رأى النور بعد سبع سنوات من إنجازه

عرض فيلم "قصص بدون أجنحة" لعمر تريبش

عرض فيلم "قصص بدون أجنحة" لعمر تريبش
  • القراءات: 1329
لطيفة داريب لطيفة داريب

"قصص بدون أجنحة"، هو عنوان الفيلم الجديد القديم لعمار تريبش، تم عرضه، أول أمس، بقاعة "الجزائرية" وتناول أربع قصص تدور كلها حول الفقدان ومحاولة إيجاد معنى للحياة بعد الرحيل المفاجئ للأحباب، خاصة أنهم غادروا الحياة تاركين وراءهم العديد من الألغاز.

يحكي فيلم "قصص بدون أجنجة" لكاتبته عديلة بن ديمراد، قصة أربع عائلات تمر كلها بحالة من الفقدان جراء حادث طائرة. والبداية بقصة شاهين (كمال علان)، المختص في هندسة التسويق، يجد نفسه مجبرا على الدخول في شراكة مع رجال أعمال يملك الكثير من المال، لكي يشتري والده بيت الجد الذي تربى الجميع فيه والذي هو محل صراع بين الورثة، فيسافر إلى الصحراء بغرض العمل ويقل "الطائرة المنحوسة" التي تسقط في الصحراء مخلفة مقتل جميع ركابها. بعدها يزور رجل الأعمال، أمين والد شاهين ويقرر شراء البيت وإنقاذه من الهدم.

أما القصة الثانية، فهي ليوسف، رسام الكاريكاتور الذي انتقل إلى العيش مع صديق له حتى يقترب أكثر من مقر عمله في الجريدة، وسبب ذلك حزنا لوالدته التي تعيش منعزلة رغم أنها تعيش رفقة زوجها وولدين آخرين. وفي هذا السياق، قرر يوسف رفقة خطيبته، تخصيص رحلة للوالدة إلى الصحراء، فكانت أول رحلة لها وآخرها أيضا. ويتحسر يوسف كثيرا عن رحيل والدته خاصة أنه لم يلق أي دعم معنوي من طرف باقي أفراد عائلته، في حين تحكي له خالته عن ماضي والدته حينما كانت شابة مفعمة بالحياة وكانت تحب رساما ولكن حلم زواجهما لم يتحقق، أبعد من ذلك فقد زوّجها والدها قسرا. أما صالح فرحل عن القرية وأصبح مهندسا، وهكذا يقرر يوسف أو "ريبوست" حسل توقيعه في الجريدة، زيارة صالح في جيجل، وهكذا يلتقيان في نزل يمتلكه المهندس من دون أن يكشف الكاريكاتور عن هويته ويتحدثا عن الرسم وعن الحياة أيضا.

القصة الثالثة هي لعادل (مصطفى لعريي) الذي أحب نفيسة (أمال منيغاد)، مضيفة الطيران كثيرا وخطبها، ولكنه يشعر بالقلق على حبيبته بعد معاناتها من مشاكل صحية، فيطلب منها إجراء تحاليل ولكنها تموت قبل أن تعرف بنتائج هذه التحاليل في حادث الطائرة المعنية. بالمقابل يحزن عادل كثيرا على فقدان خطيبته، وفي نفس الوقت يشعر بتعب شديد ليكتشف أنه ربما مريض بفعل عدوى قد تكون إصابته من نفيسة التي اكتشف أنها كانت تعاني من مرض نادر أصابها في رحلتها إلى كوبا، وهو مرض يشيخ الإنسان بسرعة، فيجري تحاليل هو الآخر، ويعيش حالة هائلة من القلق ليكتشف في الأخير، أنها لم تصبه بالعدوى ولكنه يشعر بالندم حينما غضب من حبيبته كثيرا بسبب هذا المرض وحتى حينما فكر ولو لهنيهة في ايجابية وفاتها.

أما القصة الرابعة والأخيرة، فهي عن سارة (عديلة ين ديمراد) ابنة سي ساسي (محمد رماس)، صاحب شركة كبيرة لبيع البسكويت، تعيش حياة لهو وتدخن بشراهة، ولا تبالي بتحذيرات والدتها (سعاد سبكي) فهي الطفلة المدللة لوالدها، ولكن كل الأمور تنهار حينما يقتل الوالد في حادث الطائرة، حيث يكتشف إنه متزوج من امرأة أخرى ولديه ولدين، بمعنى أن سارة وأختها سلمى لن ترثا الكثير مقارنة بالولدين، أما الوالدة فيصيبها انهيار عصبي ولا تتمكن أبدا من استعادة عقلها.

