مهرجان إمدغاسن الدولي للسينما متواصل
عروض للفرجة وإبراز خصوصيات الفن السابع

- 50

تتواصل عروض أفلام الطبعة الخامسة من المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن بباتنة، التي ترشحت لمسابقتها 28 دولة وسط حضور شبابي اغتصت به قاعة السينماتيك "أوراس" . وشهد اليوم الرابع عرض أفلام متنوّعة تعالج عدّة قضايا. وما ميّز هذه الطبعة التنوّع السردي الذي تقدّمه الأفلام المشاركة؛ من الدراما الروائية التي تطرح قضايا الهوية، والاغتراب، والميراث، والوثائقيات التي تعكس قصصا حية عن الفقر، والهجرة ، ومن ثمة الرسوم المتحركة المستلَهمة من أساطير الفلكور، والتراث. كما حمل برنامج محافظة المهرجان رؤى جديدة في تسييره وما قدّمه ليسعد جمهور الفن السابع. وأظهر جميع خيوط الأفلام متباينة، نسجت لوحة سينمائية متكاملة.
ووضع المهرجان في متناول الجمهور بانوراما ثقافية متشابكة، تكشف التنوّع في الحكي البشري بين الخيال، والواقع، واللوحة البصرية. وتم عرض أفلام روائية قصيرة في أسئلة الهوية، والمجتمع، في مثال فيلم "وردة" لرحمة الشماس، والفيلم المتحرّك "الأهرام" لمحمد غزالة من مصر، الذي يلخّص الحضارة الفرعونية في أبسط معانيها. ومن زاوية التحريك جاء التنوع البصري ليضفي الجمالية الفنية. وهو الفيلم الذي جعل التاريخ يتنفّس على الشاشة.
كما استمتع جمهور الفن السابع بالأفلام الروائية القصيرة بـ«فيش بوول" لريمة مجيد عبد المجيد ، و«لاصت داي" لجيمس جوززيف فاليا كولائيل، فيما أبدع المخرج عمر سي فضيل في فيلم "بنت الحومة " الذي أدت أدواره الممثلة وردة معارفة. وهو عمل أكثر من مجرّد قضية، يطرح قضية إنسانية، ويتغلغل في أعماق المشاعر الإنسانية، والعبث بها؛ حيث ارتبطت هذه الشابة بعلاقة عاطفية مع شاب ميسور بعدما رفضت ابن عمها الفقير، الذي كشف في نهاية المطاف، أنها مرتبطة بعلاقة بالشاب الميسور الذي أوقعها في المعصية بعدما حملت منه، وانسحب من حياتها، واختفى عن الأنظار؛ ما جعلها في مأزق، لتجهض نفسها لكي لا ينكشف سرها.
واعتمد المخرج على عناصر لغوية بصرية وسمعية لخلق بنية قصصية متماسكة، وتقديم تجارب ومشاعر بطريقة تفاعلية ومشوقة. واعتمد الفيلم على السرد لربط المشاهد بحدث معيّن؛ من خلال سلسلة من الصور والأصوات، مثل ما يربط النص الأدبي بين الكلمات لتشكيل معنى. ومن جهته، أبدع الممثل إيدير بن عيبوش في فيلم "زهرة الصحراء" لأسامة بن حسين. ويعتمد الفيلم على الحبكة السينمائية في تسلسل الأحداث في هذا الفيلم الثوري، متحديا إشكالية بين التخييل والتأريخ، وهو يعالج قضية تاريخية هي الثورة الجزائرية، في فيلم روائي قصير. وقد تجلت هذه الإشكالية بوضوح من خلال ردود الأفعال التي أثارها الفيلم؛ ما يعبّر عن التفاعلات.
وإلى جانب هذه العروض لم يقتصر هذا المهرجان على عروض الأفلام وأحدث طفرة نوعية من حيث التنظيم المحكم، بل قدّم برنامجا ثريا في ورش العمل، تعكس تنوع التجارب السينمائية، وقيمة التعليم والتكوين من تجارب حية. وفي هذا الخصوص، أوضح محافظ المهرجان عصام تعشيت، أنّ هذه الورشات تفتح كواليس الإنتاج أمام الجمهور وصنّاع السينما من الشباب. وتكشف عن البعد المهني والفكري خلف الأفلام المعروضة، مشيدا بما يقوم به المؤطرون لبعث سينما واعدة؛ باعتبار الإنتاج السينمائي لا تكمن أهميته في توفير الفرجة فحسب، وتحقيق المتعة للمتلقي، بل في توثيق الأحداث الاجتماعية والسياسية والفكرية بالصورة، والصوت، والحركة.