تواصل معرض الفنانة الرّسامة ليندة البونابي
فيض من النور وآخر من الألوان في لوحات مزهرة
- 279
لطيفة داريب
فيض هائل من الألوان يغمر لوحات الفنانة الرسّامة ليندة البونابي التي عرضتها في رواق "عائشة حداد" إلى غاية السادس من ديسمبر الجاري، بشعار "عجائب الجزائر".
اختارت الفنانة الرّسامة ليندة البونابي، تسليط الضوء على جمال المدن الجزائرية، ومعالمها وطبيعتها في البلد القارة الذي أبهر كلّ من زاره، من خلال لوحات عُرضت برواق "عائشة حداد"، من بينها لوحة غرداية، التي وضعت فيها الفنانة لمستها الخاصة من خلال رسمها سماء ليلية تتخلّلها نقاط مضيئة رمز للنجوم، بغية تبيان جمال بنيان هذه المدينة في الليل. وبالمقابل، رسمت في هذا العمل مجموعة من النساء يرتدين الحايك وهن يتجوّلن في المدينة، فهل يتجوّلن فعلا في المدينة ليلا؟ أكيد لا، لكن الفن يمكنه أن يجعل من المستحيل.. ممكنا. وغير بعيد عن غرداية، نجد بسكرة، وتحديدا طولقة التي ابتغت الفنانة التعبير عنها برسم نخلة عملاقة تتدلى من عراجينها فاكهة التمر، وكأنّها مصابيح معلّقة في أعمدة باسقة.
ودائما مع الصحراء، وهذه المرة مع تمنراست بمناظرها الطبيعية، وواحاتها، وقافلاتها، وجبالها، وبالأخصّ شمسها الساطعة. فهذه المدينة الساحرة تُعرف، أيضا، بأجمل غروب شمس في منطقة أسكرام؛ حيث تستقطب السيّاح سواء من الجزائر أو من الخارج لمشاهدة هذا المنظر البهيّ الذي لا شبيه له في العالم، بينما رسمت ليندة مدينة تيميمون، وأضفت على رمالها الكثير من الإضاءة، فظهرت بشكل مذهَّب إلى درجة كبيرة، لنغادر الجنوب الجزائري ونتّجه نحو الغرب، وبالضبط الى وهران الساحرّة، التي يعانق بحرها أشجارها وببنيانها الذي يرمز إلى الجانب العصري لهذه المدينة، التي ارتأت ليندة أن ترسمها ليلا أيضا، وأنارتها بالنجوم، وزبد البحر. كما رسمت “كاب إيفي” بمستغانم التي تُعدّ بمنارتها، من أهم المعالم السياحية لمستغانم. بُنيت في العصر الروماني؛ أي قبل 2000سنة. وتم تسجيلها كموقع ثقافي وأثري عام 1982. ولبومرداس أيضا نصيب من أعمال ليندة البونابي التي رسمت في لوحتها هذه، شرفة نطلّ من خلالها على بحر بومرداس، المدينة الساحلية التي يلجأ إليها الكثيرون في فصل الصيف؛ هربا من الحرّ، وتنعُّما بلطافة جوّها، وانتعاش بحارها.
ولمدينة تيقزيرت بتيزي وزو أيضا مكان في لوحات ليندة، التي رسمتها ليلا، من خلال مركب بشراع يعود إلى اليابسة بعد نزهة أو عملية صيد، بينما رسمت في لوحتها عن مدينة رايس حميدو، مركبا أكبر بتفاصيل أدقّ؛ وكأنّه يتصارع مع الأمواج التي استيقظت من سباتها ليلا، فلم يرق لها وجود الإنسان في باطنها، يعكرّ عزلتها، ويزعج خلوتها، لتقرّر تخويفه علّه يتّعظ. كما رسمت ليندة البونابي لوحة عن القصبة، وتحديدا عن بابها الفخم الذي يخفي خلفه الكثير من الأسرار. لوحة أخرى وهذه المرة عن حديقة التجارب بالحامة، التي رسمتها مخضرّة، حتى مياه نافورتها لوّنتها بالأخضر.
ولم تقف التشكيلية عند رسمها للمدن، بل رسمت، أيضا، بورتريهات نساء جزائريات، من بينها لوحة عن الكاهنة ملكة الأوراس، دقّقت في رسم ملامح وجهها، وحتى الحلّي التي تضعها على رأسها، وأذنيها، ورقبتها. كما رسمت لوحة عن الجمال الجزائري في رسمة لامرأة شعرها أسود فاحم، ترتدي الزيّ التقليدي. وغير بعيد عنها نجد المرأة القبائلية التي تضع الجرة على كتفها.
لوحات أخرى عن نساء أخريات مثل لوحة "أمل مريم" التي رسمت فيها شابة جميلة تقف قبالة اللوحة وترفع يديها؛ ربما دعاء وتضرعا أن يلبي الخالق أمانيها. أما لوحة "فيالة ومريم..فراق" ، فرسمت فيها امرأتين تجلسان ملتصقتين بظهرهما؛ فهل هو الفراق الأبدي؟. كما تعرض ليندة البونابي لوحات أخرى عن عالمها الذي وضعت فيه شيئا من الطفولة والكثير من السحر والجمال.. عالم تغمره أشعة الشمس الساطعة، وهدوء ليلها الناعم، وجمال نسائها.