تناول أكبر حدث في الحرب العالمية الثانية
فيلم ‘’دونكيرك" يتجاهل شجاعة الجزائريين

- 1697
على الرغم من تربعه على قائمة شباك التذاكر لأعلى المبيعات منذ عرضه بالسينما يواجه الفيلم الحربي "دونكيرك" اتهامات واسعة بتزوير التاريخ والعنصرية ضد المسلمين وأصحاب البشرة السمراء، علما أن 65% من قوات الجيش الفرنسي الحر كانوا من غرب إفريقيا، وتحديدا من المغرب العربي.
الكاتب البريطاني المخضرم روبرت فيسك ذكر في مقال له نشرته جريدة أنبندنت، أن الفيلم تجاهل حقيقة وجود قوات مسلمة في "دونكيرك" على الرغم من مشاركة جنود الكومنولث الهنود المسلمين في الجيش الفرنسي، فضلا عن جنود من الجزائر والمغرب.
ولفت فيسك المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إلى أن المواطنين البريطانيين من الأقليات العرقية أظهروا شجاعة هائلة في مرحلة مبكرة من الحرب العالمية الثانية في مواجهة النازيين. وكان أحد أشجع رجال الجيش خلال المعارك رجل أسود البشرة، وهو الأمر الذي تجاهله الفيلم أيضا.
ولتأكيد وجهة نظره استشهد الكاتب البريطاني بالفيلم الفرنسي الذي صدر باسم "أيام المجد"، وكان يشيد بشجاعة الجنود الجزائريين المسلمين، الذين قاتلوا ضد النازية بعد هبوط الحلفاء في جنوب فرنسا، بل وتطرقت أحداثه لعرض عنصرية رفقائهم الفرنسيين البيض ضدهم.
ومن أبرز مشاهد فيلم "أيام المجد" التي أشاد بها النقاد، ذلك المشهد الذي يظهر فيه جندي من شمال إفريقيا يسقط جريحا، ويبدأ في تلاوة القرآن الكريم قبل أن يأتي جندي ألماني نازي ويعدمه.
وشدد فيسك الذي قضى 40 عاما من عمره المهني في الشرق الأوسط، على أنه يجب تصوير القصة الحقيقية لما جرى للوحدات الجزائرية والمغربية في دراما مرعبة، حين قام الألمان بإلقاء اللحم النيئ بأقفاص السجن التي أسروا فيها، ليحاربوا من أجل الطعام ويمزقوا اللحم إلى قطع مثل الحيوانات.
واتفقت معه في الرأي الكاتبة سوني سينج، التي اتهمت الفيلم في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، بأنه يزيف التاريخ بمحاولته محو وجود قوات من الهند والجزائر الثائرة في تلك العملية، مؤكدة أن الفيلم يتجاهل حقيقة أنه بحلول عام 1938 كان العدد الأكبر من أفراد طواقم السفن التجارية البريطانية التي شاركت في عمليات إجلاء الجنود من جنوب آسيا وشرق إفريقيا. ولفتت الكاتبة إلى أن محاولات الفيلم تغيير الرواية التاريخية وتغليب ذوي البشرة البيضاء لم تقتصر على البريطانيين، بل شملت الجيش الفرنسي المنتشر في "دونكيرك"، وكان يضم جنودا بأعداد كبيرة من المغرب والجزائر وتونس والمستعمرات الأخرى.
وأشارت إلى أن الفيلم تناسى الأوامر العنصرية التي شهدتها قوات المستعمرات البريطانية والفرنسية في "دونكيرك"، حين تم التخلي عن الجنود الهنود في عملية الإخلاء ليواجهوا الموت على يد النازيين.
كما اتهمت مخرج الفيلم كريستوفر نولان، بأنه اختار أن يحذو حذو الحلفاء الأصليين في الحرب العالمية الثانية، الذين قاموا بتحرير أصحاب البشرة البيضاء فقط واصطحابهم إلى باريس، على الرغم من أن 65% من قوات الجيش الفرنسي الحر كانوا من غرب إفريقيا، وتحديدا من تونس والمغرب والجزائر.
واختتمت مقالها بطرح سؤال: "لماذا من الضروري نفسيا أن يتم إنقاذ القوات البريطانية البطولية من قبل البحارة البيض فقط؟ ما الذي يمكن أن يتغير إذا كان الرجال الشجعان الذين يقاتلون في "دونكيرك" يرتدون العمائم بدلا من الخوذ؟ وماذا سيتغير إذا عُرض بعض الجنود وهم يقومون بأداء الصلاة على الطريقة الإسلامية في الصحراء قبل أن يُقتلوا على يد قوات العدو؟!".
للإشارة، فإن الفيلم الذي حقق أعلى الإيرادات خلال الأسبوع الأول من عرضه، يتناول جانبا من الحرب العالمية الثانية عام 1940، وهي عملية الإجلاء الإعجازي لجنود الحلفاء من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا، بعد أن حاصرهم الجيش الألماني في شواطئ "دونكيرك" الفرنسية.
وتُعد عملية "دونكيرك" أكبر عمليات الإخلاء والإنقاذ التي شهدها تاريخ البشرية في وقت الحروب، وقد وقعت إبان الحرب العالمية الثانية سنة 1940 بين دول الحلفاء وألمانيا النازية، واستمرت لمدة أسبوع من 26 ماي إلى 4 جوان. وبلغ العدد الإجمالي لهؤلاء الجنود الذين تم إجلاؤهم نحو 192 ألف جندي بريطاني و140 ألف جندي من فرنسا، وبلجيكا، وكندا، وبولندا وهولندا. ويُعتبر فشل القوات النازية الألمانية في أسر هذه القوات نقطة تحوّل مهمة في مسار الحرب العالمية الثانية.
للإشارة، فإن "دونكيرك" فيلم حربي من إخراج وكتابة وإنتاج كريستوفر نولان، ومن بطولة فيون وايتهيد وتوم غلين كارني وجاك لودين وهاري ستايلز وانيورين بارنارد وجيمس دارسي وباري وغيرهم.
الفيلم إنتاج دولي مشترك بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وهولندا، وقامت وارنر بروس بتوزيعه.
صدر الفيلم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في 21 جويلية 2017، وصدر في الشرق الأوسط بتاريخ 27 من نفس الشهر.