اقتراح إطلاق قناة للأرشيف الفني الجزائري

صون للذاكرة وتثمين لخبرة سنين المجد

صون للذاكرة وتثمين لخبرة سنين المجد
  • القراءات: 869
مريم . ن مريم . ن

دعت مجموعة من الفنانين إلى ضرورة إنشاء الإسراع في قناة تلفزيونية مختصة في الأرشيف الوطني، قصد استغلال الكم الهائل من التراث الفني والثقافي المخزن حتى تستفيد الأجيال منه وتكتشف روائع الأعمال، ومن أجل أن يتمتع الجمهور الواسع بأعمال يحن لرؤيتها.

من الفنانين الذين دعوا لتفعيل هذا التراث الفني وإطلاق قناة تلفزيونية عمومية مختصة في الأرشيف الوطني، الفنان حميدو الذي أشار مؤخرا في لقاء خاص إلى الإسراع في إطلاق هذه القناة التي ينتظرها الجمهور بفارغ الصبر على اعتبار أنّ الأرشيف المتوفر جد ضخم ويمتد إلى فترة ما قبل الاستقلال وحتى اليوم وتستحق الأجيال متابعته لأنه جزء من هويتنا الثقافية والوطنية ولا يعقل أن يبقى حبيس الرفوف.

من جهة أخرى، اعتبر حميدو أنّ إعادة بعث هذا التراث هو بمثابة تكريم لعمالقة الفكر والثقافة الوطنية الذين سخّروا حياتهم لخدمة الهوية والفن الجزائري، ومنهم من ضحى من أجل أن تستعيد الجزائر استقلالها الوطني، وبقيت أسماؤهم راسخة في ذهن الجزائريين عبر الأجيال من أمثال باشطارزي وحسن الحسني وفيرنونديل وعلال المحب وكلثوم ونورية ولطيفة وغيرهم كثير. أما في مجال الغناء والطرب فحدث ولا حرج من أسماء ثمنت التراث الجزائري بروائعها التي تجاوزت الحدود، وبقيت بمثابة مدارس فنية تنهل منها أجيال اليوم.

وأكّد الفنان حميدو أيضا أنّ استعادة هذه الذاكرة هي بمثابة تكوين مباشر للشباب حتى تكون الاستمرارية والتواصل، فتلك الأعمال والأسماء قطعت مشوارا هاما من الاحترافية سواء في المسرح أو السينما أو الطرب أو كتابة النصوص وفي التصوير وغيرها، ومن ثمة فمن الضروري الاستفادة منها اليوم حتى لا تحدث القطيعة بين الأجيال.

أمر آخر مهم لفت إليه حميدو الاهتمام وهو "رقي المشاهدة" كما أسماها بمعنى المساهمة في تهذيب الذوق العام للمشاهد الجزائري الذي أصبح في الكثير من الأحيان ضحية للرداءة والاستسهال بأعمال لا تمت للفن ولا للهوية الجزائرية بصلة، وبالتالي سيكتشف من خلال هذه الروائع قيمة الفنان الجزائري الحقيقي الملتزم والمحترف الذي يحترم عقل وإحساس الجمهور، عكس ما هو كائن اليوم فقد يصعد الفنان على المنصة ليغني وهو يستعمل هاتفه النقال أو يدير ظهره للجمهور بينما كان التواصل أكثر وأرقى مع فنان زمان الذي ورغم حاجته كان يطل في كامل أناقته ولباقته.

حديث حميدو كان نفسه ما قاله البعض من أهل الفن والإعلام عندنا، حيث نادوا كلهم إلى المساهمة في إرجاع هذه الروائع إلى الشاشة الصغيرة وإعادة استثمارها من جديد، كما لم يكف الجمهور أيضا عن الالحاح من أجل إعادة بث هذا الأرشيف الزاخر منه التحقيقات الكبرى التي كان يقوم بها التلفزيون الجزائري. كما سبق للفنان مصطفى عياد (ابن الراحل رويشد) أن نبه إلى ضرورة استغلال الأعمال الفنية وبثها ليراها الشباب خاصة منها المسرحية، ناهيك عن حنين أبناء جيله ممن يتمنون إعادة مشاهدتها.

للإشارة، فقد بادرت بعض الدول العربية إلى إطلاق قنوات مختصة في الأرشيف ولاقت صدى واسعا، وينتظر أن يكون الحال مثله في الجزائر خاصة وأن الأرشيف الجزائري له جمهوره الواسع في البلاد المغاربية وعلى رأسها تونس والمغرب وليبيا، بل إن الجمهور في بعض الدول العربية يشتاق للفن الجزائري من ذلك روائع المسرح والأغاني، علما أنه في السنوات الأخيرة أطلقت بعض الأعمال الجزائرية على شبكة الأنترنت فتجاوب معها الجمهور العربي واشتعلت لها المواقع، نذكر منها أغنية شمس للفنانين الكبيرين سلوى ورابح درياسة وكانت كل التعليقات والتجاوب من الجمهور العراقي الذي ذكر أن التلفزيون العراقي في السبعينيات كان لا يكف عن عرض هذه الرائعة التي سلبت كل من يسمعها، وكذلك الحال بالنسبة لأعمال أخرى.

في انتظار أن يتحقق حلم قناة الأرشيف الجزائرية، يحاول التلفزيون العمومي منذ فترة بث أعمال غابت عن الجمهور لأكثر من ثلاثة أو أربعة عقود كالحفلات والسكاتشات والأفلام السينمائية كان آخرها رائعة "سيجارة لعلي" للمخرج الراحل موسى حداد ومن بطولة الراحلة نورية، وينتظر المزيد فالأرشيف لا ينضب حتى ولو تم بثه 24 ساعة في اليوم.

إحياء هذه الذاكرة سيسد الفراغ الحاصل حاليا إذ لا تكاد توجد أيّ قاعدة معلومات أو بيانات أو مواقع على محركات البحث الإلكتروني عن عمالقة الفن الجزائري مما يجعلهم غائبين منسيين لا أثر لهم وهم الرواد والنجوم.