خمسينية تأسيس متحف السينما

فرصة لإعادة بناء الذاكرة السينمائية الجزائرية

فرصة لإعادة بناء الذاكرة السينمائية الجزائرية �
  • القراءات: 892
مريم. ن � مريم. ن

نظّم المركز الجزائري للسينما والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أمس، بسينماتيك الجزائر، ندوة صحفية للحديث عن برنامج التحضيرات الخاصة بالاحتفالات المخلّدة لمرور 50 سنة على تأسيس متحف السينما الجزائرية، الذي يعدّ ثاني أكبر متحف سينما في العالم، وأراد المنظّمون استغلال  هذه التحضيرات لإعادة بناء الذاكرة السينمائية الجزائرية لما بعد الاستقلال، وتحمل التظاهرة التي تمتد فعالياتها من 9 ماي الجاري إلى غاية 9 جويلية المقبل، شعار "أسطورة نشأة السينماتيك الجزائرية"، وسيكون الافتتاح بالمتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر "ماماك" بالعاصمة.

نشّط الندوة إلياس سميان، مدير متحف السينما، أحمد بجاوي، المحافظ العام للتظاهرة وإلياس مزياني المشرف على المعرض ونائب المحافظ، وفي هذا السياق، أشار السيد سميان، إلى أنّ التظاهرة بمثابة تأريخ للسينما الجزائرية، أما السيد بجاوي، فأعطى نبذة تاريخية عن هذا الصرح الذي ذاع صيته عبر العالم، إذ أنه في فترة الستينيات والسبعينيات كان من لا يعرف سينماتيك الجزائر فلا علاقة له بالسينما لذلك كان مشاهير الفن يتسابقون للسينماتيك وبذلك أصبح رقم 2 في العالم بعد سينماتيك العاصمة باريس.

وأكّد المتحدث أنّ الاهتمام بالسينما والصورة بدأ منذ الحكومة المؤقتة خاصة مع الراحل امحمد اليزيد، المكلّف بالإعلام والدعاية، حيث استعان بأسماء لها ثقلها والتزامها اتجاه الثورة وعلى رأسها الراحل محيي الدين موساوي، إضافة إلى شولي وسارج ميشال، وضمن هذه الاستراتيجية الخاصة بالاتصال تم جمع آلاف الصور بعضها تصدّرت أشهر الصحف العالمية كالتايمز مثلا، كذلك الحال بالنسبة للأفلام التسجيلية التي أنجزها جزائريون وآخرون أجانب، وكل هذا الإنتاج دخل الجزائر سنة 1962 بفضل الحكومة المؤقتة، ودخل معه السينمائيون الأجانب الذين دافعوا عن الثورة، ليفكّر الراحل موساوي، في تأسيس سينماتيك الجزائر الذي كان قبلها ناديا للسينما، وكان أوّل من ترأسها أحمد حسين، إلى غاية سنة 1979، ليبدأ النشاط في 23 جانفي 1965، وهكذا عرفت السينماتيك شهرتها المطلقة بين سنوات 65 و69، حيث أغلقت من أجل الترميم والتجهيز ثم أعيد فتحها، وهنا ذكر منشطو الندوة أنه كان هناك 11 ألف نسخة لم يتبق منها إلا حوالي 200 مما يشكل تهديدا لذاكرتنا السينمائية الوطنية.

