للكاتبة أميرة حساني

"غريب في مارسيليا".. تجربة إنسانية مليئة بالألم والمعاناة

"غريب في مارسيليا".. تجربة إنسانية مليئة بالألم والمعاناة
  • القراءات: 693
ق.ث ق.ث

تقدم الروائية أميرة حساني في أولى أعمالها الروائية "غريب في مارسيليا"، الصادرة مؤخرا، تجربة إنسانية مليئة بالألم والمعاناة، في متاهات اجتماعية ونفسية متعددة، على مدار فترات مختلفة من هذه الرحلة الإنسانية المتعبةتغوص الرواية الصادرة باللغة العربية عن دار "القصبة" للنشر، والتي تندرج ضمن خانة الأدب الواقعي، وبحساسية غائرة، في تفاصيل حياة بطل العمل، أحمد، شاب حالم ينحدر من عائلة فقيرة من الريف الجزائري، يعيش صراعات نفسية وترسبات اجتماعية، ولدت من رحم وتداعيات فترة الاستعمار، لتتحول تدريجيا إلى نزاعات عائلية قاهرة، تدفعه لمغادرة القرية إلى الجزائر العاصمة، حيث يتعود على حياة المدن وسرعة الحركة والضجيج، ومنها إلى مارسيليا الفرنسية.

تدور وقائع الروايةتقع في 174 صفحةخلال فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت تتطرق الكاتبة إلى الهجرة كتجربة شخصية فحسب، لم تتطور إلى الظاهرة العالمية المعروفة اليوم، فيدخل القارئ في مغامرة إنسانية فريدة للشاب أحمد، الذي اختار العزلة كحل للهروب من مشاكله الاجتماعية والعائلية، وخبأت له الأقدار مجددا حزمة من الآلام، غريبا وحيدا بمدينة مارسيليا، ممتهنا الصيد في مينائها بالصدفة، بعد أن كان يمارس حرفة النجارةتتوالى وقائع الرواية في سرد مشوق، حيث يقرر الشاب، رغم إحساسه بالذل والإهانة في باخرة الصيد، كونه أجنبي ولا يحسن المهنة، أن "يضمد جراحه بحفنة ملح وتعلم أصول مهنته الجديدة"، وهو لم يكن يتوقع يوما ترك المطرقة والخشب، مؤمنا بأن هذا العمل وهذا التغيير بمثابة بداية جديدة.

وفي رحلة التغيير، يقرر أحمد العمل لتحقيق أول أهدافه في حياته الجديدة، فضلا عن التخلص من هموم الماضي، بالتمكن من مهنة الصيد واقتناء قاربه الخاص، غير أن العمل بمفرده في سواحل مارسيليا يعيده إلى ذكريات عائلية مؤلمة على متن "قاربه الأزرق"، ولن يخرج من دوامة الماضي، إلا بعد تعرفه على فتاة لبنانية، ليلى، جمعت بينهما ظروف صعبةيعتزم أحمد طي كتاب العزوبية والآلام الدفينة سنة 1983، إلا أن العنف الإرهابي سيغير مجرى حياته، بعد وفاة ليلى في عملية إرهابية دموية في القطار الذي كانا على متنه في فرنسا.

وقد تمكنت الروائية الشابة أميرة حساني في أول عمل روائي لها، من إبراز موهبتها في الكتابة، ونسج نص مميز ناعم وعميق، اعتمادا على قاموس لغوي بسيط وصور بلاغية جميلة، تعكس شحنات عاطفية وجماليات، فضلا على بناء شخوص تتحرك في فضاء زماني يعج بالأحداث المتداخلةللإشارة، أميرة فاطمة الزهراء حساني، من مواليد عام 1997 بالعاصمة، حاصلة على شهادة ماستر في اللغة الفرنسية، تخصص اللسانيات، من جامعة الجزائر "2"، فضلا عن شهادة تطبيقية في المحاسبة والمالية.