المناضلة ألين مختفي ضيفة "شجرة القول"
عرفان لمن سارت على درب الثورة
- 224
مريم. ن
استقبلت مكتبة "شجرة القول" بحيدرة، أوّل أمس، المناضلة الأمريكية إلين مختفي لتقديم وبيع كتابها "الجزائر عاصمة الثورة، من فرانس فانون إلى الفهود السود" وذلك في إطار زيارتها للجزائر حيث ستكرم هذا الأربعاء من طرف جمعية أصدقاء الثورة .
شهدت المكتبة توافدا كبيرا من الجمهور الذي تابع اللقاء الذي أداره الأستاذ أحمد بجاوي (نظّم زيارتها للجزائر)، حيث وقف على محطات مهمة من تاريخ الثورة والسنوات الأولى من الاستقلال، مركّزا على أحداث شهدتها هذه المناضلة سواء في الولايات المتحدة أو في فرنسا والجزائر، علما أنّ الضيفة بدى عليها التعب والصعوبة أحيانا في الكلام نتيجة سنها الذي يشارف القرن من الزمن.
نضال من عمق المجتمع
تم خلال هذا اللقاء التعريف بهذه المناضلة (إلين كلاين، وبعد زواجها من المناضل والكاتب الجزائري مختار مختفي، الذي كان في جيش التحرير الوطني، أصبحت تحمل اسمه)، التي ولدت في حي شعبي وسط أسرة متواضعة كادحة في نيويورك سنة 1928، عانت كغيرها من البسطاء من ضنك العيش ومن بعض التمييز الذي كان في هذه الفترة مسلّطا على السود .
غادرت إلين بلدها سنة 1951، لتدرس بباريس وتلتقي فيها شخصيات أثّرت في مسارها النضالي الثوري مثل جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار وغيرهما، إلى أن اندمجت في الحركات الطلابية في السوربون ومدرسة الفنون الجميلة، وفي هذه الأثناء نضج وعيها لتقف مع قضايا الشعوب الساعية للتحرّر منها الشعب الجزائري الذي كان حينها يئن تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، وهكذا التقت مع مناضلي جبهة التحرير وساندتهم بخطاباتها وبقلمها الذي دافع عن الجزائر عبر كلّ المحافل.
مزج بين السرد التاريخي والسيرة الذاتية
في مذكراتها "الجزائر عاصمة الثورة، من فرانس فانون إلى الفهود السود" تمزج مختفي بين السرد التاريخي والسيرة الذاتية بأسلوب أدبي (كأنّه رواية) وبضمير "الأنا"، يحوي الكثير من المعلومات التاريخية الهامة. توقّفت الضيفة بإسهاب عند الحرب الديبلوماسية التي شهدتها أروقة الأمم المتحدة بين الجزائر وفرنسا خلال الثورة، مستعرضة بعض التفاصيل التي وقعت مع أعضاء في مكتب الحكومة المؤقتة في نيويورك، وكذا شخصيات جزائرية أخرى وازنة منها عبد القادر شندرلي ورؤوف بوجقجي، علما أنّ فرنسا كانت ممثلة من طرف 93 موظفا بما فيهم موظّفو سفارة فرنسا بالولايات المتحدة الأميركية، هؤلاء كانوا يمارسون الكثير من الدعاية الاستعمارية المضلِّلة التي واجهتها جبهة التحرير. كما ذكرت مختفي صديقها فرانس فانون (سفير الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في أفريقيا)، ومحمد سحنون (ممثل الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين)، حيث جمعتها بهما أيام النضال.
عن موقف الولايات المتحدة الأميركية من القضية الجزائرية، قالت إنّ هذا التضامن كان محتشما، علما أنّ الشعب الأمريكي حينها لم يكن مطلعا على ما يجري وكان يصدق أنّ فرنسا هي بلد الحب والفن والحضارة والموضة وليست بلدا استعماريا قاهرا للشعوب خاصة منها الافريقية. أضافت مختفي أنّه في سنة 1957، قدّم الرئيس كينيدي خطابا أمام مجلس الشيوخ الأميركي، تحدّث فيه عن استقلال الجزائر، لكنّه لم يعد يذكر الأمر في خطابات لاحقة، ورغم محاولات المناضلين لطلب إعادة التذكير بالقضية من جديد، ومنها الاتصال بأخ كندي روبرت الذي عبّر عن فشله في إقناع كندي واستجابته بسبب مشروعه الرئاسي، لكن القضية، حسبها، بقيت موجودة في الأوساط الإعلامية وفي لوبي جزائري فاعل بالولايات المتحدة . تم التطرق في هذا اللقاء أيضا، لموقف الحزب الشيوعي الفرنسي من الثورة حيث تم التأكيد على أنّه كان ضدّ سياسة التعذيب والقوّة لكنّه لم يكن مع استقلال الجزائر، ما عدا بعض الفدراليات التابعة له التي ساندت بشكل واضح استقلال الجزائر.
حنين للزوج المناضل مختار مختفي
للإشارة، تطرّقت السيدة إلين لحياتها مع زوجها المناضل مختار مختفي وكيف بدأ الكتابة معها وشجّعها على كتابة مذكراتها مثلما فعل وكان ذلك بعدما تقدّم بهما العمر (توفي سنة 2016)، بالمناسبة تحدّثت السيدة سلمى هلال لـ«المساء" عن ظروف النشر مع دار "البرزخ" وعن صدور مذكرات الزوجين، واصفة أسلوب كتابتهما بالراقي البعيد عن البيبليوغرافيا الجافة، (زوجها المناضل مختار كتب مذكراته "كنت فرنسيا مسلما" صدرت سنة 2016).
تعاملت المناضلة إلين مختفي مع شخصيات كثيرة خلال مشوار عملها وكفاحها، منها فيدال كاسترو، هواري بومدين، أحمد بن بلة، إلدريدج كليفر، هو تشي منه، وكانت صديقة مقربة جدا من المناضل فرانس فانون. بعد الاستقلال دخلت الجزائر لتساهم في معركة التشييد، فعملت في وكالة الأنباء الجزائرية وفي الإذاعة وجريدة "المجاهد"، كما ساهمت في التحضير للمهرجان الافريقي بالجزائر عام 1969، ثم غادرت الجزائر سنة 1974 لتقيم بالولايات المتحدة.
عقب اللقاء تحدّثت "المساء" مع السيد أحمد بجاوي الذي أكّد أنّ اللقاء هو عودة لهذه المناضلة لبلدها الثاني الجزائر، ومبادرة تنظيم هذه الزيارة هو لجمعية أصدقاء الثورة برئاسة نور الدين جودي مضيفا "الجمعية قدّمت كلّ الامكانيات وتكاليف هذه الزيارة، أما أنا فأقوم بالإشراف، وسيتم تكريم هذه المناضلة يوم 10 بمقر الجمعية بالأبيار، كما سيتم بث مشاهد عن حياتها ضمن فيلم وثائقي أنجزته المخرجة ميلا وذلك ضمن مهرجان الجزائر الدولي للفيلم ".