المجاهد جيلالي لغيمة يقدّم كتابه ويصرح:

فيديرالية فرنسا لم تأخذ حقها من الاعتراف

فيديرالية فرنسا لم تأخذ حقها من الاعتراف
  • القراءات: 899
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

قال المجاهد وعضو فيديرالية فرنسا السيد جيلالي لغيمة، إن أوائل المهاجرين الجزائريين الذين قصدوا فرنسا وكانوا نواة المقاومة ضد المحتل الفرنسي في عقر داره، هم أحفاد المناضلين، الذين قاوموا رفقة المقراني، وسقط أغلبهم سنة 1871، مضيفا أن الانتقام طبق يؤكل باردا.

قدّم المجاهد جيلالي لغيمة كتابه "الهجرة في الثورة الجزائرية، مسار وشهادات"، أول أمس بمقر دار النشر "شهاب"، تناول فيه تفاصيل تتعلق بالمقاومة الجزائرية على أرض فرنسا، وهذا في 226 صفحة، مؤكدا في السياق نفسه، مساهمة مجاهدي فيدرالية فرنسا الكبيرة جدا في نيل الاستقلال، خاصة من ناحية تمويل الثورة، حيث وصلت نسبته إلى 80 بالمئة.

واعتبر المتحدث أن أغلب الجزائريين الذين هاجروا إلى فرنسا فعلوا ذلك بسبب المجاعة التي عانوا منها كثيرا على أرض البلد، وبالأخص خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، مضيفا أن عدد المهاجرين قبل الحرب العالمية الأولى كان 190 ألفا، جندت فرنسا منهم 170 ألفا للمشاركة في الحرب، والبقية وظفتهم في المصانع. وأضاف المتحدث أن المهاجرين الأوائل إلى فرنسا هم أحفاد من قاموا بثورة المقراني وتعرضوا لضيم شديد، ليشكلوا أول نواة للمقاومة في عقر دار فرنسا، مشيرا إلى أن فرنسا فتحت باب الهجرة على مصراعيه أمام الجزائريين ابتداء من سنة 1949، بينما انطلقت الهجرة إليها في سنة 1909.

وتطرق المجاهد الذي وُلد سنة 1931، لطفولته الصعبة في منطقة الصومعة بالقبائل، وصعوبة ظروف المعيشة في تلك القرية وفي كل القرى والمداشر الجزائرية؛ حيث الأكل الشحيح والفقر المدقع. كما ذكر اتصالاته الأولى ببعض مناضلي حركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1947، حينما قام مصالي الحاج بجولة في المنطقة.

وانتقل جيلالي إلى فرنسا سنة 1951، ومكث فيها 11 سنة، واشتغل في صناعة الحديد في مصنع بمنطقة نانتار. وانضم إلى صفوف النقابة المعروفة (الكنفدرالية العامة للعمل)، وعاش في باريس لمدة 11سنة، حيث احتك بأقرانه، وعاشوا جميعا ظروفا ليست باليسيرة، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الالتحاق بصفوف الثورة، والمساهمة في الكفاح الجزائري.

وعبّر جيلالي عن حيرته رفقة المناضلين الآخرين في الالتحاق بجبهة التحرير الوطني أم بصفوف حزب مصالي الحاج (الحركة الوطنية الجزائرية)، وهذا بعد الانقسام المرير الذي حدث في صفوف حركة انتصار الحريات الديمقراطية، إلا أن أغلبهم سرعان ما اختاروا الانضمام إلى الجبهة بعد تلقيهم أمرا من الجزائر العاصمة، يطالبهم بذلك، كما ساعدهم في اختيار الجبهة تحقيقها مبتغاها بتنظيم إضراب ثمانية أيام، (28 جانفي إلى 4 فيفري)، في حين طالب مصالي بإضراب يوم واحد.

وتغلغل لغيمة في ذكر تفاصيل الأزمة التي ألمت بحركة انتصار الحريات الديمقراطية في صيف 1954. كما ذكر المحاولتين الراميتين إلى التقريب بين الجبهة ومصالي بمبادرة من بوضياف وبن بولعيد، إلا أنهما باءتا بالفشل، لينتقل إلى الحصيلة القاتلة، التي أسفرت عن الصراع الدموي بين مناضلي الجبهة والتابعين لمصالي، والتي أدت إلى مقتل 4500  شخص وحوالي 900 جريح. واعتبر لغيمة أن مصالي هو البادئ في عملية الاقتتال، ولهذا كان من الطبيعي أن ترد الجبهة عليه. كما تحدّث عن طلب مصالي أن يكون أمينا عاما مدى الحياة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، وهو ما رفضه بعض المنتسبين إلى هذه الحركة، وسبب تصدعا بينهم. وذكر محاولته تغيير توجه صديقه المؤيد لمصالي، إلا أن صديقه المدعو ابراهيم، قال له إنه من المستحيل أن يتبرأ من الجذع وينتسب إلى الفروع. وفي هذا السياق أكد لغيمة أن من اتبع مصالي كان أيضا مناضلا محبا للجزائر، إلا أنه أخطأ في خياره هذا، لأن مصالي كان لا يرى إلا نفسه، وكان يعتقد أنه هو من كان عليه أن يطلق الثورة وليس شباب كان يراهم مغمورين.

وفي إطار آخر، ذكر لغيمة رغبته في حضور المحاضرة التي كان سيلقيها وزير الشؤون الخارجية المصري بباريس رفقة 15 ألف جزائري، تعرضوا جميعهم للقبض من طرف أعوان الشرطة الفرنسية، التي منعت تنظيم المحاضرة، واقتيدوا إلى معسكرات، وتم إطلاق سراحهم فيما بعد. كما تحدث عن سجنه بفرنسا، وكيف تعلم الكثير من هذه الفترة العصيبة.

بالمقابل، تناول المتحدث الطريقة اللوجستية لتنظيم فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، إضافة إلى قضية جمع وتأمين ونقل الأموال الناتجة عن اشتراكات العمال الجزائريين بفرنسا، للمشاركة في النضال من أجل الاستقلال، مضيفا أنه كان مسؤولا في حركة انتصار الحريات الديمقراطية.

كما قدّم أرقاما متعلقة بنضال أعضاء الفيديرالية بفرنسا، مثل انتماء 150 ألف رجل وامرأة تحت لوائها، واستشهاد أكثر من 3 آلاف شهيد، وحوالي  30 ألفا زُج بهم في السجون والمحتشدات. وأشار لغيمة إلى دعم بعض الفرنسيين الثورة ، والمتمثلين في المثقفين الفرنسيين، وبالأخص من مسيحيّي اليسار وشيوعيين وتابعين للفكر التروتسكي وأعضاء من النقابة.

أما عن الاعتراف بدور فيدرالية فرنسا في نيل الاستقلال، فقال جيلالي إن المسؤولين الجزائريين لم يثمنوا هذا الدور الكبير. والكثير من مجاهدي الفيدرالية لم ينالوا حقوقهم، مضيفا: "لو تم احترام ميثاق طرابلس وفي نفس الوقت عدم التناحر بين أصحاب القرارات مباشرة بعد الاستقلال، لكانت الجزائر بلدا قويا، خاصة أنه يزخر بالثروات الطبيعية، وما ينقصه هو التسيير المحكم".