"سفير الطرب"

فرقة الفنانين.. شهداء الثورة

فرقة الفنانين.. شهداء الثورة
  • القراءات: 710
ق. ث ق. ث

أنشئت الفرقة الموسيقية التاريخية علي معاشي "سفير الطرب"، رمز النضال من أجل القضية الوطنية، والتي سقط بعض موسيقيوها في ميدان الشرف، لتأكيد مبدأ الاختلاف الثقافي في ظرف استعماري بالغ القساوة. وعلى غرار عديد الفرق الموسيقية الجزائرية، التي التزمت خلال ثورة التحرير الوطني، بإبراز الإيقاعات والطبوع الجزائرية، فإن الموسيقيين في فرقة "سفير الطرب"، التي تم إنشاؤها مطلع سنوات 1950، تخصصوا في أداء الأغاني الجديدة لعلي معاشي، المنادي بجزائر جزائرية مستقلة وذات سيادة.

بعد بث العديد من الأعمال الجديدة على أمواج إذاعة الجزائر، تشيد بالوطن، سجلت الفرقة الموسيقية في سنة 1956، أغنية "أنغام الجزائر"، إحدى الروائع الخالدة لعلي معاشي، الذي سيكرس نضاله الفني ونضال أعضاء فرقته، وتضمنت أغاني وألحان عمل "أنغام الجزائر"، مدتها 15 دقيقة، وأعيد إحياؤها بعد الاستقلال بفضل نورة والشريف قرطبي، أهم الطبوع التي تميز التراث الموسيقي الجزائري، بالتالي التأكيد بحزم وبشكل قاطع على "إنكار جميع المحاولات الاستعمارية، لطمس الشخصية والخصائص الثقافية للجزائريين".

من بين المهام العديدة التي اضطلعت بها فرقة "سفير الطرب"، تلك المتمثلة في الغناء في بداية ونهاية كل تجمع شعبي تحسيسي، من أجل استقطاب جموع الجماهير وحماية الخطباء الذين غالبا ما يكونون موضوع مذكرات توقيف. وبعد اندلاع الثورة التحريرية، التحق أعضاء فرقة "سفير الطرب" ومديرها الفني بالكفاح المسلح، ضمن "شبكة جيش التحرير الوطني وجبهة التحرير الوطني"، ومن بينهم مختار عكاشة (1930-1958) والعربي هاشمي ولد الكرد (1934-1959) اللذين سقطا في ميدان الشرف.

أما مصطفى بلعربي (1933-1994)، عازف الكمان في الفرقة، فقد اعتقل سنة 1957 من قبل جيش الاحتلال الفرنسي، وتعرض لأبشع أنواع التعذيب، فيما التحق بالثورة كل من العازف زكري مولاي (1939-2005) ومكي بن عودة، وكذا مصطفى عبد السلام (توفي سنة 2022).    

ومن بين الأعمال العديدة التي أبدعها علي معاشي، سجلتها وأدتها فرقة "سفير الطرب"، نجد هناك "البابور" و"تحت سماء الجزائر" و"يا داك اليوم كي نتفكرك ما ننساهش" و"يا سلام على البنات" و"الصيف وصل" و"مازال عليك نخمم و"وصاية القمري".تعبر فرقة "سفير الطرب" بشكل عميق، عن خصوصية الشخصية الوطنية وفخرها بالانتماء للوطن، أما الأعمال التي تؤديها، فتعبر عن حب الوطن وأمل وإرادة الشعب في الثبات في وقت حاسم من تاريخه المجيد، الذي زادته الثورة التحريرية زخما أكثر. وبعد اكتشاف أسلحة ومتفجرات في منازلهم، قام جنود جيش الاحتلال الفرنسي باختطاف علي معاشي واثنين من رفاقه، من بينهم محمد جهلان، وتعرضا لتعذيب شديد، ليتم إعدامهم يوم 8 جوان 1958، وعرض جثامين الشهداء في الساحة العمومية لمدينة تيارت.