الرسام صابر حمادي لـ "المساء":

ظروفي ساعدت في صقل موهبتي الفنية

ظروفي ساعدت في صقل موهبتي الفنية
  • القراءات: 793
حاوره: جمال حاوره: جمال
 لطالما آمنت إيمانا قاطعا أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، وأنّ الريف أرض خصبة أنجبت رجالا ونساء برزوا في مجالات عدّة ومتعدّدة، ولعلّ علي حمادي أو صابر، كما يحلو لأترابه وأصحابه من الفنانين مناداته، واحد منهم؛ فمن الظروف القاسية ومن الفقر ومن رحم المعاناة خرج فنان متميّز. التقته "المساء" بمدينة حمّام الضلعة بالمسيلة، وكانت هذه الدردشة القصيرة الشيّقة..

❊❊ كيف تقدّم نفسك لقرّاء «المساء»؟

— ❊ علي حمادي ملقب بـ «صابر» و»علي صابر» عند مجتمع الفنانين، وُلد ذات يوم من أيام شهر أكتوبر من سنة 1985 في قرية زيطوط بحمّام الضلعة. نشأت في بيت بسيط وسط أسرة فلاحة تكابد الدهر لأجل حياة شريفة بجوار الوادي، وبين أشجار البساتين كانت بيئتي، ومن تلك البيئة وتلك الأسرة تشكّلت بوادر موهبتي.

❊❊  كيف ذلك؟

—❊ قلت من تلك الطبيعة الساحرة أُلهمت روح الإبداع والتأمّل، وربّما ساهمت تلك الحياة البسيطة والفقيرة في إرساء مبادئ اجتماعية نبيلة، وفي أسرة تقدّس الحياة الأسرية والمبادئ، وبين إخوة يعشقون المطالعة والشعر والأدب.

❊❊ هي عوامل ساعدت في صقل موهبتك..

—❊  بالتأكيد.. كنت أنحت كلّ يوم شخصيتي وأصقلها في مزيج من التأمّلات والرؤى الصوفية والروحانية.

❊❊ طبيعة الريف بسحرها وجمالها ما صنع صابر الفنان إذن؟

— منزلنا وهو يتوسّط بستان الأشجار ويراقص موسيقى خرير مياه الوادي دخان موقده، جعل منه سمفونية أثّرت فيّ بشكل كبير، فقد كنت ميالا للعزلة، محاولا البحث عن الكثير من الأسئلة الفلسفية وطرح إشكاليات الغموض والوجود، العاطفة والإلهام، الشجن والصمت. شتاء المنطقة الداكن وربيعها المجنون، صيفها الحار وخريفها المثمر هي قرية زيطوط.. خلقت بداخلي تفاعلات وانفعالات إبداعية تترجم إنسانية المكان.. تلك الأطياف الجميلة كبرت معي.

❊❊ وكيف اكتشفت موهبتك؟

بوادر الموهبة بدأت في سن مبكرة وأنا لم أتجاوز سن الخامسة من عمري، حيث لوحظت موهبتي من قبل أفراد أسرتي. بعد دخولي المدرسة كنت دائما محلّ أنظار الجميع لما أحمله من موهبة؛ حيث كان الرسم مرضي العضال الذي لا شفاء منه .

❊❊ ألهذا الحد كان الرسم يضايقك؟

— ❊ أن تحوّل آهاتك إلى طلاسم شكلية وإبداعية هي الداء بعينه.

❊❊ ما الذي يتذكّره صابر من مرحلة المدرسة؟

—❊ (بعد ضحكة).. كنت دائما معاقبا من طرف معلمي؛ لأني كنت أحوّل جميع ما تقع عليه يداي إلى لوحات رسم. وأذكر أنّ أستاذي خير عاشور كان دائما يقول لأصدقائي: يوما ما سيصبح صابر رساما، فرغم الظروف التي كنت أعيشها وعوز عائلتي الذي كان يحول بيني وبين إبداعي - ولم أكن أملك حتى علبة ألوان - كنت لشدة رغبتي في الرسم إمّا أحفر على الصخور المحيطة بالبيت أو عند اختلائي بنفسي، أو أحاول أن أشكّل من الطين تشكيلات مختلفة، أفجّر بها غضبي وحزني وحلمي، لكن أمي كانت دائما تطلب مني أن أرسم، بل قالت يوما: يا بنيّ، أريدك أن تصبح رساما كبيرا، هذا سيجعلني فخورة جدا بك، ولأنها كانت موجوعة بسبب مغادرة كل إخوتي مقاعد الدراسة، كانت ترى فيّ أملا أو مسكّنا لمواجع الدهر.

❊❊ مَن مِن الفنانين تعتبره قدوة لك؟

— هناك العديد من الفنانين كالفنان الإيطالي أميديو مديجلياني والفنان النرويجي إدوارد مونش، وأرى نفسي ميالا في شخصي إلى الإيطالي أميديو مديجلياني؛ فقد أتقاسم معه حبه لوالدته التي ماتت في ظروف قاسية، وفقره وتعرّضه للعنصرية في زمنه...

❊❊  كيف يقيّم صابر الفن في الجزائر؟

— ❊ سأكون قاسيا إن قلت لك إني محوت آثاره ومقوّمات شخصيته.. لقد صادر أناس غرباء عن الفن كلّ رموز الإبداع.. إنّه اغتيال للعقل المبدع؛ فالثقافة اليوم في الجزائر تسير بعشوائية، ولا أحد يبالي.

❊❊ هل من مشاريع تنتظر «صابر»؟

❊— لديّ عمل فني مشترك مع فنانة من النرويج، يتمثّل في معرض حول أطفال غزة، بعنوان «الأطفال داخل الحروف»، وهي فنانة عالمية معروفة، لديها الكثير من الأعمال والمعارض الكبيرة، أتمنى أن يكلَّل هذا العمل بالنجاح.

❊❊ بم نختم؟

—❊ أشكر «المساء» على إتاحتها لي هذه الفرصة التي تُعتبر أوّل فرصة لي، ومن خلالها أشكر كلّ من ساعد «صابر» ولو بنصيحة، مزيد من النجاح في سماء الإعلام، ودمتم في خدمة الفن والفنانين.