طباعة هذه الصفحة

الكاتب النيجيري وول سوينكا:

عالمنا اليوم أمام كوارث متعددة!

عالمنا اليوم أمام كوارث متعددة!
الكاتب النيجيري وول سوينكا
  • القراءات: 657

هو في الخامسة والثمانين من عمره إلاّ أنه لايزال يتمتّع بالحيوية والنشاط، مواصلا رحلاته عبر العالم، ذلك هو الكاتب النيجيري الكبير وول سوينكا المولود في الرابع عشر من جويلية 1934 في المنطقة الغربية من نيجيريا. وبعد استكمال تعليمه في العاصمة لاغوس انتقل إلى بريطانيا، وتحديدا إلى مدينة "ليدس"؛ حيث حصل على شهادات جامعية مرموقة. بعدها عاد إلى بلاده، ليكتب مسرحية بعنوان "الأسد والجوهرة"، بطلها شاب متكبر، ومعتز بثقافته الأوروبية، يعود إلى قريته ليعيش مواجهة حادة مع شيخ القرية، الذي تمكّن بسلاسة لسانه من أن يستحوذ على قلب الفتاة الجميلة التي كان يعشقها.

شهرة وول سوينكا سوف تتحقق على مستوى القارة الإفريقية خلال مهرجان الفنون الإفريقية الذي نُظم عام 1966 في العاصمة السينغالية داكار. وعند اندلاع الحرب الأهلية عام 1967 والتي استمرت حتى عام 1970، انتقد وول سوينكا المنشقين في مقاطعة بيافرا، فكان رد هؤلاء سجنه لمدة عام ونصف. ومن وحي تجربة السجن المريعة استوحى موضوع روايته التي حملت عنوان "هذا الرجل ميّت".

وقد كتب وول سوينكا المسرح والرواية والشعر، ومنذ حصوله على جائزة نوبل للآداب يعيش وول سيونكا سفرا دائما بين بلاده وبلدان مختلفة من جميع أنحاء العالم، وكثيرا ما يتدخّل في الصراعات والنزاعات الإفريقية والعالمية للتعبير عن أفكاره وآرائه بخصوصها. وبخصوص القضايا الحارقة التي يعيشها عالمنا اليوم وفي حوار معه مع الأسبوعية الفرنسية "لوبوان"، تحدّث وول سوينكا عن الوضع الراهن في بلاده، وفي القارة الإفريقية وفي العالم.

وفي بداية الحوار تحدّث عن مسرحيته "أوبرا فونيسكي" التي يتمحور موضوعها حول الأنظمة الديكتاتورية في القارة الإفريقية؛ قال: "في الفترة التي كتبت فيها مسرحيّتي المذكورة كان من الطبيعي تقريبا أن تكون هناك أنظمة ديكتاتورية في القارة الإفريقية مثلما كانت الحال في نيجيريا وفي إفريقيا الوسطى وفي الكونغو، كل هؤلاء الرؤساء وكل هؤلاء الجنرالات كانوا يشعرون بأنه يصعب إزاحتهم والانتصار عليهم، كما كانوا يشعرون أن باستطاعتهم أن يحكموا بلدانهم مدى الحياة. ولم يكن الشعب يعني شيئا بالنسبة لهم، وكان الشعب عالما بذلك. اليوم، حتى الذين لايزالون يحكمون بهذه الطريقة يعلمون أنهم غير قادرين على التحكم في الحركة العامة التي تطالب بالديمقراطية. وقبل ما يسمى بـ "الربيع العربي" استيقظ الأفارقة، وأدركوا أنّهم يناهضون الأنظمة الديكتاتورية، ولعبة الكراسي من أجل السلطة". وأشار وول سوينكا إلى أنّ أخطر تهديد تواجهه نيجيريا يتمثل في "بوكو حرام" الأصولية المتطرفة، التي اقترفت على مدى السنوات القليلة الماضية، جرائم فظيعة ومجازر في القرى النائية. واعترف بأنه حرم من النوم ليالي عدة عندما قامت "بوكو حرام" باختطاف فتيات. وأضاف وول سوينكا قائلا إنّ التنظيمات الأصولية التي تتستر وراء الدين أدخلت العالم بأسره في سرداب مظلم، ناشرة الرعب والخوف في كل مكان؛ فلم تعد بلاد في أمن من شرها.

ويرى وول سوينكا أنّ الكتابة تظل بالنسبة له، الوسيلة المثلى للمقاومة، قال في ذلك: "حسب رأيي، أعتقد أن ما يحرض أحدا ما على الكتابة هو أن يجد نفسه أمام شيء يعجز عن فهمه، أو أن يرغب في الاختفاء بحدث إيجابي للغاية، يجعلنا نحسّ أنّنا ننتمي إلى الجنس البشري. وهذا الفرح هو الذي نسعى للتعبير عنه من خلال الكتابة. لكن، للأسف، أرى أن الأحداث السلبية والمأساوية هي التي تهيمن على القارة الإفريقية. البعض يقول إنّ الكتابة يمكن أن تكون نوعا من العلاج الذي يبقي على صفائنا الذهني في قلب التناقضات التي تحاصرنا. آخرون يرون أنه يساعدنا على الانتقام من الذين يرغبون في تنغيص حياتنا لجعلها مستحيلة. ونحن نرغب في السخرية من هؤلاء، والحطّ من شأنهم. وإذا ما كنا متفائلين فإننا نعتقد أن الكتابة قد تتيح لنا فرصة إحداث تغيير، يمكن أن يشعر به من يقرأوننا. وتبقى هناك أسباب كثيرة أخرى تدفعنا إلى الكتابة".