كمال قرور يطلق مشروع ”الدليل الوطني للقراءة”

قاعدة لتأسيس أجيال تقرأ وتفكر

قاعدة لتأسيس أجيال تقرأ وتفكر
الأديب والشاعر كمال قرور
  • القراءات: 1620
مريم. ن مريم. ن

أطلق الأديب والشاعر كمال قرور، مؤخرا، مشروع ”الدليل الوطني للقراءة”، الذي يتضمن 100 كتاب في الثقافة الجزائرية والعربية والإنسانية، ذوق ورؤية مهداة للمواطن الجزائري الجديد. أشار الأستاذ قرور على صفحته الإلكترونية، إلى أن الجميع يتأسف عن غياب المقروئية في مجتمعنا وفي مؤسساتنا التربوية، ويطلق الاتهامات جزافا، لكن المشكلة معقدة وعويصة، وتحتاج ـ حسبه- إلى حلول جذرية، لا ترقيعية.

من أجل مجتمع يقرأ ويحتفي بالقراءة والأفكار والفكر والتفكير، يرى قرور، أنه لابد من مناخ حاضن يشجع على حب الكتاب، ويثمن حب القراءة. القراءة كسلوك يومي، لا تعني طرفا دون آخر، بل تعني الجميع دون استثناء؛ الأسرة، المؤسسات التربوية، وسائل الإعلام المختلفة، ومؤسسات الثقافة والشباب. وكلما تضافرت الجهود في ظل مشروع قرائي واضح، ستكون النتائج مثمرة ويكون الحصاد وفيرا.

كثير من المجلات والجرائد والهيئات والجامعات، في الغرب خاصة، تجتهد لوضع دلائل للقراءة الجادة، يخضع طبعا لاختيار ذوقي وموضوعي، توجه من خلاله أجيالها، لاكتشاف الأفكار الإنسانية التي ساهمت في إطلاق خيال الشعوب، وساهمت في تربيتها ورقيها، وبهذا، يؤكد الكاتب تضع قطار القراءة على السكة، فمن يقرأ هذه الكتب المختارة بعناية منذ الصغر، حتما سيصبح قارئا نهما للكتب، ويطلب المزيد، فأصبح الكتاب صناعة وبضاعة رائجة ورابحة في الغرب، يلقى الإقبال والتهافت من قبل المستهلكين، ويطبع بالملايين، لأنه لا يختلف عن بقية المواد الاستهلاكية. بينما بقي عندنا مجرد بضاعة كاسدة، لأننا لم نهتم بمستهلكه، ولم نوفر له الشروط الملائمة.

يضيف ”بسبب وعينا بالمشكلة، بادرنا، باقتراح الدليل الوطني للقراءة، ودعونا لإثرائه، رغم الظروف المثبطة، للرد على كل الادعاءات التي ترثي حال القراءة، ولا تبادر بما تستطيع، إيمانا منا بأن المشكل يكمن في غياب مبادرات جادة تهتم بالقراءة، ينخرط فيها المجتمع، على ضوء استراتيجية وطنية واضحة المعالم”.

يواصل تقديم مشروعه ”ترتكز فكرة الدليل على انتقاء مائة 100 كتاب في الثقافة الجزائرية والعربية والإنسانية؛ الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، العلوم الطبيعية والسير والأعلام، ليكون مدونة شاملة يستفيد منها أبناؤنا مباشرة، ودون كد، لتذوق ثمار الكتب الجادة من الابتدائي إلى الثانوي، أي من 6 سنوات إلى 17 سنة”.

يراهن الأستاذ قرور على أنه ”إذا نجحنا في المرحلة الأولى، أي الابتدائي، في تحفيز التلاميذ لقراءة القصص الخيالية المبسطة والأشعار العذبة، فإن المرحلة الثانية ستكون أسهل، لأن الكتب المختارة لطلبتنا في المتوسط والثانوي ليقرؤوها طيلة السنوات السبع، سيكون أكبر وأطول مشروع مطالعة مستمر في مرحلة عمرية مهمة وحساسة، ستكون لهم زادا معرفيا، ورصيدا ثقافيا هائلا لا يستهان به، يشكل قاعدة ثقافية لجيل بأكمله، وهذا ما دفعنا أكثر إلى تجسيد الفكرة في الواقع، إذا تضافرت طموحات وإرادات الجميع، ليتوج هذا المشروع القرائي الواعد بترسيم مادة الثقافة العامة، مادة القراءة في الباكالوريا، وتكون إجبارية على كل الشعب العلمية والأدبية والرياضية والاقتصادية دون استثناء، فإذا تشعبت سبل التخصصات وفرقت بين طلبتنا، حتما ستجمع بينهم الثقافة العامة، القراءة التي تصنع شخصيتهم وتهذب ذوقهم وتلهب خيالهم وتصقل عقولهم”.

بالتأكيد، سيتيح هذا المشروع القرائي المكثف، فرصة مواصلة القراءة الحرة والمستنيرة الواعية بسهولة، سواء في الباكالوريا أو في الحياة العملية، ويتحقق الهدف النبيل، بإعداد جيل المواطنين الجزائريين الجديد، يكون منسجما مع روح عصره، وله رؤية واضحة وذوق رفيع.

