كتاب "تجار الشكوك"

شركات اشترت ذمم علماء فحجبوا الحقائق

شركات اشترت ذمم علماء فحجبوا الحقائق
  • 1622
ق.ث / وكالات ق.ث / وكالات

عندما يعمل العلماء الباحثون في خدمة المصالح الاقتصادية العاتية يطرح هذا الكتاب مجموعة قضايا مهمة في الوقت المناسب على وجه من الدقة.. بل واليقين، ذلك لأنّه يتصدى لمناقشة قضايا محورية بل وخطيرة، وهي مطروحة حالياً على ساحة أمريكا وإن كانت تمسّ كذلك مصالح العالم كله، على حد سواء، ففي أمريكا تنشغل إدارة الرئيس ترامب الحالية بإعادة النقاش بشأن مشاكل البيئة الكوكبية، ومنها مثلاً وبالذات قضية التساخن العولمي، وهي ظاهرة الدفيئة أو الاحتباس الحراري بكلّ ما يرتبط بذلك من نتائج ناجمة عن هذه الآفة، المنبعثة بفعل تصاعد الغازات الكربونية إلى الغلاف الجوي المحيط بكوكب الأرض.

في مقدمة هذه النتائج ظاهرة "تغيّر المناخ" التي كانت محلّ إجماع عالمي في مؤتمر باريس المنعقد في أواخر عام 2015 المنصرم. وهناك أيضاً الدعوات التي ارتفعت، وما برحت تتصاعد بالتحذير إزاء عادة تدخين لفائف التبغ، وفي ما أمكن لهذه الآفات ـ مناخية كانت مثل التساخن، أو سلوكية كانت مثل السجائر، أن تحوز اهتمامات وتحليلات وتحذيرات أوساط شتى..علمية وبحثية وسياسية أيضاً ـ فإنّ الكتاب الذي نطالعه في هذه السطور يعرض للوجه الآخر لعُملة التحذير أو التنبيه أو التصحيح، إنه وجه التبرير والتسويغ إلى حدّ الخداع، والتزوير في بعض الأحيان. ومن هذا المنطلق استقى المؤلفان عنوان الكتاب الصادر عن "دار بلومسبري" الرئيس على الوجه التالي "تجار الشكوك"، وكان عليهما إماطة اللثام عن هذه الفئة من التجار أو فلنقل المتاجرين، وهو ما يوضّحه العنوان الفرعي الذي يقول على وجه من التوضيح أو التفصيل ما يلي: ".. كيف عمدت ثلة من العلماء إلى حجب الحقيقة عن قضايا تتراوح ما بين تدخين التبغ إلى سخونة الكوكب"، والمؤلفان هما نعومي أوريسكيس، أستاذة الدراسات التاريخية والعلمية في جامعة هارفارد، وإيريك كونواي المتخصّص في علم التاريخ في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. المنطلق الأساس الذي يصدر عنه المؤلفان كتابهما ذا 355 صفحة، يتمثّل في تأكيدهما أنّ مثل هذه الشرذمة من محترفي التشكيك، لا تبادر إلى اتّباع منطق الرفض الحاسم، إنّهم يفضّلون أسلوب التشكيك والتأرجح بين جوانب التأكيد والترجيح والتكذيب، وهو ما يترك الجماهير في حال من البلبلة، وهو أيضاً ما يتم لصالح قوى عاتية، منها مثلاً شركات إنتاج التبغ واحتكارات استخدام الفحم في العمليات الصناعية.

ويرى الكتاب أنّ العلماء الذين يزوّرون الحقائق يعملون في خدمة مَن يستأجرهم، أو يدفع لهم من الشركات والمؤسّسات بهدف العمل على تهيئة وتجهيز وترويج الإحصاءات والأوصاف التي تستهدف إثبات أنّ المنتوجات الصادرة عن تلك المؤسّسات، تتّصف بأنّها مأمونة، بل ومفيدة أيضاً.. إنّهم أقرب إلى مندوبي المبيعات.

ويذهب المؤلفان إلى أنّ منطق التشكيك الذي التزمته مجموعة من العلماء الباحثين، كان من نتائجه إحباط أي دعوات جادة لدفع السلطات المسؤولة على مستوى الفرع التنفيذي من الدولة (الحكومة)، إلى اتّخاذ الإجراءات الفعالة والمطلوبة لإصلاح الأحوال أو اتقاء الأضرار المتعلقة.