حين تُنصتُ الروحُ إلى صمتها
غوصٌ في التجربة الإنسانية للكاتبة مريم أكرون
- 154
سميرة عوام
قدّمت المكتبةُ الرئيسية للمطالعة العمومية بولاية عنابة، أوّل أمس، نور امرأةٍ تُمسك بالقلم كما لو أنه جهازُ تنفّسها الثاني. واحتفت بالكاتبة مريم أكرون في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، ليس لمجرّد الاحتفاء بموهبة، بل للاحتفاء بروحٍ تكتب لتقاوم، وتقاوم لتستمر، وتستمر لتمنح العالم صفحةً إضافية من الأمل.
في بداية اللقاء، تعرّف الحضور إلى محطّات مسار الكاتبة، حيث تتجاور أوجاع الجسد مع شغف الروح، وتتحوّل متاعبها الصحية إلى مساحةٍ صامتة تنضج فيها الكلمات وتخرج أكثر نقاء. المعاناةُ عند مريم ليست قيدًا، بل مرآةٌ ترى فيها ذاتها بعمق، وتترجمها كتابةً تُدهش من يقرأها. كما عرض فيلمٌ قصير يغوص في رحلتها الأدبية، ويلتقط صمتها كما يلتقط ابتسامتها، ويتتبّع الخطوات التي مشتها رغم عجز الجسد عن مواكبة اتّساع الرغبة في الحياة. يظهر في الفيلم أنّها لا تحتمل الألم فحسب، بل تُروّضه، وتحوّله إلى نصّ يصعد بالدنيا درجةً نحو الإنسانية.
من جهتها قدم أخصائي العلاج الطبيعي، السيد حامية عمار، مداخلةً تُضيء الجانب المحجوب من المشهد: الجهد اليومي الذي تبذله الكاتبة كي تقف، كي تكتب، كي تستمر. أمّا الأستاذ المحامي خالد بوكَتاب، فجاء من زاوية الحقوق ليؤكّد أنّ صوت مريم ليس صوت كاتبة فقط، بل صوت فئةٍ بأكملها تبحث عن فضاءٍ يُنصت إليها بلا شفقة ولا تهميش.