4 سنوات على رحيل رابح درياسة

صوت الأصالة والأغنية الجزائرية الهادفة

صوت الأصالة والأغنية الجزائرية الهادفة
الفنان الراحل رابح درياسة
  • 212
س. ش س. ش

يعدّ الفنان الراحل رابح درياسة أحد أعمدة الأغنية الجزائرية الأصيلة وأبرز الأسماء التي صنعت مجدها، فكان بذلك رمزا من  رموز الفن الملتزم الذي جمع بين الإبداع والأصالة، وأوضح فنانون عشية الذكرى الرابعة لوفاته المصادفة لـ8 أكتوبر، أنّ صوت الفنان درياسة ارتبط في ذاكرة الجزائريين بالأغنية الوطنية والعمل والحب الصادق، حيث تجاوزت أغانيه الخالدة "يا محمد" و"نجمة قطبية" و"يا شمالية" و"الجولة الكبيرة" و"يحياو أولاد بلادي" وغيرها، حدود الزمان لتبقى محفورة في الذاكرة الجماعية.

في هذا السياق، ذكر الفنان نصر الدين البليدي لـ«وأج"، أنّ المرحوم ابن مدينة البليدة (المولود في 1  جويلية 1934)، بدأ مسيرته الفنية في الخمسينيات وجمع بين موهبة الرسم (المنمنمات والخط) والغناء، فكانت أوّل أغنية له "نجمة قطبية" وعرفت شهرة كبيرة داخل وخارج الوطن.

وأضاف الفنان نصر الدين البليدي، وهو ابن أخته، أنّ خاله درياسة كان "فنانا شاملا" يكتب ويلحن ويؤدي أغانيه التي تناولت مواضيع وطنية والأخلاق والحب والعادات الاجتماعية، ما جعلها قريبة من قلوب الناس، لافتا إلى أن رصيده الفني تجاوز الألف أغنية مسجلة. كما أشار إلى أنّ المرحوم عمل على إحياء الأغنية البدوية (الآياي)، فتعامل مع عديد الشعراء وشيوخ الأغنية البدوية على غرار الشيخ العرجاني والشيخ البدوي وخليفي أحمد وغيرهم، فنال بذلك احترام الجمهور الجزائري، وأضحى بذلك من روّاد الفن الملتزم والهادف.

واعتبر الفنان نصر الدين البليدي المرحوم قدوته ومصدر إلهامه في الالتزام والصدق الفني، مستذكرا بدايته الأولى في عالم الفن حيث كان المرحوم سنده الأوّل فلحن له ألبومه الأول بعنوان "كاتبة"، الذي نال شهرة كبيرة آنذاك. من جهته، ذكر الممثل عبد الحميد رابية، أنّ المرحوم كان "فنانا متكاملا" جمع بين الأخلاق الراقية والفن الأصيل الملتزم، مضيفا أنه كان محبوبا لدى عامة الناس وكان "مؤثّرا" بأغانيه وكلماته التي كان يحتضنها الجمهور بكلّ عفوية ويردّدها ويحفظها عن ظهر قلب.

وذكر الفنان رابية أنّ المرحوم درياسة كان محبوبا من طرف زملائه الفنانين داخل وخارج الوطن، ما جعله بمثابة سفير للأغنية الجزائرية في الخارج بامتياز، كما ترك بصمته خالدة في عدّة دول عربية وأجنبية أحيا بها حفلات فنية على غرار العراق والسعودية والكويت والإمارات ولبنان ومصر وليبيا وغيرها.

بدوره، ذكر الفنان ومنظم الحفلات، نور الدين بن غالي، أنّ المرحوم كان يعرف "بكتابة أغانيه بالدارجة المهذبة التي كان يفهمها الأشقاء العرب، ما جعله شخصية فنية مشهورة في العالم العربي"، وأضاف أنّه كان طيلة مسيرته الفنية التي جمعته به بعد الاستقلال، متواضعا وكانت تربطه علاقة طيبة مع جمهوره، و«لم يسع يوما إلى الأضواء بل إلى الكلمة الصادقة والنغمة التي تلامس القلب"، مؤمنا بأنّ "الفن النابع من القلب يصل إلى القلب دون تكلف"، كما قال.

توفي الفنان رابح درياسة يوم الجمعة 8 أكتوبر 2021 بمدينة البليدة عن عمر ناهز 87 سنة، تاركا وراءه إرثا فنيا غنيا. وخلّدت السلطات المحلية ذكرى المرحوم بإطلاق اسمه على "دار الفنان" التي تقع غير بعيد عن منزله وسط مدينة البليدة، كعربون وفاء وعرفانا لما قدمه طيلة مسيرته الفنية الحافلة التي يحتذى بها.