النشاط الأكاديمي لمهرجان الجزائر الدولي للفيلم
على شرف كوبا وفلسطين والصحراء الغربية
- 233
لطيفة داريب
احضن "المسرح الصغير" برياض افتح، أوّل أمس، ماستر كلاس بعنوان "السينما الكوبية وتأثيرها على أمريكا اللاتينية" وحلقة نقاش موسومة بـ«السينما كسلاح للمقاومة" في إطار مهرجان الجزائر الدولي للفيلم الذي تستمر فعالياته الى غاية العاشر ديسمبر الجاري.
تحدّث السينمائي الكوبي اكتافيو فراكا خلال ماستر كلاس "السينما الكوبية وتأثيرها على أمريكا اللاتينية" عن تاريخ السينما في كوبا فقال إنه مباشرة بعد انتهاء الثورة عام 1953 تم تأسيس المعهد الكوبي لصناعة السينما على يدي ألفريدو غيبارا، في زمن لم تكن كوبا تملك فيه قاعة سينما ولا متحفا للفن السابع، ولا حتى معدات خاصة بهذا الفن، مضيفا أنّ أوّل فيلم كوبي أخرجه أكتافيو كرتاسا مباشرة بعد الثورة حيث انتقل الى مناطق نائية وصوّر فيها اكتشاف الأطفال للسينما وانبهارهم الشديد بها. معتمدا في ذلك على تقنية السينما المتنقلة.
تابع المتدخّل أنّه بعد تأسيس معهد "ليكاييك" تم عرض أفلام ونقاشات حيّة حولها شارك فيها الجمهور الذي أحب السينما وتوافد بكثرة على قاعاتها، ليتم بعدها تأسيس المدرسة الكوبية للفيلم الوثائقي التي أنجبت عددا معتبرا من المخرجين ساهموا في تأسيس نشرية بلغ عددها أكثر من 3 آلاف نشرية، توّثق تاريخ السينما الكوبية من الثورة الى يومنا هذا. وقد تم تسجيلها في اليونسكو.
وتحدث اكتافيو عن تأسيس مدرسة مختصة في انجاز ملصقات الأفلام والتي بدورها تم تسجيلها في اليونسكو، وتنظيم معرض حولها بمعهد بومبيدو بباريس، ليتم بعدها تأسيس المدرسة الكوبية لتعليم السينما تم فيها استقبال طلبة من العالم. كما تطرق إلى تشجيع كل من الرئيس الراحل فيدال كاسترو والروائي الشهير غابريال غارسيا ماركيز والثائر شي غيفارا للسينما الكوبية.
أما عن مهرجان هافانا للسينما، قال عنه اكتفايو إنه أكبر تظاهرة ثقافية بالبلد ويستقطب عددا رهيبا من الجمهور، كما أنّه فضاء لتبادل الثقافات والخبرات، مثلما يحدث حاليا بمهرجان الجزائر الدولي للفيلم. بدورها، قدّمت المخرجة الكوبية فيلا ليزات تفاصيل عن مسيرتها الفنية ومشروعها السينمائي "بالورماس"، فذكرت أنّ السينما الكوبية موجودة قبل الثورة لكن انطلاقتها الفعلية كانت في قلب الثورة الكوبية، وبالأخصّ بعد تأسيس معهد السينما الذي يعدّ بالفعل حجر أساس الفن السابع بكوبا.
وأشارت ليزات إلى صعوبة صنع فيلم في تلك الفترة من الزمن، لنقص الدعم المالي والتقني، كما تطرّقت الى استفادة المعهد من خبرات مخرجين كوبيين تلقوا تكوينهم السينمائي بروما وكذا تأثّرهم بالسينما السوفياتية. في حين أشارت إلى الحضور الضعيف للنساء في عالم السينما ليس في كوبا وحسب بل في العالم أجمع، لتقدّم مثالا عن مساعدات مخرج ومصوّرات كوبيات وحتى مخرجات صنعن أسماءهن في كوبا. وشجّعت ليزات، الشباب الدارس لأصول الفن السابع في الجزائر لمواصلة المشوار خاصة النساء اللواتي طالبتهن بالتحلي بالقوة والعزيمة والإرادة وهو نفس النصيحة التي قدمتها لكل من يريد أن يحذو حذوها في صناعة الأفلام ذات البعد الاجتماعي خاصة وأنّها أفلام لا تدر بالمال الكثير.
وكشفت المتحدثة عن فوز مخرجات ومنتجات كوبيات اقتحمن المجال منذ اكثر من خمسين سنة بجائزة قيمتها 6 آلاف دولار، لتعود وتؤكد أن صناعة الأفلام ليس بالأمر اليسير وأن الهدف من تحقيقه هو تحريك الضمير والتأثير على المشاعر. وأكدت تعلّقها بالحرية والكرامة رغم ما عانته من عنف في حياتها وهو ما دفعها الى تأسيس المشروع السينمائي "بالوماس" عن الفن والنضال، مضيفة أن السلم لا يتأتى من حمامة بيضاء بل من ايادي الرجال والنساء. بالمقابل، تحدّث المخرج السينمائي الفلسطيني حنا عطا الله في جلسة نقاش حول "السينما كسلاح مقاومة" عن أيام السينما الفلسطينية الذي تأسّس في البداية في ست مدن فلسطينية بغرض سرد الرواية الفلسطينية وكسر الصورة النمطية التي تنصّ على أنّ الفلسطيني إما أنه ضحية أو أنه بطل.
وتحدّث المدير الفني للمهرجان، عن استمرارية هذه الفعالية في العالم بعد توقّفها إثر حرب غزة في فلسطين حيث تم عرض 1043 فيلم الى غاية الثاني من نوفمبر الماضي، مؤكّدا إيمانه الفعلي رفقة طاقم المهرجان بأهمية السينما ودورها في توثيق الذاكرة الجماعية، خاصة في زمن أصبحت فيه الصورة جزءا من وعي الشباب، باعتبارها منتجة للفعل المقاوم . كما تطرّق المتدخّل لرفض بعض المهرجانات عرض الأفلام الفلسطينية، في حين أن هناك من تقبلها، وهذا حسب نظرة مؤسسي المهرجانات للقضية الفلسطينية. مشيرا إلى أنّ ذلك يرجع إلى دوافع سياسية.
أما المخرج الهندي بارثو سين غوبتا فقد عرض لقطات من فيلمه الوثائقي "مقاومة" الذي أبرز فيه تنظيم مظاهرات مساندة لفلسطين في شتى أنحاء العالم، مثل سيدني وبروكلين ونيويورك ولندن وباريس وبرلين، حيث سلط الضوء على تعرض المتظاهرين والمساندين للقضية الفلسطينية للمضايقة الشديدة وحتى لاتهامات بمعاداة السامية والإرهاب. من جهتها، عرضت المنتجة والمخرجة اسبانية ماريا كاريون مشاهد من فيلمها الوثائقي الذي أبرزت فيه التحضيرات لتنظيم الطبعة 20 لمهرجان "في صحرا" وهو المهرجان العالمي للسينما بالصحراء الغربية تأسس عام 2007، يقام في مخيمات اللاجئين الصحراويين.