"أوليفيا" تُحلّق من عنابة إلى إفريقيا
شوقي بوكاف يُهدي الجزائر تتويجاً سينمائياً مُبهراً

- 321

حلّق فيلم التحريك "أوليفيا" عاليا في سماء الإبداع الإفريقي. ومنح الجزائر لحظة فخر جديدة بتتويج مستحق ناله المخرج شوقي بوكاف، في تظاهرة " كانكس 2025" ؛ حيث اقتنص الجائزة الكبرى لأحسن فيلم تحريك إفريقي، مؤكّدا من جديد، أنّ الفن الجزائري قادر على فرض نفسه في أرقى المحافل القارية والدولية. ولم يكن هذا التتويج مجرّد جائزة تضاف إلى سجلّ الجوائز، بل هو تكريس لمسار إبداعي صادق وناضج، اختار أن يعبّر عن القضايا الإنسانية بلغة الفن الرفيع، وأن يصنع من الصورة المتحرّكة جسرا يصل بين الفكرة والشعور، وبين الهوية والانفتاح.
قدّم شوقي بوكاف في "أوليفيا" تجربة سينمائية نادرة، تمتزج فيها التقنية العالية بالحسّ الجمالي العميق، وتنبض تفاصيلها بروح فنية، تجعل من الفيلم أكثر من عمل تحريك، بل رؤية ذات بعد ثقافي وفكري، تُلامس وجدان المشاهد، وتوقظ فيه أسئلته الكبرى. ولم يكن من المصادفة أن يأتي هذا الإنجاز من عنابة، المدينة التي طالما كانت حاضنة للثقافة، ومُنطلَقًا لصنّاع الجمال، والتي تؤكّد من خلال هذا التتويج، أنها ماتزال تنبض بالحياة، وتزخر بمواهب حقيقية تستحق الاهتمام والرعاية.
وجاء فوز "أوليفيا" ليذكّرنا بأنّ التحريك ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو فن متكامل، قادر على التعبير عن أعمق القضايا الإنسانية، وأن الجزائر، رغم كل التحديات، تملك من الطاقات والكفاءات ما يجعلها حاضرة بقوة على خارطة السينما الإفريقية والعالمية. ولا شك في أن هذا الإنجاز سيكون دافعا لجيل كامل من الشباب الطامحين إلى خوض غمار هذا النوع الفني، الذي مايزال في بداياته محليا، لكنه يحمل وعودا كبيرة إن توفرت له البيئة الحاضنة.
وبرهنت تجربة شوقي بوكاف أنّ الفن حين يُصنع بالشغف والإيمان، يمكن أن يتجاوز الحدود، وأن يحمل في تفاصيله ملامح الوطن، ويمضي بها إلى آفاق أبعد. فـ«أوليفيا" ليست فقط قصة مرسومة، بل رسالة بصرية تحمل وجع الإنسان وحلمه، وتجسّد قدرة الفنان الجزائري على خلق المعنى من الصورة، وبناء الجمال من أبسط الأدوات.فمن عنابة المدينة الواقعة على ضفاف المتوسط، خرجت "أوليفيا" إلى العالم، وأثبتت أنّ الإبداع لا يحتاج سوى فرصة، وأنّ الفن الجزائري حين يُؤمن به أصحابه، يُدهش الجميع.