طباعة هذه الصفحة

منتدى المسرح الوطني الجزائري

عبد الحليم بوشراكي يفصل في أهمية النقد المسرحي

عبد الحليم بوشراكي يفصل  في أهمية النقد المسرحي
  • القراءات: 924
❊ دليلة مالك ❊ دليلة مالك

نشط الدكتور عبد الحليم بوشراكي، أستاذ تحليل الخطاب والمسرح المقارن في كلية فنون وثقافة، جامعة قسنطينة "3"، العدد الثالث من منتدى المسرح الوطني الجزائري على منصة "الفايسبوك"، أول أمس، في موضوع "النقد المسرحي.. ما بعد معركة صراع الأنساق"، بمشاركة عدد من الباحثين والمهتمين في الشأن المسرحي.

يقول عبد الحليم بوشراكي، إن الحركة النقدية في أي مجتمع من المجتمعات، تتوجه نحو تطوير أساليب القراءة وعصرنة مناهج التحليل، تماشيا مع ما تفرزه ديمومة الإنتاجات المسرحية بمختلف مستوياتها وتراكيبها، بدأ بالكتابة الدرامية، مرورا بالتمثيل والسينوغرافيا والكوريغرافيا والإخراج... وصولا إلى تلقي المشاهد وتعدد قراءاته في تصميم خريطة الإبداع المتوافقة والبيئة العامة، التي يتفاعل ضمنها سياسيا واجتماعيا وثقافيا.

ولتكن مسرحية جي بي أس للمسرح الوطني الجزائري، والتي كتبها وأخرجها الفنان محمد شرشال، وحازت على جائزة الهيئة العربية للمسرح في دورتها الأخيرة بالأردن نموذجا للنقاش، حيث أسالت جرأة صاحبها الكثير من الحبر عند المتلفين للوقوف في وجه قطار الإبداع المسرحي الهائج، فيما باركت شريحة واسعة العمل وأعطته الشرعية الكاملة في حرية الممارسة، وضرورة التأسيس لأنساق إبداعية جديدة، تتفق مع تطلعات العصر ومتطلبات مشاهد اليوم.

على ضوء ذلك، تسأل بوشراكي؛ هل ستصمد أدوات النقد المسرحي أمام التسارع الرهيب لأساليب الكتابة والإخراج المعاصرة؟ وهل سيكتفي متلقي اليوم بمجرد القراءة في النظرة الجمالية للعروض المقدمة له؟

يرى محمد شرشال أن النقد في بلادنا، هو الحلقة المفقودة في إطار العام، لكن هذا لا ينفي وجود بعض الدراسات النقدية المحترمة، التي لا تعدو أن تكون اجتهادات فردية في غياب سياسة نقدية شاملة، حالها كحال الإخراج المسرحي الذي يعيش نفس الإشكال، فالإخراج عندنا أيضا، حلقة وما يحدث في مسرحنا لا يعدو، كونه تسيير حركة المرور فوق الخشبة، دون التنكر للمحاولات الفردية لمخرجين قلائل. كما هو مطلوب من المخرج أن يتمكن من الخطاب المسرحي، وهذا الذي نفتقده في أغلب ممتهني الإخراج عندنا. المطلوب أيضا من الناقد أن يكون ملما بنفس أدوات الخطاب، وهذا الذي نفتقده في أغلب من يكتب على المسرح. لقد أصبح النقد عند أغلب المحسوبين على هذا التخصص، سب، شتم، إلغاء وتحطيم العرض، قراءات سطحية وانطباعية إلى حد ما، مستثنيا القلة التي تمتهن النقد في هذا المحيط المعدوم.

رد عبد الحليم بوشراكي قائلا؛ إن العلاقة بين الفن والنقد علاقة أزلية يعتبر فيها الفنان مستشرفا للمستقبل، ثائرا على الحاضر، طالبا للتجديد، والناقد حارس لمكتسبات الفنان ذاته في مستوييها الماضي والمعاصر، أنه القراءة التقدمية الأولى التي تضمن للإبداع البقاء، وأضاف "تجاوز المناهج النقدية القديمة هو في ذاته عصرنة الرؤى وعدم الاكتفاء بالتقليد، باعتباره حاجة ملحة للتطوير والتماشي مع الذهنيات والعقليات التقدمية الراغبة في التجديد. أما فيما يتعلق بأساليب المسرح العربي، فهي رغم كل شيء تخضع لأحدث لنظريات النقدية. النقد الثقافي باعتباره السبيل الأمثل لفهم المكامن النسقية في سياقاتها الثقافية إدراكا ذهنيا وجماليا.