تطلب إنجاز مشروع دليل القراءة الوطني، العمل الجاد والموضوعي، بعد استشارة رواد الفايسبوك، لاختيار 100شخصية ثقافية وإعلامية وكتاب ومكتبيين وناشرين ومهتمين بالقراءة، وكان التواصل مباشرة مع بعض هذه الشخصيات، ثم اختيرت شخصيات أخرى، حسب عطائها الفكري وحضورها الإيجابي في المشهد الثقافي، علما أن الجميع تفاعل مع المبادرة بمحبة وحماس وفعالية، حيث اقترحت كل شخصية وبحرية تامة، خمسة كتب رأتها جديرة بالقراءة في هذه المرحلة، وبعدها، كان لابد من تصنيف الكتب حسب تكرارها في السبر، مع مراعاة سن وعقول الفئة المستهدفة. كان ثمرة هذا المجهود، هذه المدونة القرائية الثمينة المقترحة.

وبعد عرض المدونة، أي عينة الكتب المختارة على بعض المهتمين بالتربية، من أساتذة ومديرين ومفتشين، أكد الكاتب أنه تم لمس تجاوبهم الكبير، إذ رحبوا بالفكرة التي رأوها بذرة خيرة يمكن أن تزرع في تربة منظومتنا التربوية، وتثمر مستقبلا في مجتمعنا، إذا لقيت الاهتمام من طرف جميع الشركاء، ولا تبقى مسؤولية المؤسسات التربوية وحدها.

هؤلاء المربون، هم من نبهوا إلى ضرورة الاهتمام بطور الابتدائي، لأنه القاعدة لإطلاق المشروع، وطالبوا بضرورة تزويدهم بقائمة قصص الأطفال المكتوبة بأقلام كتاب جزائريين، كما طالبوا بقائمة روايات جزائرية قصيرة يمكن لطلبة المتوسط والثانوي، مطالعتها وتلخيصها في وقت وجيز.

من خلال تجارب المهتمين بالتربية واحتكاكهم بواقع المطالعة، تم اكتشاف عن كثب، أن المطالعة موجودة بالفعل، لكنها تتخبط وتتعثر، لأنها خاضعة لمبادرات فردية يقوم بها تطوعا بعض المديرين والأساتذة، لذلك وجب تدارك الوضع لإعادة الاعتبار لها، وتوفير كل الظروف لإنجاحها.

من شروط تفعيل المطالعة في المؤسسات التربوية، تأسيس مكتبة في كل مؤسسة تربوية، وتخصيص الحجم الساعي الكافي، ويكون أكبر في طور الابتدائي، مع توفير المؤطرين للمرافقة والتأطير.اقتراح برنامج وطني واضح للمطالعة لكل طور. تحفيز الطلبة على القراءة وفتح الباب للمنافسة، في شكل مسابقات ومنافسات ودورات قراءة ومهرجانات قراءة، تتوج بتسليم جوائز قيمة تثمن المجهود، وتجعل الجميع ينخرط في سلوك القراءة بحب وعن قناعة.

لقد أجمع المهتمون بالتربية، من أساتذة ومدراء ومفتشين، علىضرورة تدخل المثقفين والكتاب والإعلاميين والجمعيات الثقافية لدى وزارة التربية ووزارة الثقافة، لمساعدة الأسرة التربوية على ترسيم مادة المطالعة مادة أساسية في مؤسساتنا، ومنحها الاهتمام اللازم والتحفيزات الضرورية التي تستحقها، لتصبح فعلا حضاريا يساهم في نشر الوعي واكتساب المعارف وترقية الذوق العام.

للتذكير، فإن كمال قرور من مواليد عام 1966 بسطيف، حاصل على شهادة الباكالوريا بثانوية قصاب في العلمة سنة 1984، وحاصل على شهادة الليسانس من معهد الآداب واللغة العربية بجامعة قسنطينة عام 1989، عضو مؤسس للنادي الأدبي لمعهد الآداب واللغة العربية بجامعة قسنطينة، وفي دراسات معمقة في الإعلام والاتصال الجزائر.

مدرس متعاون بمعهد الإعلام والاتصال، وعمل في عدة صحف ومجلات، أسس لدار نشر خاصة، كما أنه عضو مؤسس لمهرجان الأغنية السطايفية ولمهرجان الضحك بالعلمة، مساهم في تنظيم الأيام الأدبية، ومسير أسبوعية ”أبراج” عام 1997 و"الوسيط”، مسؤول النشر في أسبوعية ”فنتازيا”، وعضو في المجلس الوطني لجمعية ”الجاحظية”، مؤسس رابطة ”المجتمع المدني الجزائري” 2008، وغيرها.

من أعماله؛ ”التراس ملحمة الفارس الذي اختفى”، نالت جائزة مالك حداد 2007، وله ”خواطر الحمار النوميدي”، ”الكتاب الزرق العقد الحضاري بين الدولة الراعية والمواطن الفعال” و"امرأة في سروال رجل”، إلى جانب قصص قصيرة، وروايات مشهورة، منها ”سيد الخراب” وغيرها.