مناجم الفوسفات بتبسة لإنقاذ الآثار الباطنية ونقلها إلى مواقع أخرى أنسب وتحويلها إلى مواقع سياحية.

سئل الوزير عن مشاريع الترميم بقسنطينة، فأكد أنها غير مرتبطة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وأن المشاريع عرفت بطءا في الانجاز نتيجة بعض الإجراءات، لكن الأمر عولج بتدخل الوزير الأول لإعادة تحريك الترميم وبعضها تقدمت فيه الأشغال بنسبة كبيرة وهناك تحيين للملفات لتقديم ترخيصات لمكاتب الدراسات.

تحدث الضيف عن السطو على تراثنا الوطني من الغير وهنا أكد أن الخبرة موكلة للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وكذا حديثه عن الملفات التي تقدم لليونسكو لتصنيف تراثنا منها مواويل أشويق والصراوي والياي ياي والمأكولات وذلك بفضل جهود الباحثين بالمرصد الوطني للدراسات التاريخية الذي يعد تلك الملفات. مسائل أخرى تطرق لها الضيف، منها توثيق الذاكرة الفنية والتاريخية التي لابد أن تكون ضمن منظومة ثقافية واضحة تتعدى المبادرات الفردية.

في الشأن العربي، أكد أن المنطقة تعيش التعب والارهاق بفعل اخفاقات متواصلة، وبالتالي انتشر التطرف والفوضى وتم تحريك الطائفية والمذهبية وهو ما يتطلب مراجعة المنظومة الدينية والإعلامية والتربوية، ويتطلب أيضا استيعاب الآخر وليس صدّه بالرفض الجاهز، بل بالحجة والتشخيص، ومواجهة التطرف بالثقافة الأصيلة وليس المستهلكة.

أما بالنسبة للأمازيغية، فهي معترف بها في الدستور، ومكنت من خلال المهرجانات والسينما والإعلام وغيرها وبتكريم روادها منهم مئوية معمري.