"الحايك أو المطالبة بالذات" بمتحف باردو

عودة إلى الأصالة

عودة إلى الأصالة
  • القراءات: 2437
 لطيفة داريب لطيفة داريب
الحايك، الملاية، أحولي، تغيسنت.. هي أسماء لأقمشة مخاطة بطريقة معيّنة، ارتدتها المرأة الجزائرية، وماتزال للسترة وترجمة تقاليد المنطقة التي تنحدر منها. وفي هذا السياق، يقدّم متحف باردو معرضا دائما عن الحايك وأخواته.
قدّم السيد الطيب سليم صابور (الدليل المتحفي) لـ "المساء"، بعض المعلومات المتعلقة بالمعرض. وفي هذا الصدد أوضح أنّ الحايك فرض نفسه بقوة ليكون موضوع معرض باردو في انتظار تنظيم معارض دائمة أخرى بعد فترة ترميم طويلة. وأضاف أنّ ارتداء الحايك أصبح مناسباتيا، لهذا كان من الضروري تنظيم معرض عنه، لينتقل بحديثه إلى الكشف عن بعض خبايا هذا اللباس من خلال الصور المعروضة بالمناسبة.
تحدّث الدليل المتحفي عن حايك سروال مدوّر، الذي ظهر في بداية القرن التاسع عشر، مشيرا إلى أنّ "العجار" (غطاء للأنف والفم) لم يظهر إلاّ في العهد العثماني؛ حيث كانت الجزائريات يرتدين الحايك بدون عجار، ليتوقّف صابور عند أكثر من صورة حول هذا الموضوع، مُظهرا في هذا السياق، بعض رموز المحروسة ومعالمها أيضا، مثل مئذنة مسجد سيدي عبد الله وحوانيته المتنوّعة وحي لالير، الذي منه ظهر المثل القائل: "حسبتي روحك كي بوبية حجوط"، وأصله وجود محل في هذا الحي لبيع الثياب لرجل اسمه "حجوط"، كان يضع الأثواب الجديدة على دمية للعرض.
وتناول المتحدث معنى ارتداء نساء غرداية حايك يسمى بـ "احولي"؛ حيث يغطين كامل أجسادهن إلاّ عينا واحدة، فإن كانت العين اليمنى فهذا يعني أنّ المرأة متزوجة، وإن كانت العين اليسرى فهي مطلقة، أما إذا تركت الوجه سافرا فهذا يعني أنّها عزباء.
وأوضح الدليل أنّ الملاية التي ترتديها نساء الشرق هي تعبير منهن عن حزنهن لمقتل صالح باي على يد المستعمر الفرنسي واختيارهن للون الأسود؛ تأثرا بالفاطميين. وتظهر في العاصمة أكثر من صورة لنساء يرتدين الحايك الأبيض وهن عاصميات، وآخريات يرتدين لباسا يحتوي على طيات، وهن اليهوديات؛ تعبيرا عن الانسجام بين أفراد المجتمع الجزائري.
وصور أخرى عن عاصميات يرتدين الحايك في استفتاء تقرير المصير، وغيرهن في الانتخابات الرئاسية لسنة 1995، إضافة إلى صور أخرى عن ترقيات بلباسهن الأزرق، ونساء تندوف والصحراء الغربية، وفي الأخير صور حديثة عما ترتديه نساء اليوم.
وضمّ معرض الحايك عدة أجنحة، من بينها جناح خاص بملحقات الحايك، مثل "العجار". وفي هذا يقول صابور إنّ العزباء تضع عجار أبيض بثقوب جميلة، تُظهر مبسمها. أما المتزوجة فتضع عجار مطرزا ورديا. وأما الحلي فأشار المتحدث إلى أنّ امرأة المناطق الداخلية تفضّل الفضة على الذهب؛ لأنّها تربطها بالقمر؛ أي بالمحصول وسقوط الأمطار؛ باعتبار أنّها تخدم الأرض.
وتفضّل المرأة الشاوية وضع الفضة النفيسة وشبه النفيسة. أمّا القبائلية فتحبّذ الفضة المزيّنة بالمرجان، في حين ترتدي الترقية الفضة الخالصة. وعن الذهب فأشار صابور إلى أنّه يُرتدى في المدن، خاصة تلك التي كان يقيم بها اليهود.
وشمل المعرض أيضا جناحا يختص بمواد وتقنيات صنع الحايك، مثل نول المرمة ونول منسج، وجناحا خاصا بالحايك والثورة التحريرية، وثالثا يمسّ طرق لبس الحايك، والرابع حول الحايك في الفن الجزائري. وقد لعب الحايك دورا كبيرا في الثورة التحريرية، وهو ما تبرزه بعض الصور؛ حيث استعانت المرأة بحايكها لتمرير القنابل والأسلحة والوثائق السرية والأموال وغيرها.
أما أنواع الحايك فمقسّمة إلى الحايك الذي يُرتدى بالدرجة الأولى في العاصمة، وهو عبارة عن قطعة قماش مربعة الشكل وبطول مترين تقريبا، تغطي به المرأة جسدها، وهو إمّا من الحرير الخالص أو الحرير الممزوج بقماش آخر، أما احولي فترتديه الميزابية، وهو مصنوع من خيوط الصوف الخام.
الملاية هو حايك نساء الشرق لبسنه حدادا على مقتل صالح باي، الذي حكم قسنطينة مدة واحد وعشرين سنة، وهو باللون الأسود، في حين تيغسنت هو رداء طوله من أربعة إلى ستة أمتار، ترتديه نساء جانت وتمنراست وغيرهن.
وشمل المعرض لوحات عن الحايك أبدعتها أنامل جماي رشيد وحيون صالح وغيرهما، وكذا دمى ترتدي الحايك بأنواعه المختلفة، ومن بينها حايك المرمة، وهو الحايك العاصمي المصنوع من الحرير فقط، إضافة إلى مجموعة من الحايك الذي يُرتدى يوميا، ومجموعة أخرى ترتديها العروس.
بالمقابل، تمّ في المعرض عرض أقوال تخص الحايك، من بينها قول: "يا بنات الجزائر، يالي خليتو فكري حاير، على زينكم نقول سروال شلقة ومحرمة الفتول، آجي تشوف ذيك الهمة كل تلبس العجار وحايك لمرمة".