في حين ينتظر عمر تبرئة ذمته من مقتل مُشغّلته

عرض فيلم ”عمر قتلني” بقاعة الموقار

عرض فيلم ”عمر قتلني” بقاعة الموقار
  • القراءات: 1889
لطيفة داريب لطيفة داريب

يعرض حاليا في قاعة الموقار فيلم ”عمر قتلني”، من إخراج رشيد زام والمستنبطة أحداثه من قصة حقيقية لبستاني مغربي ”عمر رداد”، اتُهم بقتل مُشغّلته غيلان مارشال، ليحكم عليه بالسجن لمدة 18 سنة إلى غاية استفادته من العفو الرئاسي بعد سجن دام سبع سنوات كاملة.

مثل في فيلم ”عمر قتلني” كل من الفنان سامي بوعجيلة في دور عمر رداد، موريس بونيشو في دور المحامي جاك فرجاس ودوني بولاليداس في دور الكاتب بيار ايمانويل فوغرونار. تبدأ أحداث الفيلم بمحاكمة البستاني عمر رداد بتهمة قتل مُشغلته الثرية غيلان مارشال، وبعد مرور ثلاث سنوات على القضية، يظهر عمر ليتحدث إلى مترجمه عن القضية رافضا بشدة أن يكون قاتلها، إلا أنه رغم ضعف الدلائل ضده، ما عدا جملة ”عمر قتلني” مكتوبة بدم الضحية، يحكم عليه بالسجن لمدة 18سنة مع الظروف المخففة، وأمام الصحافة يصرخ المحامي الراحل جاك فرجاس، وهو أحد محامي عمر، قائلا بأنه منذ ستين سنة، حكم على ضابط لأنه يهودي، واليوم يحاكم شخص لأنه مغربي”.

يأخذنا المخرج الفرنسي من أصول مغربية، رشدي زام، إلى جلسة أصدقاء يتحدثون عن القضية، من بينهم الكاتب بيار إيمانويل فوغرونار الذي سبق له أن كتب عن العديد من القضايا الحساسة، من بينها مسألة تتعلق ببارونات البترول، ليقرر بتبرئة ذمة عمر من خلال نشر كتاب عن القضية، وفي هذا السياق، يطلب منه صديقه الناشر الاتصال بالمحامي الراحل جاك فرجاس (أحد محامي عمر) بغية تزويده بكافة المعلومات عن المتهم، لإصدار كتاب عن القضية وربما إيجاد ثغرات أخرى فيها، وهنا يقول فرجاس لبيار: ”إنه لأول مرة يدافع عن بريء”.

ويعود المخرج إلى ثلاث سنوات قبل إصدار الحكم، ويظهر كيف أن عمر يعشق اللعب على آلة النقود، لهذا كان يطلب تقديم أجره من طرف مُشغلته غيلان، ومن ثم كيف تم القبض عليه في بيته وسط عائلته، وكيف وجد صعوبات كبيرة في تبرئة ذمته؟ لأنه لا يحسن الحديث باللغة الفرنسية؟ بسبب كونه لا يقرأ ولا يكتب حتى باللغة العربية.

ورّكز المخرج على ملامح الممثل سامي بوعجيلة الذي برع في أداء دوره،من خلال إظهاره لقوة عمر وفي نفس الوقت هشاشته وحيرته أمام ما يحدث له وهو الذي صرح أكثر من مرة ،أن غيلان كوالدته لا يمكن أبدا أن يمسها بسوء.

أظهر المخرج كيف تصرف عمر في السجن وكيف أخذت قضيته أبعادا طويلة المدى، حتى أن نسبة مهمة من الرأي العام كانت في صفه، إلا أن الأمور ساءت حينما تيقن أن أيامه في السجن لن تكون قصيرة بعد تصريح القاضي بحدوث خطأ مطبعي من طرف ثلاث خبراء، فيما يتعلق بيوم موت غيلان، فبعد أن قيل بأنها ماتت يوم الاثنين 24 جوان 1991 حينما كان عمر ببيته، أصبح القول السائد هو أنها قتلت يوم الأحد 23 جوان 1991، حيث كان عمر يعمل عند جارتها باسكال.

يدخل عمر في الإضراب عن الطعام، مما يؤدي به إلى المستشفى، وحينما يزوره والده في السجن يبكيان معا، ورغم عدم وجود قطرة دم الضحية في لباس المتهم، إلى جانب عدم إيجاد سلاح الجريمة، إلا أن الاتهامات انصبت في وجهة واحدة... عمر، أبعد من ذلك، تلقت الضحية عدة طعنات، لكنها لم تكن مميتة وتم إيجاد كتابة ”عمر قتلني” مكتوبة بدم الضحية مرتين؛ الأولى تحمل خطأ نحويا والثانية غير مكتملة، وأكد دفاع المتهم أن الضحية لم تسحب جسدها لكتابة المقولة، كما أنها لا ترتكب أخطاء نحوية بل تم سحبها، بالتالي القاتل هو الذي كتب ذلك لتلفيق التهمة إلى عمر الذي بعد إضرابه عن الطعام، يقدم على محاولة الانتحار، من ثم يعود المخرج إلى اللقطات الأولى للفيلم مع محاكمة عمر، وكذا انهيار زوجته لطيفة بعد سماعها للحكم، أما والده فيردد أن هذا ظلم، وهو الذي كان يؤمن بعدالة فرنسا.

تتسارع الأحداث ويزور جاك فرجاس عمر بغية إخباره بإمكانية طلاق سراحه بعفو رئاسي من جاك شيراك، بطلب من الملك المغربي السابق حسن الثاني، إلا أن عمر يطالب بتبرئته، فيُطلق سراح عمر ويجد عند باب الخروج من السجن، المحامي فرجاس، بعدها يعود إلى بيته وسط عائلته ويكتشف حب الناس له، إلا أنه يجد صعوبات في العودة إلى حياته السابقة.

في المقابل، عمد المخرج على ميزانين في المشاهد المخصصة لعمر وتلك المتعلقة بتحري الكاتب بيار إيمانويل فوغرونار الذي اقتبس دوره من حياة الكاتب جون ماري روار المساند لبراءة عمر، للكشف عن حقائق في هذه المسألة حتى تكون النتيجة كتاب يحكي قصة عمر، حيث نجد تباينا بين مشاهد الفيلم عن عمر من خلال قوتها وبراعة سامي بوعجيلة في تقمص الدور، وبين الخفة والاعتدال في التمثيل لمشاهد الكاتب وهو يحاول أن يبرئ ذمة عمر، وهو ما أحدث فروقات بين مشاهد الفيلم.

حاليا، ينتظر عمر أن يتم الكشف عن هوية صاحب الحمض النووي في قضية مقتل غيلان مارشال، باعتباره لا يمكن أن يعيش في هناء وتهمة القتل ما تزال ملتصقة به، حتى أن هناك من يقول بأنه يعاني من انهيار وأنه لا يبرح بيته.