عن اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي

صدور كتاب ”الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال المغربي”

صدور كتاب ”الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال المغربي”
  • القراءات: 2142
ل. د ل. د

صدر عن اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، حديثا، كتاب رقمي بعنوان الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال المغربي، دحضت فيه، مزاعم المملكة المغربية حول حقها في الأراضي الصحراوية.

جاء في تمهيد الكتاب الذي خط بيدي محمد لمين ولد أحمد، أحد مؤسسي حركة بوليساريو، إن قوة كتاب الصحراء الغربية، من الجذور إلى الاحتلال، تكمن بلا شك في تقديمها دلائل تاريخية لا تقبل الجدل، مضيفا أنه يشكل وثيقة هامة، من خلال تضمنه للعديد من المعلومات المستقاة من مراجع تاريخية، تلقي الضوء على تاريخ المملكة المغربية، وتقدم قراءة نقدية جادة للفترات الممتدة بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر والقرنين العشرين والحادي والعشرين. أشار ولد أحمد إلى أن هذا الكتاب يسلط الضوء على المعلومات المغلوطة، التي أرادت السلطات المغربية تمريرها، ليس فقط على مستوى الشعب الصحراوي، بل في العالم أجمع، إضافة إلى إبرازه للتناقضات التي وقعوا فيها، خاصة المتعلقة بحقوقهم التاريخية على الأرض الصحراوية!!.

بناء على هذا المنطق، -يضيف ولد أحمد- فإن من وطأت قدمه أي أرض يمنح نفسه الحق في استملاكها؟، مؤكدا أنه هذا هو الحال بشكل خاص مع إقليم الصحراء الغربية، الذي لم تطأه قدم المغرب قط، ليقدم مثالا بممثل لبنان لدى الأمم المتحدة، الذي أعلن أمام لجنة إنهاء الاستعمار في هيئة الأمم المتحدة من حق بلاده المطالبة بأيسلندا، التي كان يسكنها الفينيقيون في السابق. في هذا السياق، اعتبر ولد أحمد أنه إذا انطلقنا من هذا المبدأ، فسوف تجد البشرية نفسها في ارتباك تام، علاوة على أن العديد من الشعوب قد حُرمت من حريتها. فهل سيكون هذا المنطق قابلا للتطبيق في القرن العشرين؟ -يتساءل ولد أحمد-.

انتقل المناضل الصحراوي في الحديث عن تعريف الكتاب  بالحدود التاريخية لـ"المغرب الأقصى، المعترف بها من قبل حكّامها، أسلاف الحكام الحاليين، الذين أكدوا في وثائق موقعة مع حكام وسلطات آخرين، لاسيما ملوك إسبانيا وبريطانيا العظمى، أن مدى سيادتهما لا يتجاوز جنوب وادي نون، مع العلم أن هذا الوادي يقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود التاريخية للصحراء الغربية. مضيفا أنه ومع ذلك، يبدو أن خلفاءهم، حكام المغرب ما بعد الاستقلال، -إذا كنا، مع ذلك، نعتقد أن ذلك استقلالا حقيقيا-، قد أنكروا بعد الحماية الفرنسية تواقيع أسلافهم، والذي قد يبدو كأنه منطق أقرب إلى القرصنة منه إلى التنصل

حدود المملكة المغربية معروفة 

أضاف أنه سبق ذكر حدود المغرب من قبل العديد من المؤرخين والمستكشفين، بمن فيهم المغاربة، كما هو موضح في الكتاب، مشيرا إلى أن المنطقة الواقعة بين وادي نون ووادي ماسة في منطقة سوس، يعتبرها هؤلاء المؤرخون والمستكشفون أرض السيبة (وهي أرض لا تعرف أي شكل من أشكال الدولة أو التنظيم السياسي)، حيث تعيش قبائل الأمازيغ، ليؤكد أن الادعاء بأن هذا الجزء من العالم كان تحت سيطرة حكام الأقصى المغاربيين، موضع تساؤل من الناحية التاريخية، فقد كان جزءا منها فقط بعد إنشاء الحماية الفرنسية التي تدخلت قبل كل شيء لحماية الملك المغربي من شعبه.

