تعتبر ثمرة الإقامة الفنية "الشباب والإبداع"
عشرون لوحة مختلفة الأساليب والمواضيع ب"دار عبد اللطيف"

- 968

تحتضن "دار عبد اللطيف" معرضا تشكيليا، يضم 20 لوحة، رسمها فنانون، خلال مشاركتهم في الإقامة الفنية "الشباب والإبداع"، التي نظمتها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، في جوان الماضي.
شارك في هذه الإقامة الفنية، عشرون فنانا، منهم من تلقي تكوينه في المدارس، ومنهم من تعلم مشارب الرسم من الحياة، وهم: أمين حسيني (البيض)، بلخيري الباهي يحي (الجلفة)، كجار حسين وهاشمي سعيد وبن طيب صليحة (تيزي وزو)، بوستة محمد (بومرداس)، فراجي راوية (ورقلة)، طبايبية محمد صالح (قالمة)، تعابا مصطفى (الأغواط) وياشير أشواق (بشار).
أنجز كل فنان مشارك في هذه الفعالية، التي استمرت لمدة أسبوعين كاملين، لوحتين بأبعاد 120/120 سم. علما أنه تم تنظيم هذه الإقامة الفنية، بغية تسليط الضوء على إبداع جيل جديد من الفنانين التشكيليين، الذين قدموا من مناطق مختلفة من البلد، ليبرزوا مواهبهم وتجاربهم الفنية، التي تجمع بين الأصالة والتجديد.
وفي هذا السياق، اختار الفنان محمد بوستة، المرأة لكي تكون محور لوحتيه؛ الأولى جاءت بعنوان" الحالمة"، رسم فيها بالأسلوب الانطباعي، امرأة تجلس ليلا في ركن من غرفتها، يبدو أنها مهمومة، كيف لا؟ والحياة برمتها، بحلوها ومرها، ثقل على كتف المرأة التي تعدت مسؤولياتها داخل البيت إلى خارجه.
أما اللوحة الثانية لبوستة حملت عنوان "صدمة"، رسم فيها امرأة ترتدي لباسا تقليديا، تجلس القرفصاء وتنظر إلينا بشكل مريب، وكأن صدمة ما ألمت بها، فجعلت عاليها سافلها، رسم بالقرب منها قطة سوداء، هل هي رمز للنحس؟ للصدمة؟ للخوف؟، كما رسم زربية تدل على جمال تراثنا.
في عالم مختلف تماما عن عالم بوستة، نجد لوحتين للفنان هاشمي سعيد، الذي اختار الفن التجريدي للتعبير عن خوالجه ورؤيته للحياة، فرسم لوحة "الحارس"، التي جاءت سماؤها مظلمة وأرضها مضيئة. أما لوحته الثانية "الاتهام"، فرغم انتمائها للمدرسة التجريدية، إلا أنه يمكن لنا تحديد ملامح نسوة يرفعن ذراعهن للسماء، هل للتذرع إلى الخالق؟ أم هربا من قدر ما؟.
بدوره، يشارك الفنان تعابا مصطفى في هذا المعرض بلوحتين؛ الأولى بعنوان "فاطمة بدار"، رسم فيها وجه امرأة بعنين كبيرتين جدا، تضع فولارا على رأسها وترسل لنا ابتسامتها. في حين أن لوحة "جوال" تعبر عن تضارب العديد من المواضيع، تمتزج أحيانا وتتنافر أحايين أخرى.
ما بال المرأة التي تغطي جسدها بلباس أبيض، في لوحة لبلخيري الباهي يحي بعنوان "الليل"، ألم يكفها هذا الستر حتى تضع يدها على وجهها؟ ربما حتى لا نتعرف على هذه المرأة التي لم تخش ظلمة الليل، فقصدت البحر لتقف شامخة أمامه، أو أن وطأة التقاليد والعرف جعلاها تخفي هويتها؟ وعلى عكس الليل، نجد "النهار" في لوحة ثانية للفنان، رسم فيها مجموعة من الفيلة تسير بشكل جماعي في وضح النهار.
في المقابل، شكلت الحرائق التي مست الجزائر في السنوات الأخيرة، موضوعا ملهما للفنان كجار حسين، حيث رسم في لوحته الأولى "تكريم الرماد"، نيرانا ألهبت المكان وأحرقت كل شيء، أو تقريبا كل شيء، بما أنه رسم منزلا يحاول المقاومة، ونفس الأمر ينطبق على شجرة، رغم النيران التي أصابتها. بينما رسم في لوحة "تيجديت/ عمود" نساء من منطقة القبائل يقمن بأعمال يدوية، كما رسم تفاصيل جميلة عن حلي تقليدي. من جهته، رسم الفنان أمين حسيني لوحة" قوة اللمس"، حينما تلمس المرأة يد أختها أو صديقتها، كرمز للتعاطف وتقاسم الأحزان، وفي أسفل اللوحة رسم غربان وعصافير خضراء، ليعبر عن الحياة والموت في لوحة واحدة. وفي لوحته الثانية "فتاتان في حوض النهر"، رسم فيها فتاتين تخرجان من نهر، بعد تمتعهما بالسباحة فيه، واحدة ترتدي ثوبا والثانية لباس بحر.
شكلت المرأة الموضوع الهام للعديد من الفنانين المشاركين في هذه الإقامة الإبداعية، وهو أمر الفنان طبايبية محمد صالح الذي رسم في لوحته "النايلية"، امرأة تجلس بكل فخر مرتدية لباسا تقليديا أحمرا، تناثرت بعض أجزائه في السماء والأرض. وغير بعيد عنها، نجد لوحة "نساء الجزائر"، رسم فيها الفنان نسوة يرتدين الحايك، رمز للمرأة العاصمية بامتياز.
ودائما مع المرأة، رسمت الفنانة ياشير أشواق في لوحتها المعنونة بـ"الشكوة وليزار البشاري"، امرأة ترتدي لباسا محليا وتمخض اللبن في شكوة (وعاء صَغير للماء واللَّبَن يُتَّخذ من جلد، وقد يُستعمل لتبريد الماء)، في حين رسمت في لوحتها الثانية" مناجم الفحم الحجري بالقنادسة"، رجال اختاروا أم وجدوا أنفسهم مضطرين للقيام بهذا العمل المضني في المناجم. ومن بشار، ننتقل إلى ورقلة، مع الفنانة فراجي راوية، التي رسمت الطبيعة الصامتة بشكل جديد، حيث رسمت مجموعة من الأواني والفواكه بشكل جميل.
عودة إلى الفن التجريدي، وهذه المرة مع الفنانة بن طيب صليحة، التي رسمت لوحتين؛ الأولى بعنوان: "لحظة من حياة في حركة 1" والثانية بعنوان: "لحظة من حياة في حركة 2"، في اللوحة الأولى رسمت مجموعة من الألوان القاتمة، مثل الرمادي تحارب اللون الأزرق، ويظهر نصرها في اللوحة الثانية التي غاب فيها اللون الأزرق السماوي.