«نهاية اللعبة» لمسرح سعيدة

علاقة عبثية في عالم لا يتحرك

علاقة عبثية في عالم لا يتحرك
  • القراءات: 3095
❊خ. نافع ❊خ. نافع

قدمت فرقة بمسرح سعيدة الجهوي، مؤخرا العرض المسرحي «نهاية اللعبة» للكاتب الإيرلندي صامويل بيكيت على ركح «عبد القادر علولة» بوهران، وسط حضور كبير للجمهور. النص المسرحي ترجمه للعربية بول شاوول ونقحه الكتاب والشاعر الجزائري عبد الله الهامل، فيما أعد الموسيقي علي حرطاني وأخرجها ياسين بن محيسي، وتقاسم الأدوار عبد الحليم زرييع ونبيل طاهر مغربي وبن صافي حاج حبيب وأسماء الشيخ.

تدور أحداث مسرحية «نهاية اللعبة» في فصل واحد، بين أربع شخصيات تعيش منعزلة عن الحياة في غرفة مغلقة ذات نوافذ مرتفعة، عالم لا يتحرك ولا يتغير، فقط حوارات الشخصيات هي من تكرر باستمرار بدون ملل.

هناك شخصيتا «نيل» و»ناغ» العاجزتان عن الحركة، والدا الشخصية الثالثة «هام» الذي يحبسهما في صندوق قمامة بهدف تعذيبهما أو الثأر منهما، بالرغم من أن «هام» كفيف وعاجز عن الحركة، جالس على كرسيه المتحرك وسط الغرفة يتحكم في الآخرين، بينما الشخصية الرابعة، الخادم كلوف الذي يملك القدرة على الحركة، إلا أنه عاجز عن الجلوس لعيب في ساقيه، وهو ينفذ تعليمات سيده «هام».

من خلال تتبع أحداث المسرحية، يلاحظ قصر جمل الحوارات بين الأبطال، التي تعكس محدودية خياراتهم التي فرضت عليهم البقاء معا ودون حركة، وكأن وجود كل منهم في حياة الآخر في نفس المكان والزمان قدر لا مفر منه، كأن الأبطال أموات يتحاورون بين القبور، وكل العلاقات بينهم «علاقات موتى بموتى»، حتى علاقة الابن بوالديه الأسيرين علاقة عبثية عجيبة.

في أحد المشاهد، يأمر هام خادمه كلوف أن يطبِق الغطاء على والديه مبتورا الأرجل، بسبب الحرب ربما أو حادث سير، وفي مشهد معاكس ينادي على والده مرتين «أبي.. أبي»، كأنه يريد أن يطمئن بوجوده وصوته حتى ولو كان هو من حبسه في صندوق القمامة ومنع عنه كل شيء، حتى الطعام والشراب، بل ومن الاستسلام لحنين الذكريات، وفي ختام اللعبة يرفض الخادم تنفيذ أوامر سيده هام ويجلب حقيبة السفر كي يغادر، لكنه يبقى واقفا.

يرى مخرج العمل أن أحداث المسرحية وغيرها من أعمال الكاتب بيكيت تخاطب العقل، وهي تعبير صادق عن قلق المجتمعات الغربية ووصف موفق لحالة جيل ما بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وويلاتها وحالة اليأس المبرمج الذي هو أفضل بكثير من حالة التفاؤل المصطنع والمزيف.

المسرحية ستشارك في مهرجان الوطني للمسرح المحترف بالعاصمة، الذي سينطلق يوم 23 ديسمبر المقبل وقبلها عرضت بالعلمة في ولايتي سطيف وتيزي وزو ضمن الجولة التي برمجتها الفرقة المسرحية لعدد من ولايات الوطن، حسبما أكده مخرج العمل منها وهران وسيدي بلعباس.

خ. نافع