من جهته، أكّد السيد إلياس مزياني، على أنّ رحلة البحث عن هذا الأرشيف كانت جد شاقة بحيث وجد مبعثرا في كل جهة داخل وخارج الوطن، كما تمّ الاتصال بهواة جمع الوثائق والأفلام كانت منهم جمعيات ومخرجون وإعلاميون مرموقون، بعضهم مقيم بالضفة الأخرى والبعض الآخر أجانب اشتروا بعض ملصقات الأفلام مثلا لم يرها الجمهور أبدا، كذلك الحال بالنسبة للأفلام وكان الجميع متعاونا ومستعدا للمساهمة في بناء هذه الذاكرة الوطنية، وعلى سبيل المثال أشار المتحدث إلى أنّ ملصقة فيلم "حسان طيرو" الأصلية مفقودة ولا توجد إلا واحدة اشتريت بفرنسا، وهناك ملصقة وحيدة أصلية لفيلم "العفيون والعصا" موجودة عند أحمد راشدي. ذكر بجاوي، أيضا أنّ السينماتيك كانت انطلاقة لأسماء سينمائية معروفة منها الراحل يوسف شاهين، الذي غيّر الصورة النمطية للسينما المصرية العالقة بالذهنية الجزائرية حينها، أي أنّها مرتبطة بالغناء ورقص سامية جمال، ليكتشف العجب في فيلم "باب الحديد" ثم غيرها من الأفلام، وكل تراث شاهين حفظ بالسينماتيك ثم نقل إلى سينماتيك باريس ومنه إلى اليونسكو، عرفت السينماتيك أيضا روائع السينما الأمريكية التي حضر صنّاعها الجزائر وكذلك السوفياتية والهندية والكوبية وغيرها كثير ضمن دورات بلغت الـ23 دورة سينمائية، وهنا يذكر أنّ بعض السينمائيين العالميين فتنوا بالجزائر، ومكث بعضهم شهرا كاملا وكانت له علاقات حميمية مع أبناء القصبة.

بدعابة راح بعض الحضور يذكرّون بجاوي، بموعد زواجه في هذه الفترة بالسينماتيك وكيف كان سينمائيون شهودا على زواجه منهم الراحل شاهين وهنا شهد بالفضل لزوجته المساهمة في حفظ هذه الذاكرة والتحضير للمعرض. بالمناسبة، أيضا سيتم استقبال ضيوف من الحجم الثقيل سينمائيا منهم قوستا غافراس، من سينماتيك باريس، وهنا قال بجاوي "نحن لا نستقبل إلاّ أصدقاء الجزائر"، كما سيتم استقبال جون ميشال أرنوف (80 سنة) الذي ساهم في ذاكرة السينماتيك، وكذا مدير مركز الإذاعة والتلفزيون التابعة لليونسكو وتحضر أيضا السيدة مديرة المركز الوطني لحفظ الأفلام بفرنسا، وهي ابنة فرانسوا هولي صديق الجزائر، وغيرهم من الضيوف الذين سيجتمعون لإطلاق فكرة مشروع حفظ التراث السينمائي الجزائري، علما أن بعضهم وصل منذ أيام وله جولة عبر الوطن.

أشار المنظمون أيضا إلى أنّ المعرض سينتقل ابتداء من الفاتح سبتمبر إلى قسنطينة ليمكث بتظاهرتها شهرين ثم ينتقل بعدها إلى المركز الثقافي الجزائري بباريس بطلب من سفيرنا هناك، كما تعرض في هذه الفعالية أفلام لأول مرة منها فيلم "صوت الشعب" المنتج سنة 61، من قبل الحكومة المؤقتة وذلك بطبعة عربية وإنجليزية؛ وسيعرض سيناريو فيلم شندرلي "بنادق الحرية"، إضافة لتكريمات عديدة للراحلين كويرات والعسكري وروجي حنين وآسيا جبار، كما ستطلق جائزة السينماتيك الخاصة بأحسن فيلم روائي طويل، وسيتم أيضا نقل جزء من الفعالية إلى وهران بمناسبة مهرجان الفيلم العربي.

ليتم التأكيد على أن التحضيرات أخذت وقتها وتجاوزت تاريخ 23 جانفي، كي يتم تجميع مادة ثرية يستهدف بها جيل اليوم الذي لم يشهد تلك المرحلة في الستينيات.

علما أنه سيتم برمجة دورة أخرى لفترة السبعينيات وغيرها.

للإشارة، سيتم إقامة المعرض الضخم بالماماك وستكون به أشياء تعرض لأول مرة في العالم بما في ذلك أرشيف وصور سينمائيين عالميين، أمّا عروض الأفلام فستكون يوميا بالسينماتيك بمعدل 3 حصص في اليوم.