الناقدان بحري ولعلاونة يبديان رأيهما في معروضات "سيلا":

طغيان السيرة الذاتية وازدهار الرواية الشبابية الفنتازية

طغيان السيرة الذاتية وازدهار الرواية الشبابية الفنتازية
الدكتوران الناقدان محمد الأمين بحري ومحمد الأمين لعلاونة
  • 130
 لطيفة داريب لطيفة داريب

قدّم الدكتوران الناقدان محمد الأمين بحري ومحمد الأمين لعلاونة لـ"المساء" انطباعاتهما حول فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الحالية، ففي حين استنتج بحري طغيان كتب السيرة الذاتية، رحّب لعلاونة بالكتابات الجديدة للشباب.

محمد الأمين بحري: طغيان ملحوظ للسيرة الذاتية

قال الناقد محمد الأمين بحري إنّه لاحظ أنّ الكثير من الإصدارات الجديدة لهذا العام تصبّ في الجانب المعرفي مثل علم النفس الذي يميل إليه الكثيرون والمهتمون أيضا بكتب التنمية الذاتية، بالإضافة إلى كتب الطب وكذا تلك التي تشهد على اقتران بين الأدب والثقافات الأخرى مثل السينما والفنون التشكيلية تأثّرا بوسائط التواصل الاجتماعي.

تابع المتحدّث أنّ الكاتب الشاب أصبح يقدّم معلومات عن تخصّصه في الكتابة الإبداعية، فظهرت الرواية المعرفية، فالمهندس مثلا يخطّ معلومات عن الهندسة في روايته وهكذا دواليك، نفس الشيء بالنسبة للذي استفاد من تكوين في مجال معيّن سواء عن قرب أو حتى عن بُعد، وهذا في شتى المجالات مثل اليوغا والفنون الآسيوية والفاتنازياوالأنمي والمانغا وغيرها، حتى الجانب السمعي البصري أصبح له جانب كبير في الكتابة مما يقدّم خدمة للقارئ. -يضيف الناقد-.

وعبرّ بحري عن تفاؤله بنهاية الكتابة من أجل الكتابة أي التلاعب بالألفاظ دون معرفة، والدوران في حلقة اللغة أو كما سماه بـ«نهاية جيل المتأثّرين بكتابات أحلام مستغانمي"، وقصد بذلك اللغة التي تطغى على القارئ، مشيرا إلى أنّنا اليوم أصبحنا نرى الأثر المعرفي العلمي على الأدب أي نقرأ لنستفيد، فعديد الكُتّاب أصبحوا يقدّمون مع الرواية، تخصّصهم في معرفة معينة وتكوين في مجال ما.

لاحظ بحري أيضا خلال "سيلا2025"، وجود أدب الرحلة بكثافة، وهو ما اعتبره أمرا إيجابيا، بينما الأدب الطاغي في معرض الجزائر الدولي للكتاب، هو السيرة الذاتية، وفي هذا قال"أغلب مقتنياتي هذا العام في السيرة الذاتية، ما أعتبره أمرا إيجابيا وسلبيا في نفس الوقت، فكيف لشاب في العشرين من عمره أن يكتب سيرته الذاتية؟ وهناك من قال لي إنّه كتب سيرته القرائية، أي عن الكتب التي طالعها. بالمقابل هناك أدباء كبار كتبوا سيرتهم الذاتية من بينهم خليفة بن قارة وعبد العزيز غرمول وعبد الله حمادي، وفي هذا أطلق على سيلا هذا العام بطغيان السيرة الذاتية".ماذا عن الكتب التي خطّها المؤثّرون؟ وتوافد رهيب للقرّاء عليها؟ يجيب بحري أنّ أثر المؤثرين في الدراما والسينما والكتابة باهت، لم يأت على خلفية معرفية بل بتأثير من الشاشة. وأضاف أن المؤثرين يسيطرون فعلا على شاشات الهواتف لكنهم ليسوا كذلك بالنسبة للفنون والآداب، والقارئ حينما يقرأ ما كتبوا سيلاحظ الفرق الشاسع بين صورة المؤثر على شاشة الهاتف ومستواه الأدبي والكتابي، مؤكّدا في السياق نفسه أهمية التكوين بالنسبة لهؤلاء المؤثّرين لأنّه أن تكون مؤثّرا ناجحا لا يعني أنّك ممثل ناجح أو كاتب ناجح لأنّ هذه المجالات تستلزم التكوين والمعرفة والتخصّص.

محمد الأمين لعلاونة: الطابع الفنتازي متأصّل في الروايات الشبابية

تحدّث الدكتور الناقد محمد الأمين لعلاونة  لـ«المساء" عن الجيل الجديد من الروائيين الشباب الذين قد تختلف رؤيتهم عن فكرة الكتابة بمفهوم الرواية عند الجيل الذي أسّس الرواية في الجزائر، حتى القرّاء الذين يطالعون هذه الأعمال الروائية لهذا الجيل الذي يكتب الرواية بشكل مغاير، هم أيضا مختلفون، مشيرا إلى أنّ أغلب هذه الروايات الشبابية يغلب عليها الطابع الفنتازي.وأضاف الدكتور أنّ هناك من يعتبر أنّ هذه الظاهرة سلبية في الساحة الأدبية الجزائرية لكن من وجهة نظره فهي إيجابية، وفي هذا قال"هناك قطيعة بين جيل من الكُتّاب الشباب وجيل يرى أنّ الرواية جنس أدبي نخبوي خاص بطبقة معيّنة من المثقفين، ويحسب أنّ الروايات التي تكتب بطريقة جديدة، خواطر لا غير. أنا لا أتّفق مع هذا الطرح لأنّ الزمن كفيل بغربلة هذه الأعمال الأدبية، حتى بعض الروايات التي نطالعها لروائيين جزائريين مؤسّسين للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية يبدو بعضها أنّها خواطر ونصوص لا تستحق القراءة".

وتابع أنّ هذا الحكم المسبق أحدث قطيعة مع الجيل الجديد من الكُتّاب الذين يكتبون بطريقة مغايرة، والذين لم يعودوا ينتظرون النقّاد لترويج أعمالهم والحكم عليها، بل توجّهوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك والتكتوك واليوتوب، وهو ما لاقى استحسانا من طرف المشاهد لأنّنا في عصر الرقمنة والسرعة، فهذا المشاهد القارئ الجديد يشاهد بعض التفاصيل المتعلّقة بالكتاب، ثم ينتظر بفارغ الصبر تنظيم معرض الجزائر الدولي للكتاب لزيارته واقتناء هذه الكتب.وقدّم لعلاونة مثالا بكاتبة لها قناة على "اليوتوب" يتابعها الملايين، تحت اسم "لبنى تحكي" تقدّم حكايات أغلبها من الواقع الجزائري سواء عن الظواهر الاجتماعية أو قصص مرعبة، استثمرت مجموعة من الحكايات في كتاب عنونته بـ«عزة" ووقّعته بـ«لبنة تحكي" وكان عليه إقبال كبير من القراء مقارنة بروائيين لهم باع طويل في كتابة الرواية لا يبيعون أزيد من مئة أو مئتي نسخة من رواياتهم.