مهرجانات بعلبك تصمد في وجه الانهيار

شمس لبنان لا تغيب

شمس لبنان لا تغيب
  • القراءات: 818
ق.ث ق.ث

تحدت مهرجانات بعلبك الدولية، الانهيار الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق في لبنان، بحفلة أقيمت مساء الجمعة المنصرم، عُرضت خلالها مقاطع لموسيقيين لبنانيين شباب، صُورت في مواقع أثرية مختلفة في شرق البلاد.

تمثلت المبادرة التي حملت عنوان "شمس لبنان لا تغيب"، في عرض فيلم من 80 دقيقة، يتضمن عشر حفلات، يمتد كل منها على حوالي ثماني دقائق، صُورت كلها الشهر الفائت، في معابد مختلفة من العصر الروماني، تتوزع في أرجاء منطقة البقاع، "غالبيتها غير معروفة من العامة"، حسب المنظمين، مما أتاح للمشاهدين اكتشافها.

وحضر الحفلة عدد محدود من المدعوين في القلعة الرومانية الشهيرة في "مدينة الشمس"، بسبب جائحة "كوفيد-19"، ونقلتها معظم المحطات التلفزيونية اللبنانية وقنوات عربية، إضافة إلى حسابات المهرجان على الشبكات الاجتماعية. وقدم الفنانون الذين اختارتهم لجنة المهرجان للمشاركة في هذه الحفلة، أنواعا موسيقية مختلفة، تجمع بين الكلاسيكي والفولكلوري، مرورا بـ"الروك والبوب والإلكترو والهيب هوب" والجاز والموسيقي الشرقية. ومن بين الأسماء المشاركة في الحفلة، زياد سحاب وجني سمعان وبيار جعجع وخماسي مكرم أبو الحسن، إضافة إلى فرق موسيقية شبابية.

شدد المنظمون في بيان، على أن "مهرجانات بعلبك تحمل الأمل اليوم أكثر من أي وقت مضي"، في وقت يشهد لبنان انهيارا ماليا، رجح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850. وقالت رئيسة المهرجان نايلة دو فريج، إن القائمين على الحدث أرادوا "توفير لحظة فرح وحلم، من خلال هذا الفيلم وإظهار الوجه الآخر للبنان وتحويل الألم إلى أمل". وأضافت دو فريج "شئنا أن نوفر للفنانين الشباب الذين يواصلون الإنتاج والإبداع، في ظل الأزمة الاقتصادية والصحية، منصة لكي يعبروا عن أنفسهم ويظهروا فنهم ويحصلوا على فرص في لبنان وخارجه".

تولى تسعة مخرجين معروفين تلفزيونيا، إخراج الأفلام العشرة، بينهم إميل سليلاتي الذي قال، إنه يسعى من خلال مشاركته، إلى إعطاء أمل "للناس المحبطين من الوضع الراهن في لبنان، والذين يعيشون الإذلال"، في ظل توالد الأزمات التي تطال مختلف الجوانب المعيشية للسكان، من بينها شح الكهرباء والوقود والأدوية.

وقد عكست الأغنيات التي قُدمت خلال الأمسية ببعض كلماتها، الأوضاع التي يتخبط فيها لبنان، كما في الأغنية الختامية التي أداها الفنان اللبناني الشاب زاف مباشرة، بعنوان "ليش بدي ابقي" (لماذا علي البقاء؟)، في بلد يعيش هجرة أدمغة طاولت كل القطاعات الإنتاجية، وسط انهيار اقتصادي شامل، بات خلاله أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر. ويأتي الحدث قبل أقل من شهر من الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أوت 2020، الذي أوقع أكثر من مئتي قتيل، وآلاف المصابين، وأثار صدمة كبرى في البلاد لا زالت تردداتها مستمرة.

يشهد لبنان عادة، خلال الصيف، الكثير من الحفلات والمهرجانات الموسيقية في مختلف أنحاء البلاد، لكن هذه الأحداث الفنية تغيب بصورة شبه كاملة عن البلاد، للسنة الثانية على التوالي، في ظل استمرار جائحة "كوفيد 19"، التي فاقمت تبعات الانهيار الاقتصادي.

كانت مهرجانات بعلبك الدولية قد قدمت في صيف العام 2020، حفلة وحيدة من دون جمهور، بعنوان "صوت الصمود"، أحيتها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية في الموقع الأثري. وقد استضاف المعلم الروماني بين أرجائه، منذ إطلاق مهرجانات بعلبك سنة 1956، أسماء فنية كبيرة من البلدان العربية والعالم، بينهم أم كلثوم وفيروز وشارل أزنافور وإيلا فيتزجيرالد وستينغ.