تابع المتحدث أنه بصورة أكثر وضوحا، فإن مناطق المغرب الأقصى والصحراء الغربية (الساقية الحمراء ووادي الذهب) وبلاد شنقوط، بالإضافة إلى الاختلافات العرقية والقبلية، لديها عادات وتقاليد متميزة، لاسيما فيما يتعلق بطريقة الحكم، مضيفا أنه إذا كان المغرب يحكمها ملك، فإن الصحراء الغربية تتميز بإدارة جماعية من خلال مجلس الأربعين آيت (الشكل التقليدي للتجمع). أما بلاد شنقيط، فإن السلطة هناك مملوكة للأمراء، ولكل محافظة أميرها أو إمارتها، وهذا منذ تقسيم إمبراطورية المرابطين إلى دولتين مراكش في الشمال التي أسسها يوسف بن تشفين، صانع الفتوحات الإسلامية في كل من الأندلس والمغرب الأقصى والأوسط، وكذلك الدولة الجنوبية التي أسسها أبو بكر بن عمر.

كما أبرز الكتاب معتمدا على المواثيق والقوانين الدولية، ومستندا على الأدلة الداعمة، المُطالب غير المؤسسة للملك المغربي وسابقيه بعد استقلال المغرب في عام 1956، إذ أنه بعد انتهاء الحماية الفرنسية، التي قررتها فرنسا وفقا لإرادتها وظروفها غير العادلة تجاه الشعب المغربي الشقيق، بدأ ولاة المغرب، لتغطية تنازلهم، بالمطالبة بأراضي جيرانهم (الجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا)، وحتى من بلدان بعيدة (مالي)؛ وهي الأراضي التي لا تشكل جزءا من حدودها التاريخية. 

ميلاد النزعات التوسعية للمغرب ولدت النزعات التوسعية للمغرب على النحو التالي:

* في عام 1956، بعد فترة وجيزة من الاستقلال، يتم الاحتفال كل عام في حدود حدودها التاريخية التي تتوقف عند وادي نون.

* في عام 1958، تنازلت إسبانيا للمغرب، عن منطقة طرفاية الواقعة جنوب وادي درعة، التي وصفها ابن خلدون بأنها الحد الجنوبي للمغرب. تغطي هذه المنطقة مساحة 44432 كم2، وتقع على بعد 96 كم من وادي نون.

* في عام 1976، بدأ تقدم المغرب نحو الصحراء الغربية، محتلا الجزء المنسوب إليه بموجب اتفاقيات مدريد في 14 نوفمبر 1975، حيث قسم الإقليم بينه وبين موريتانيا.

* في عام 1979، احتكر المغرب، الجزء الجنوبي من الصحراء الغربية، بعد انسحاب موريتانيا بموجب اتفاق سلام موقع مع جبهة البوليساريو في 5 أوت من نفس العام.

وفي هذا السياق، أكد ولد أحمد أنه منذ ذلك الحين، سعى قادة المغرب، بدعم من الحكومات الفرنسية المتعاقبة، إلى احتلال كامل أراضي الصحراء الغربية، التي تغطي مساحة 266 ألف كيلومتر مربع، مضيفا أن أسوأ من ذلك، حيث ينوي المغرب -كما ورد في الكتاب-، ضم موريتانيا وأجزاء من التراب الجزائري وفق تكرارات أتباع وداعمي السلطة المغربية. في المقابل، أشار ولد أحمد إلى خطاب ممثل فرنسا في الأمم المتحدة لصالح استقلال موريتانيا، (أكتوبر1960)، حيث ادعى الملوك المغاربة أن موريتانيا جزء من مملكتهم، وأنهم اعترفوا بها فقط في عام 1969، بعد وساطة جزائرية، في حين قدم المندوب الفرنسي دليلا على أن سيادة المغرب لم تتجاوز وادي درعة في الجنوب.