وتسقط المشاكل كلها على كتفي سارة التي تجد نفسها أمام أمور غير متوقعة، فوالدها وبسبب "يده الطويلة" تمكن من عقد زواجه على المرأة الثانية من دون موافقة الزوجة الأولى، فتتساءل سارة في هذا الحال: "كيف يمكن لها أن ترفع دعوى قضائية ضد القضاء؟ ومن ثم تجد نفسها مجبرة على التنقل إلى بيت صغير والاهتمام بأختها وكذا زيارة والدتها في المستشفى، لتقرر في الأخير تحويل المحل الذي تركه والدها لها إلى فضاء لبيع الخردوات وتعيل نفسها وعائلتها بمساعدة الحبيب رستم.

تناول عمر تريبش أربع قصص غير مرتبطة ببعضها البعض، كان يمكن لإحداهن أن تشكل موضوع الفيلم لوحده، ولكنه أراد أن يقص لنا عدة قصص في فيلم واحد، حيث قال في هذا الشأن إن مهمة المخرج هو أن يقص الحكايا، في حين ربط بين هذه القصص في ثلاثة مواضع، أولها حينما التقت بعض شخصيات القصص في المطار قبل أن يقلوا الطائرة، وثانيها حينما وقفت شخصيات أخرى أمام شاهد عن حادث الطائرة تم تشييده في الصحراء وبالضبط في مكان الحادث، أما آخر لقاء فكان حينما ذهب عادل وزوجته إلى محل سارة بشكل عفوي واتفاقهم على جرأة كاريكاتور يوسف، كما ابتغت زوجة عادل شراء ساعة حائط قديمة تعود إلى أجداد شاهين.

ولم يكن انتقال المخرج من قصة إلى أخرى موفقا في كل مرة، فأحيانا يظهر وكأن المشاهد قصيرة أكثر مما يجب، كما أن الموسيقى التي ضمها الفيلم كانت في أكثر الأحيان طاغية على المشهد بشكل غير جميل، في حين ظهر جليا أن الممثلة التي مثلت دو أم يوسف، مبتدئة في التمثيل وهي في الأصل راقصة في البالي، حيث ظهر عليها الجمود أكثر مما كان ينبغي. في حين لم يكن لدور الإمام للفنان محمد العجايمي، الكثير من المصداقية. بينما أجادت عديلة بن ديمراد دورها بالشكل الكامل، مثلها مثل مصطفى العريبي وآخرون.

بالمقابل، لم يخف المخرج حقائق لطالما عرفها الجميع إلا أنه إما تستر عليها أو زعم أنها غير موجودة، مثل تدخين الفتيات في صورة سارة الثرية التي تعيش حياتها كما يحلو لها وتشتهي التدخين. وكذا شرب الخمر من طرف بعض من المثقفين في صورة الرسامين يوسف وصالح (احمد بن عيسى).

كما أن إخراج الفيلم سنة 2009 وعرضه سبع سنوات من بعد، أثر عليه سلبا، رغم أنه من الجيد أن يرى النور ولو لسنوات بعد ميلاده، حتى أن موضوع سقوط الطائرة لم يعد مع الأسف يشكل حدثا في غاية الاستثناء في الآونة الأخيرة. 

كما أراد المخرج أن يلفت النظر إلى المثقفين المغتالين، حيث وضع صورة طاهر جاووت على حائط مكتب الجريدة التي يعمل بها يوسف، كما قص على لسان صالح المهندس، محاولة اغتيال عائلة المهندس والرسام في بيته من طرف مجموعة إرهابية.

عمر تريبش: لا أؤمن بالأفلام المناسباتية

قال المخرج عمر تريبش على هامش عرضه في فيلمه "قصص بدون أجنحة" إنه أنجز فيلمه هذا سنة 2009 ولكنه لم يستطع أن يرى النور إلا هذه السنة، مضيفا أن الفيلم أنجز بميزانية لا تتعدى ملياريّ سنتيم، حيث تحصل على مليار من وزارة الثقافة ومليار من الوكالة الجزائر للإشعاع الثقافي.

وأكد المتحدث على إمكانية إنجاز أفلام بميزانية صغيرة وعدم الاتكال على التمويل الذي يتزامن مع المناسبات الكبرى، مضيفا أنه استعان بسيناريو عديلة بن ديمراد لانجاز عمله هذا بعد أن كان مقررا أن يتعاونا على انجاز مسلسل ولكن هذا المشروع لم يتحقق.