إبراهيم صدوق يقدم "على طريق الرمال الملتهبة"
عرفانا لتضحيات من ساروا على درب الثورة

- 1202

أهدى الكاتب إبراهيم صدوق روايته الجديدة "على طريق الرمال الملتهبة" للمرأة الجزائرية، التي كانت دوما السند والاعتماد، مثمنا تضحياتها وصبرها أمام الأهوال، وإصرارها على المقاومة، والصمود من أجل أبنائها، ووطنها إبان الثورة التحريرية، كما يشمل العرفان صمود أبطال عين الصفراء في الداخل وفي محتشدات اللجوء. قدم صدوق روايته "على طريق الرمال الملتهبة" (الصادرة عن مؤسسة لاناب)، أول أمس، بمكتبة "شايب دزاير"، مفصلا في بعض أحداثها التي استمدها من وقائع حقيقية، حدثت بمنطقة الجنوب الغربي إبان الثورة التحريرية.
شهدت منطقة عين الصفراء في ماي 1960 معركة ”مزي”، على الحدود الغربية التي كان خط موريس الجهنمي مغروسا فيها، ورغم ذلك، حاول 300 جندي من جيش التحرير اختراقه لتنفيذ عمليات داخل التراب الوطني، لكنهم واجهوا الآلة العسكرية الفرنسية، حيث تم حشد كل القوات وأرسلت 50 طائرة ضربت المنطقة لمدة ثلاثة أيام، لم يسلم منها المدنيون الأبرياء ولا الحيوانات، وتدعمت العمليات مباشرة بتعزيزات من قاعدتي بوفاريك ووهران، واستعمل في هذه المنطقة سلاح النابالم المحظور دوليا، كما أكد المتحدث، أن فرنسا استعملت في منطقة عين الصفراء السلاح الكيميائي والبكتيري، تماما كما استعملت في نفس الفترة، التجارب النووية في رقان دون أي مسؤولية، حتى مع أبنائها من المجندين، مضيفا أن جيش التحرير كان غالبا ما يتدخل ويضمن للأهالي المؤونة، ويعمل على رفع معنوياتهم أمام العدو الذي لا رحمة له، كما استطاع جنود جيش التحرير في هذه المعركة أن يسقطوا طائرتين، واستطاع دحمان أن يشارك في المعركة ويثأر من فرنسا.
أشار الكاتب في حديثه، إلى أنه ركز في روايته على جانب المقاومة ومختلف صور التضحيات، خاصة عند المرأة، وروي القصة حياة دحمان الذي كان حاله كحال جميع الجزائريين إبان فترة الاستعمار، يعيش البؤس والظلم، وكانت منطقة "القصر" بعين الصفراء، تحت الحكم الجائر للقايد والباشاغا والإدارة الفرنسية، وبعد أن جاءت ساعة الحسم، اختار دحمان الالتحاق بصفوف جيش التحرير، بعدما عمل أولا من خلال خلية سرية على تجنيد الشباب وتمويل الثورة، وكذا ربط الاتصال بين الجبل والقصر. ترك دحمان وراءه زوجته صفية رفقة أبنائها الصغار، تعيش القهر والمأساة وتدفع ثمن الحرية، لقد قطعت مسافات طويلة تحت البرد والظلام والجوع، وواجهت الخطر والتضاريس الصعبة، حتى وصلت للمنطقة الشرقية من الأراضي المغربية، لتسكن بمدينة وجدة مع بعض اللاجئين الجزائريين الذين نجوا من خط موريس، وهنا تحدث الكاتب عن المحتشدات التي كانت تخصص للجزائريين بالمغرب، والتي لم يغب منها البؤس أيضا، بل قال إن الجزائريين أرغموا على الاعتراف بمغربية الأراضي الجزائرية الغربية، وعندما رفضوا، سلط عليهم التعذيب والإهانة.
وكان الجزائريون يسمون كل من يرضخ لهذه الضغوطات بـ"شنقطو"، كتحقير له، لكن بعد تدخل جيش التحرير ممثلا في القاعدة الغربية له بوجدة، تم القضاء على هذا الابتزاز والتعسف. أسهب الكاتب في الحديث عن صفية التي بقيت مرتبطة بأرضها وبمسقط رأسها وادي الناموس بعين الصفراء، ولم تثنها الظروف الصعبة من تربية الأبناء وغرس حب الجزائر فيهم. وفي ختام اللقاء، باع الأستاذ صدوق روايته بالإهداء، متمنيا أن تلقى صداها، وأن تكشف جانبا من ذاكرتنا الوطنية، وكذا من ذاكرة عين الصفراء وأبنائها الذين ضحوا من أجل حرية الجزائر. للإشارة، إبراهيم صدوق خريج المدرسة العليا للإدارة، تقلد عدة وظائف سامية في الدولة.