نــدوة الـرواية وسؤال الفكر

طرح عميق لما وراء وقائع التاريخ ومجتمع الراهن

طرح عميق لما وراء وقائع التاريخ ومجتمع الراهن
  • 165
مريم. ن  مريم. ن 

طرحت ندوة "الرواية وسؤال الفكر" في مضمون نقاشاتها حال الإبداع كظاهرة جمالية وفلسفية تحثّ على التفكير والتأمّل والقلق وتلم بكل التقنيات والدلائل التي تتجاوز مجرد الحكي والاستثمار في التجربة الحية وفي مخزون الذاكرة أيضا متجاوزة الأفق السطحي إلى العمق والمعنى والتوظيف .

أشار الروائي عبد الوهاب عيساوي إلى أنّ الرواية التاريخية تنطلق من الراهن  وذات علاقة بالمجتمع  وبالسياسة وبالآخر أيضا، معتبرا أغلب النصوص الروائية التي تشتغل مثلا على تيمة الاستعمار والكولونيالية تطرح أسئلة تقليدية، لكن في نفس الوقت فإنّ كلّ فضاء تاريخي هو حاضنة للكثير من الأفكار، وهنا أعطى مثالا عن الزين بركات عند الغيطاني الذي عاد إلى العصر المملوكي ليتناول العلاقة مع السلطة  وما فيها من قمع وبالتالي ماكان الزين بركات سوى الراحل عبد الناصر بمعنى أنه وظف التراث ورجع للتاريخ لينقل أفكار روايته.

بالنسبة لروايته "الديوان الإسبرطي" قال إنّها تتجاوز الحكم على فترة العثمانيين بالجزائر هل هو احتلال أو فتح وإنّما المراد هو الوقوف على أحوال تلك الفترة من قضايا اجتماعية ومعارف واحداث وغيرها، مضيرا أيضا أنه يطالع التاريخ ليبحث عن المؤلفات والتحولات المعرفية والثقافية، معتبرا إشكالية التاريخ عند العرب هو التأسيس بالسياسة لا بالمعرفة . كما قال إن الرواية هي طرح لمزيد من الأسئلة وليس تقديم إجابات، موضحا أن للغط دوره كظاهرة صحية لإعادة قراءة القضايا الكبرى في سياقات جديدة.

حديث عن المنسيين

تحدّث عيساوي أيضا عن المنسيين في التاريخ لإعادة الاعتبار لهم منهم الذين عاشوا وساهموا في ثورة التحرير، كذلك هؤلاء المساجين الاسبان خلال الحرب الأهلية الذين نفوا للجنوب الجزائري وعاشوا فيه سبع سنوات وقد أعطاهم المتحدث في روايته مزيدا من الكلام والتعبير وكان الاشتغال في ذلك على ملحمة لغوية جميلة .

في روايته " الدوائر والأبواب" أعطاها صاحبها عيساوي بعدا معرفيا فلسفيا على اعتبار أن لكل إنسان دائرة وعندما تلتحم الدوائر تتحول لدائرة واحدة جامعة للإنسانية، وقد أضاف أيضا أن الرواية لا تكتب التاريخ فذلك ليس وظيفتها بل تشتغل على الشخصيات والأمكنة والوقائع.

الكلمة فكر

بدوره، تطرق الروائي الاسباني الخاندرو ماريون صاحب "الأشياء في حالتها الطبيعية" و«السيناريو الأكثر سوء"، أهمية المكان في الإبداع علما أنه ولد في جزيرة ماريوكا التي اكتشف فيها قيم البحر التي سكنته مبكرا، معتبرا أن للكلمة قوة في المجتمع وعلى الكاتب ايصالها، مؤكدا أيضا أن الكلمة فكر والعكس صحيح  والتفكير والكتابة لا يكونا في حيز منغلق بل ينفتحا لمخاطبة الناس والعيش مع الآخر منه حتى الفضاء الطبيعي .

تجمع الكتابة والرواية والفكر المبدع والقارئ، وبالتالي على الكتابة أن تكون خدمة المجتمع لتطويره كما لا يمكن للكاتب مهما كان أن يتملص من مجتمعه.

«بنات الرياض" نموذج من الأدب النسوي

أما الروائي السعودي معجب العدواني فتطرق إلى الأدب النسوي في بلاده من ذلك رواية "بنات الرياض" مع الروائية السعودية رجاء الصانع، وحاولت الكاتبة كشف واقع ظل مسكوت عنه نتيجة المجتمع المحافظ مغلق، فكانت الرواية بمثابة مقاومة ضد التقاليد، وقد أشار المتحدث إلى أنّ المرأة السعودية بدأت الكتابة منذ الستينيات وظهرت العديد من الكاتبات المتألقات منهن رجاء عالم التي تركت بصمتها في رواياتها المشهورة منها "طوق الحمام" مثلا و«طريق الحرير" وغيرهما، علما أن الكاتبة ومعها الكثير من الروائيات (أميمة الخميس وليلى الجهني مثلا)، سببن صدمة للمجتمع بسبب الواقع الذي أخرجوه والذي كان مخفيا تماما كما المرأة في البيوت، وقال المتحدث إنّه درس في بحثين كتابات المرأة السعودية من خلال المكان المغلق ثم المكان كمنفى وأيضا المكان الأسطوري، أما المكان الخارجي فيعني السفر خاصة لأوروبا أي لندن وباريس وتكتب السعودية أيضا وهي فيه وتجد فيه مساحة أكبر من الحرية، أما مع الانفتاح في السعودية فأصبحت الروائية تتطرق لقضايا التي تحتاج للمزيد من المراجعة.