في مخيمات اللاجئين

عرض فيلمين وثائقيين حول ضحايا المقابر الجماعية بالصحراء الغربية

عرض فيلمين وثائقيين حول ضحايا المقابر الجماعية بالصحراء الغربية�
  • القراءات: 503
ق.ث � ق.ث

عرض بمخيم الداخلة للاجئين الصحراويين، الفيلمان الوثائقيان "شهود على الذاكرة" و"بذرة الحقيقة" للمخرجة الإسبانية إيزتيزن ميرندا التي سلّطت من خلالهما الضوء على المقابر الجماعية لضحايا اختطاف قسري تمّ قبل 40 سنة، وقدّم الفيلمان اللذان عرضا ضمن فعاليات المهرجان العالمي الـ12 للسينما بالصحراء الغربية "فيصاحارا"- شهادات مؤثّرة لأفراد من عائلات الضحايا الثمانية الذين اكتشفت رفاتهم بمقبرتين جماعيتين في منطقة "امهيريز" (الأراضي الصحراوية المحررة)، في جوان 2013، واستخرجت من طرف بعثة طبية إسبانية.          

نساء ورجال من مختلف ولايات الصحراء الغربية (الأراضي المحتلة والمحررة) قدّموا قصصا مؤثّرة حول جرائم الاختطاف القسري التي طالت ذويهم منذ احتلال المغرب للصحراء الغربية سنة 1975 وهروب الآلاف منهم إلى غرب الجزائر للنجاة بحياتهم، ووفاة العديد منهم نتيجة الحر والجوع والعطش.

سلّط الفيلم الأول "شهود على الذاكرة" الضوء على الصحراويين الثمانية الذين تمّ اكتشاف رفاتهم وسط الصحراء بعد حوالي 40 سنة على اختطافهم، حيث أوردت المخرجة صورا حية عن استخراج رفات الضحايا والتعرّف عليها وإعادة دفنها من طرف عائلاتهم. 

وكان من بين الضحايا الذين تمّ التعرّف عليهم؛ محمد مولود محمد لمين ميمون ومحمد عبد الله رمضان محمد لمين وهم ضحايا اختطاف قسري من بين أكثر من 400 مفقود يجهل مصيرهم إلى اليوم ويطالب الصحراويون السلطات المغربية بالكشف عن مصيرهم، ومنهم على سبيل المثال سلمى الداف والبشير الداف.                                   

وعاد من جهته فيلم "بذرة الحقيقة" -وهو بمثابة الجزء الثاني للفيلم الأوّل- إلى بدايات الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، متطرّقا خصوصا لعملية تسليم رفات هؤلاء المفقودين الصحراويين لعائلاتهم ودفنها فيما بعد، وتمّ التسليم بحضور فريق من جامعة إقليم الباسك بإسبانيا، حيث ميّزه خصوصا شهادة بعض أفراد عائلات الضحايا وعلى رأسها شهادة عالي سعيد الداف (المعروف بـ"أبا علي" الشاهد الوحيد على هذه المجازر التي وقعت عام 1976 وكان من بين ضحاياها طفلان. 

وتضمّن العملان صورا مروعة لهياكل عظمية وجماجم تعود لضحايا دفنوا في وسط الصحراء بالقرب من الجدار-الذي بناه المغاربة للفصل بين الأراضي الصحراوية المحتلة والأراضي المحررة- تأثر بها كثيرا الجمهور الحاضر الذي غصت به قاعة العرض. 

وتميّزت الطبعة الـ12 للمهرجان العالمي للسينما في الصحراء الغربية "فيصاحارا" التي أسدل الستار مؤخرا على فعالياتها، بحضور قوي لحقوقيين من مختلف دول العالم لمناصرة قضية الشعب الصحراوي، وترك حقوقيون من الأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا والنرويج وجنوب إفريقيا وغيرها من البلدان، بصمات جلية في هذه التظاهرة الثقافية الوحيدة في العالم التي تقام في مخيمات للاجئين- من خلال الندوات وعروض الأفلام التي شاركوا في تنشيطها، فقدّموا صورا عن حقوق الإنسان كانت مختلفة لكنها متشابهة في معاناة أهلها وآلامهم.                                                    

فعلى مدار 3 أيام من التظاهرة التي حملت شعار "العدالة الكونية"، برمج المنظمون عروضا للعديد من الأفلام الوثائقية -الطويلة منها والقصيرة- التي يدور أغلبها حول موضوع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والاضطهاد الذي تعرض ومازال يتعرض له الصحراويون منذ بداية الاحتلال المغربي سنة 1975.         