تابع ولد أحمد قائلا أين هي الآن تأكيدات فرنسا التي نطق بها ممثلها في أكتوبر 1960؟ لقد تجاوز المغرب حدود وادي درعة بأكثر من 1000 كيلومتر مربع، لكن موقف حكوماته اليوم يتعارض مع القناعات التي دافعت عنها في ذلك الوقت. اعتبر ولد أحمد أن كتاب الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال، هو بلا شك مصدر هام للحقائق التاريخية والقانونية والسياسية وحتى الثقافية والاجتماعية، حول أنماط الحياة وتقاليد سكان المغرب العربي وشمال غرب إفريقيا، ويشكل أيضا مصدرا يثري المكتبات والباحثين الباحثين عن الحقيقة. في إطار آخر، يقع كتاب الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال في 158 صفحة، وينقسم إلى تمهيد، السيرة الذاتية لمحمد لمين ولد أحمد، مقدمة، الفصل الأول (الحقوق التاريخية المزعومة للمغرب بنظرة تاريخية وواقعية)، الفصل الثاني (ردود القانون الدولي ومواقف المغرب المتغيرة)، خاتمة وملاحق.

تضمنت الملاحق العديد من المواضيع، من بينها كرونولوجيا حول الصحراء الغربية، بطاقات، مقتطف من خطاب الرئيس هواري بومدين حول الصحراء الغربية سنة 1977، وثائق، حقوق تاريخية، وثائق مقدمة إلى محكمة العدل الدولية، قرار 1514 لـ12 ديسمبر 1960 حول منح الاستقلال للشعوب المستعمرة، خطاب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في 21 فيفري 2020 في افتتاحية دورة 2020 للجنة المختصة لتصفية الاستعمار، وخطاب ممثل البوليساريو في مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة في مارس 2020. كما ضم الكتاب أيضا العديد من صور لمعاناة الصحراويين وبعض قادتهم. 

الشعب الصحراوي الصامد متأكد من النصر 

جاء في خاتمة الكتاب، أن كتاب الصحراء الغربية: من الجذور إلى الاحتلال، يوضع في متناول الرأي العام الدولي والمؤسسات الدولية، والحكومات والمسؤولين الذين من واجبهم قيادة شؤون هذا العالم، كما أنه مخصص أيضا للرجال ذوي النوايا الحسنة، ولجميع الذين يناصرون العدل والإنصاف، والذين هم مقتنعون بأنه باق في الدنيا، رغم كل ما فيه من عيوب، ورغم كل الشهوات النهمة وكل المؤامرات التي تشوه جوهر الإنسانية. هذا الكتاب مصمم أيضا على لفت انتباه الجميع إلى البؤس البشري الذي يرعاه بشر، يواصلون إذلال الإنسان، من أجل بعض الأرباح معنوية كانت أم مادية.

في المقابل، شرح الكتاب كيف أن الحضارة الإنسانية ما زالت قائمة، إلا أنها تعاني من نقص الحماس والافتقار إلى الطاقة، التي من شأنها أن تعيد لها أنفاسها الإبداعية وتحررها من متاهات الأرواح المظلمة، التي لا تتوقف أبدا لتدمير الإنسانية باسم الإنسانية. جاء أيضا في الخاتمة، أنه في القرن الحادي والعشرين، يعاني الناس وينتظرون خلاصهم الذي يبنونه بصبر شديد، إلا أنهم يتعثرون في مسارهم هذا، بفعل عراقيل وضعها البعض لهم، باسم حقوق تاريخية مفترضة ومصالح دنيئة، لإعادة التأكيد على عظمة خيالية. الشعب الصحراوي بفعل غباء البعض، في وضع صعب، فلا يسمح له بالقيام، ولا تقديم رأسه لتقطع ويكون ذلك خلاصا له، ومع ذلك، يستخرج الصحراوي قوته من الصحراء التي تعتبر مصدرا لا ينضب، حيث يستمد منها صبره، لأنه يعلم أنه في النهاية، سينتصر لا محالة.

في الأخير، يناشد هذا الكتاب الحس السليم، بدون ضوضاء، بدون رفع الصوت، بدون تعابير مهينة، لأنه يتكلم بلغة العقل والقانون. ولأن من ألفوا هذا الكتاب في اقتناع تام بأن البشر كيفما كانوا، لا زال لديهم الحس السليم.