الروائي فيصل الأحمر لـ»المساء»:

في سيرتي شبه الذاتية، طفولة غائبة ومشاهد شاهدة على حياتي

في سيرتي شبه الذاتية، طفولة غائبة ومشاهد شاهدة على حياتي
الروائي فيصل الأحمر
  • القراءات: 1020
❊ لطيفة داريب ❊ لطيفة داريب

هل يستطيع المرء أن يعيش حياته بكلّ عمقها وتفاصيلها وهو لا يتذكّر شيئا عن أولى خطواته في هذه الحياة، ولا حتى ذكرى واحدة عن طفولة لا يدري إن كانت سعيدة أم تعيسة، فارغة أم مليئة بالتجارب؟، نعم يمكن ذلك والدليل ما كتبه الروائي فيصل الأحمر في إصداره الأخير «خزانة الأسرار»، والمتمثل في بعض المحطات من حياته، والتي لا تضم الثماني سنوات الأولى منها، حسبما صرح به لـ»المساء».

كشف الروائي والدكتور فيصل الأحمر لـ»المساء»، عن موضوع كتابه الذي صدر حديثا عن دار «الماهر»، والمشارك به في فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، فقال إنه عبارة عن سيرة ذاتية انتقائية، أي أنّه لم يكتب قصة حياته من بدايتها إلى اللحظة، بل اختار مجموعة من المشاهد والانطباعات وسردها في كتابه هذا، وأضاف الناقد أنه كتب عن طفولة ضائعة، إذ أنه لا يتذكر الثماني السنوات الأولى من حياته، وكأنها اندثرت تماما ولم تعد لها أيّ قائمة، ففي سيرته هذه الكثير من الثقوب، والكثير من الحكايا والحكايا.

وأشار أيضا إلى كتابته عن حياة كاتب يتكوّن، وعن أشخاص تعرف عليهم في حياته وتأثّر بهم، إضافة إلى طريقته في القراءة وفي الكتابة أيضا، مضيفا أنه كتب كذلك عن صورة الجزائري في الثمانينيات، وعن العديد من المشاهد التي شاهدها وأخرى وصلت إليه عن طريق الرواية من المحيط المباشر.

بالمقابل، ذكر الأحمر أنّ «خزانة الأسرار» سيرة يغلب عليها الطابع الأدبي وتتشكّل من أربعة أقسام، لكلّ قسم نصوصه الأدبية ذات الطابع السيري، من بينها نص بعنوان «قهواتي»، تكلم فيه الكاتب عن مشاهد كثيرة من الحياة مرتبطة بالمقاهي مثل الكتابة في المقاهي، قهوة الجد، الروائح الأولى وغيرها.

وأضاف أنه كتب أيضا نصا آخر عن الرائحة وآخر عن الخرائط، لينتقل إلى أهم ما يميّز سيرته الفريدة من نوعها، وهو احتواؤها على «موتيف» ، مثل الرسمة أو الزركشة التي تتكرر في قطعة قماش، محافظة على تميّزها، وفي هذا قال «في الكتابة هناك الكثير من (موتيف) التي تحرك هذه السيرة، وقد اعتمدت عيها، بدلا من ترتيب الأحداث بشكل خطي ينطلق من الطفولة وينتهي به الأمر إلى زمننا هذا، وفي هذا السياق، هناك نص مهم وطويل، بعنوان «اذكر» وهو عبارة عن مجموعة من الذكريات تأتي بالطريقة التي يعمل بها الدماغ، حيث تحضر الفلاشات بطريقة غير نظامية تماما، ربما حلاوتها في ذلك، أي في القفز غير النسقي، وهو القفز من موضوع إلى موضوع بطريقة لذيذة جدا ولو أنها لا تخضع لأي نسق واضح».

كما أكّد المتحدّث، أنّ أهم ما يوجد في الكتاب لذتان الأولى متعلقة بلذة الكتابة حول الذات والمتعلقة بمحاولة فهم الإنسان لنفسه عن طريق فعل الكتابة، والثانية مرتبطة بلذة الكتابة أصلا، من خلال الذكريات التي تضم أيضا إيحاءات عن الكتب والسينما، مضيفا أن كتابه هذا مليء جدا بالكلام عن الأفلام والممثلين.

للإشارة، كتبت الدكتورة وسيلة بوسيس، زوجة الدكتور فيصل الأحمر مقدمة السيرة «شبه» الذاتية للناقد بعنوان «مفاتيح تقريبية لخزانة الأسرار»، وكتبت «أصدر الأستاذ فصل الأحمر قرابة العشرين كتابا إلى غاية اليوم، وقد أبدى استغرابا كبيرا من أنني لم أخط له أية مقدّمة لأيّ من هذه الكتب الكثيرة، وقد أصرّ على أن أخط له هذه الأسطر عتبة لكتابه السيرذاتي هذا كانت فكرتي انه ربما يحسن أن يخط هذه المقدمة غيري بسبب قربي من الموضوع وكوني جزءا من هذه السيرة. ولكنه أصر، وسيعرف كل من دخل سيرته الذاتية وخرج آمنا كم أنه عنيد صلب الرأي متصلب الإرادة».

وكتبت أيضا «ستكون السيرة الذاتية ـ في نهاية الأمر ـ هي النقطة العمياء والصماء لهذه الأناشيد الراسخة والعنيدة التي نبني من خلال ترديدها هيكل الذات، النفس، قلعة الأنا. وسط التردد والدهشة والنسيان والعجز عن اليقين. هيكل قد لا يفيدنا كثيرا بناؤه التام النهائي؛ بقدر ما نكون ككل عالم آثار يحترم مهنته، منشغلين بالتفاصيل وبلبنات بناء السيرة الذاتية وتفاصيلها»، وأضافت «سيرة تتسمى باسم صاحبها وتبنى على نصوص مكتوبة بجمالية عالية تبدو أنّها تتحدّث عن المقاهي، المخطوطات، النساء، الأصدقاء، السينما، الموسيقى، ولكنها سيرة تدوّن أشياء مهربة من النسيان بامتياز لبلاد ولزمن ولتاريخ جماعي بقدر ما هو شخصي.. سيرة تتعامل مع المكان والزمان مثلما تتعامل اللغة مع المجاز».