أكد المخرج حسين كناني أن النقد المسرحي ضرورة مهمة لتطور وتسارع وتيرة تطور الحركة المسرحية، بل وتقويمها، لقد وجدت أن هذا العنصر المهم والفعال في الحياة المسرحية، وجدته غائبا في الجزائر ليس فقط على صعيد الكتابات الصحفية، إنما حتى كان غيابه ملحوظا خلال نشاطات المهرجانات التي تابعتها.

من جهته، تساءل الدكتور لخضر منصوري عن عملية النقد الصحفي الموجه للمسرح .. لماذا لا نكون مختصين في هذا المجال، خاصة أن الأقلام الصحفية الجادة التي عرفها تاريخ المسرح بالجزائر أصبحت نادرة... !؟، مشيرا إلى أنه لابد من التفكير في دورات تكوينية جادة للصحفيين المبتدئين، حتى يتمكنوا من أدوات النقد الصحفي الموجه للمسرح، وأن لا يكتفوا فقط بنقل الخبر أو إعادة كتابة ملخص المسرحية الموجود في البطاقة التقنية وبخيانة لمحتواه.

أما الباحث حبيب بوخليفة، فأكد أنه من الضروري أن ندرك دور الحركة النقدية في تطور الإبداع الفني المسرحي، وهذا الإشكال طرحته منذ ما يزيد عن ثلاث عشريات في مناسبات كثيرة.

توظيف آليات المسرح في العملية التعليمية

أما العدد الثاني من المنتدى المسرح الوطني الجزائري، فكان حول موضوع "توظيف آليات المسرح في العملية التعليمية"، وجاءت إدارة الجلسة مفتوحة على المتدخلين، واقترح الناقد المسرحي بوبكر سكيني نص المداخلة للنقاش والإثراء والتحاور، فقال؛ إن الإنسان اتخذ منذ النشأة الأولى التعبير بمسرحة تجاربه اليومية وهواجس حاضره وتطلعاته المستقبلية، فكان له ممارسة المسرح كضرورة تعبيرية وسلوك اجتماعي، حتى أضحى ذلك جزءا لا يتجزأ من حركيته الاجتماعية في شقها الثقافي، بل تعدى إلى اتخاذه دورا هاما في تجسيد الهوية لديه منذ بزوغ الحضارة الإنسانية في بدايتها، إلى غاية اختزال الجغرافيا في حاضرة الحضارة المعاصرة.

يضيف "أهم من ذلك، فالإنسان في ممارساته اليومية، على تنوع حاجياته ورغباته التي تدفعه إلى ذلك، يحتفظ بطبيعته البشرية ويبتعد عن الحيوانية ويجسد في الواقع الجماعي والاجتماعي وجدانه بكل أطياف استمرارية وجوده؛ والمسرح حاجة إنسانية بها يحقق وجوده الثاني على تعبير "إيريك بنتلي" في كتابه الحياة في الدراما، حيث يرى أن الهدف المتوخى من أي عمل مسرحي، سواء كان موجها للكبار أو الصغار، على أن يحقق التواصل باعتباره أساس استمرار عملية التلقين من طرف المشاهد بشكل طبيعي، وهو ما أشارت إليه نظرية التلقي حول المبدع الرابع، وهو الجمهور على تعبير ميرهولد، وبذلك تم تجاوز مسلمة الطرح القائمة على أن فن المسرح شكل احترافي وإنتاجي واستهلاكي، إلى استحداث طرأت على العديد من المفاهيم المرتبطة بعملية التلقين فيه، كالمسرح التعليمي أو المسرح المدرسي أو مسرحة المناهج أو دور المسرح في تنمية المهارات لدى التلميذ".

أشار المتحدث إلى أنه من هنا، نلاحظ أن هناك علاقة وثيقة بين المسرح والعملية التعليمية، وعلى وجوب تفتح العملية التأويلية في المسرح على مستويات أخرى، أي من المحيط الاجتماعي إلى الفضاء التربوي، وعليه نطرح بذلك مجموعة من التساؤلات لتحقيق ذلك منها، فما هي آليات المسرح الواجب توظيفها إيجابيا في المؤسسة التربوية والتعليمية والتكوينية؟ وكيف يمكن ترقية وظيفة المسرح في العملية التعليمية؟ ما الأدوات البيداغوجية المتوفرة في المسرح، والتي بها تتحقق عملية إنماء المهارات لدى الطفل ـ التلميذ؟، وما جدوى المسرح في فتح عقول الأطفال على حقائق العلم والحياة، وفي التفاعل الإيجابي مع مناهج التعليم عن طريق لعبة المسرح؟