وكانت وزيرة الثقافة خديجة حمدي قد أكدت خلال افتتاح المهرجان أنّ "شعار هذه الدورة ينسجم مع تطلعات وأهداف الشعب الصحراوي الذي كافح ولا يزال يكافح لأجل قيم إنسانية خالدة أبرزها الحق في تقرير المصير" في حين شدّد الوزير الأوّل عبد القادر طالب عمر على أنّ بلاده "تخوض معركة حول حقوق الإنسان" وأنّ المهرجان "مهم جدا للتعريف بالقضية وواقعها ونقلها إلى مختلف دول العالم بطرق سلمية".                    

وعرف المهرجان من جهة أخرى، عروض أفلام حول حياة الصحراويين في المخيمات أنجزها مشاركة مخرجون صحراويون شباب تخرجوا من مدرسة السينما "الشهيد عابدين القائد صالح" التي افتتحت بمخيم بوجدور للاجئين الصحراويين عام 2010 من طرف جمعية "إدارة السينما" الإسبانية التي مقرها مدريد، وهي المدرسة السينمائية الوحيدة بمخيمات اللاجئين الصحراويين.                                                

وعدا الأعمال التي تناولت قضايا الصحراويين، برمج المنظمون أيضا العديد من الأفلام التي استحضرت قصصا إنسانية عالمية عن نضالات الشعوب من أجل الاستقلال، على غرار الوثائقي "10949 امرأة" للفرانكو-جزائرية نسيمة قسوم الذي كرم المرأة الثورية في الجزائر والعالم.                      

وشهد المهرجان منذ افتتاحه تنظيم العديد من الندوات حول حقوق الإنسان الصحراوي وقد استحضر بعضها تجارب عالمية في هذا المجال، على غرار الندوة التي أقيمت تحت عنوان "العدالة الكونية" وعرفت حضور المناضلة الحقوقية الأرجنتينية نورا كورتينيس والمحامي الإسباني مانويل أويي، بالإضافة إلى سفير جنوب إفريقيا لدى الجزائر دينس توكو زاني دلومو.                                                            

وذكرت الناشطة الحقوقية الأرجنتينية نورا موراليس دي دورتينس، وهي أيضا إحدى الأعضاء المؤسسات لجمعية "ساحة ماي" بالأرجنيتن- بضحايا الاختفاء القسري في بلادها إبان حكم النظام العسكري في سبعينيات القرن الماضي، معتبرة أن النضال لأجل حقوق الإنسان "طويل وعسير ويحتاج إلى التضحية"، مضيفة أن "ما حدث في الصحراء الغربية حصل أيضا في الأرجنتين".                                                         

كما عرفت الندوة حضورا مميزا للسفير الجنوب إفريقي الذي أكد على "تضامنه" مع حقوق الشعب الصحراوي "المضطهد" معتبرا أن ما يحدث في الصحراء الغربية "أشبه بنظام الأبارتيد العنصري الذي كان سائدا في جنوب إفريقيا".                    

في حين عاد المحامي الإسباني مانويل أويي إلى تفاصيل الدعوة القضائية التي قام برفعها ضد المغرب لدى المحكمة الوطنية الإسبانية بمدريد سنة 2006، مؤكدا أن "فتح هذا الملف ولأول مرة من طرف العدالة الإسبانية هو في حد ذاته "نجاح كبير" للقضية الصحراوية، على حد قوله.           

وضمن فعاليات المهرجان، شارك أيضا حقوقيون-إعلاميون صحراويون شباب قدموا من الأراضي الصحراوية المحتلة، تكبدوا عناء السفر ومخاطره لإخبار العالم بما يجري هناك من خروقات، كما أكّده كلّ من مامين هاشمي من العيون والطيب البوجرفاوي العضو بالرابطة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الثروات وشيخي لمهابة من السمارة المحتلة.  

وكان ما يقرب الـ 100 شخص- بين ناشطين حقوقيين ومثقفين وكتاب وصحفيين- قد وقعوا قبل أسبوع بمدريد بيان هذه الطبعة، مطالبين مجلس الأمن الدولي باتخاذ موقف عادل ونهائي من أجل تطبيق مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي.