وثائقي "الشهيد إبراهيم بن يطو" لعبد الحميد أكتوف

عمل يحتاج إلى مراجعة تاريخية وفنية

عمل يحتاج إلى مراجعة تاريخية وفنية
  • 976
دليلة مالك دليلة مالك

عرض الفيلم الوثائقي "الشهيد إبراهيم بن يطو"، مساء أول أمس، بقاعة "سينماتك" بالجزائر العاصمة، ضمن تواصل عروض الأفلام المنتجة بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال (1962-2022)، والعمل الذي أخرجه عبد الحميد أكتوف يروي قصة نضال إبراهيم بن يطو ضد المحتل، وقد سرده بأسلوب ضعيف، والأمر راجع للسيناريو المكتوب على متن هش، ويتجلى ذلك في عدة عناصر.

الفيلم الوثائقي، أنتجته شركة "ألجيريا برود"، وكتب السيناريو مراد حمداني، استدعى 54 دقيقة لرواية قصة الشهيد بن يطو، لم تستطع أن تخلق ذلك الهاجس أو الأثر في نفس المتفرج، ولم يأت بشيء جديد، على أساس أنه وثائقي سينمائي، أو يصنع رأيا، أو يثير فعلا قضية، بل اكتفى المخرج بالسرد الأقرب إلى ربورتاج تليفزيوني، رغم استعانته بجماليات التصوير وتقنياته. من بين العناصر التي أضعفت العمل فعلا؛ غياب التناسق بين الشهادات المقدمة، وغاب الربط بين الأحداث التي ترويها تلك الشهادات، وظهرت كل شخصية تحدثت عن ابراهيم بن يطو في غير توقيتها الزمني، في سياق التعليق المكتوب، ثم إن التعليق المرافق للوثائقي لم يكن موفقا، بسبب صياغته الضعيفة، وتكرار الشهادات المنقولة، والمعلومات التي يشوبها الخطأ.

يعود الفيلم إلى نضال الشهيد ابراهيم بن يطو في فرنسا، وحسب العمل، فإن نشاطه كان في سنة 1953 ضمن حزب الشعب الجزائري، لكن التاريخ يؤكد أن هذا الحزب لم ينشط أبدا خارج الجزائر، وقد توقف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد أحداث 8 ماي 1945، حوالي سنة 1946. وينقل الوثائقي أن بن يطو التحق بحزب الشعب مع فرحات عباس، والحقيقة أن فرحات عباس كان مؤسس حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري (1946-1956)، وهذا ما يستدعي التساؤل، إن كان فريق العمل استعان حقا بمؤرخين، للتدقيق في الوقائع التاريخية، وهل لجنة المشاهدة التابعة لوزارة الثقافة والفنون تحققت من مضمونه؟  الشهيد بن يطو إبراهيم ابن محمد بن ساعد وابن الهايفة لعيفاوي، ولد في الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 1929 بعين الحجلو ولاية المسيلةو في أسرة محافظة على تراثها الثقافي الإسلامي، تلقى تعليمه الأول في جامع "عائشة أم المؤمنين" بمدينة بوسعادة، المعروف حاليا بمسجد "المامين"، وكان ذلك ما بين سنتي 1951 و1952. اشتغل في النقل كقابض في حافلة.

التحق بالثورة سنة 1955، وكانت الثورة حينئذ في أوج عطائها، فقرر أن يلتحق بالثورة المباركة، وخرج إلى جبال "ديرة" بناحية مدينة سور الغزلان مع مجموعة من الثوار من بوسعادة. بعد أربعة أشهر من النضال والكفاح، وقعت معركة حامية الوطيس بين المجاهدين وقوات الاستعمار، حيث استشهد فيها الكثير من المجاهدين، وجرح فيها المجاهد البطل بن يطو ابراهيم، الأمر الذي جعله ينسحب من جبال ديرة ويلتحق بالعائلة هناك في مدينة عين الحجل، فمكث قرابة ثمانية أيام عند لعيفاوي البشير (خاله)، حيث تماثل للشفاء، بعدها سافر مع ابن خاله "لعيفاوي عبد القادر" إلى مدينة بوسعادة، ليلتحق مجددا مع مجموعة من الثوار "الحملات" في جبل "المحارقة"، أين نشبت معركة على حدود ولاية بسكرة في قرية "أمدوكال" سنة 1957م، وكان أحد أبطالها.

من بين الأشخاص الذين أدلوا بشهاداتهم، المجاهد محمد الطاهر خليفة والمجاهد خالد جباري، المؤرخ بيرام كمال، ابني أخ الشهيد محمد وبوبكر بن يطو وغيرهم، والذين أجمعوا على شخصية الشهيد المتميزة، الذي قام بالعديد من الأعمال الفدائية في بوسعادة، ونجح في عمليات عسكرية عديدة، وذلك راجع لمعرفته الدقيقة بتضاريس المنطقة، واستشهد في إحدى المعارك بتاريخ 16 ديسمبر 1961 في اوذبان.  استعان الفيلم الوثائقي بمشاهد تمثيلية، من أجل إضفاء لوحات مكملة لقصة الشهيد، ومنح الجانب العاطفي والنفسي لسيرة بن يطو، غير أن المخرج لم يكن موفقا بالشكل المطلوب، أو بالشكل الذي يستدعيه العمل ككل.