وزارة الثقافة والفنون توقّع اتفاقيتين مع الجمارك

شراكة وطنية لحماية التراث وصون الإبداع

شراكة وطنية لحماية التراث وصون الإبداع
  • 142
لطيفة داريب لطيفة داريب

في إطار تحقيق الشراكة من أجل حماية التراث وصون حقوق المبدعين، وُقّعت، بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، أول أمس، اتفاقيتا تعاون بين وزارة الثقافة والفنون والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة من جهة، والمديرية العامة للجمارك من جهة أخرى، تهدفان إلى حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ومكافحة كلّ أشكال التقليد والقرصنة، إضافة إلى تبادل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمخالفات المرتبطة بالملكية الأدبية والفنية.

بالمناسبة، قالت مليكة بن دودة إنّ وزارة الثقافة والفنون تلجأ إلى شركائها لحماية التراث. كما تتعاون في حماية ودعم الفنان والفن الجزائري عبر مختلف الآليات؛ على غرار مكافحة الاتجار غير القانوني بالممتلكات الثقافية، لتَعد بمرافقة المديرية العامة للجمارك في مشروعها لإنشاء متحف الجمارك الجزائرية؛ عرفانا بمساهمة هذا الجهاز في حماية الاقتصاد الوطني والتراث. 

وأشارت الوزيرة إلى عملها على إدماج الفنان في مسارات تحقّق له حلولا حقيقية ماديا. وتضمن له الاستمرارية في العطاء والإبداع، مضيفة أنّ المعطى الحالي لأغلب الفنانين يحوّلهم من مبدعين بارعين إلى هواة؛ إذ يضطرهم الوضع لممارسة مهن وحرف أخرى لمقتضيات العيش الكريم.

وتابعت بن دودة أنّ توزيع الفن في السوق يتطلّب أساليب وأدوات تغيب في العادة، عن الممارسات الفنية الحالية، وترتيبات ليست معهودة، لكن من الضروري التكيّف مع المعطى العالمي، وفهم الرهانات الفنية. وهنا سيتم الاستعانة بالخبرات العالمية، والفاعلين في مجالات الإبداع وتسويقه لدراسة التجارب. وفي السياق الحالي تبقى مساعي الحماية الاجتماعية مهمة الدولة، لكنّها شدّدت على ضرورة أن تساهم كلّ الأطراف في تحقيق الحماية الاجتماعية للفنان، بمن فيهم الفنان نفسه، الذي يجب أن يعي هويته المهنية الفنية، ويحميها.

وأكّدت الوزيرة التزامها، من خلال الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بتحسين وضعية الفنان، وإعادة تنظيم المهرجانات والمناسبات والمواعيد الثقافية؛ بحيث تمنح فرصا متكافئة للتمكين لهذا المبدع. وقالت إنّ النقص الذي نسجله في مشهدنا الفني، يكمن في قلة متعهّدي الحفلات، ومنظّمي العروض، والمنتجين، والموزعين الفنيين؛ فبقدر ما كانت الساحة منتجة والتوزيع محقّقا بقدر ما تحقّق للفنانين وضع إبداعي أفضل أوّلا، ووضع اجتماعي مقبول ثانياً.

 الجمارك شريك استراتيجي للثقافة

من جهته، أكّد وزير المالية عبد الكريم بوالزرد، أنّ علاقة المديرية العامة للجمارك بوزارة الثقافة والفنون، مهمة جد، موضّحا أنّ الجمارك تُعدّ الحارس الأمين للاقتصاد، والثقافة؛ فهي ليست مجرد وسيلة ردع ومراقبة، بل أداةُ تطويرٍ للاقتصاد، وتنويرٍ لأصحاب القرار. أما المدير العام للمديرية العامة للجمارك، اللواء عبد الحفيظ بخوش، فأوضح أنّ توقيع الاتفاقيتين يجسّد الإطار المشترك لتعزيز وحماية الموروث الثقافي؛ تطبيقا لتوصيات رئيس الجمهورية في مجال تثمين التراث الثقافي والحضاري للوطن. وبيّن أنّ مهام الجمارك تتجسد في تدخلات ميدانية برية، وبحرية، وجوية، سواء بشكل تلقائي، أو بناء على طلب المتعاملين الاقتصاديين وأصحاب الحقوق، مضيفا أنّ هذه الاتفاقيات جاءت استجابة لحاجة ميدانية للتعاون مع المؤسّسات الثقافية، بما يضمن مكافحة التجارة غير المشروعة بالممتلكات الثقافية، وتبادل المعلومات والتكوين في مجال حماية الملكية الفكرية وحقوق المبدعين.

حماية الإبداع مسؤولية جماعية

 بالمقابل، قال المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة سمير ثعالبي، إنّ هذا اللقاء ليس مجرّد توقيع على اتفاقية جديدة، بل هو تجديد لعهد قديم، يقوم على الثقة والإيمان بأنّ حماية الإبداع مسؤولية جماعية لا تقل أهمية عن حماية الحدود. وأضاف أنّ الجمارك الجزائرية كانت منذ سنوات طويلة، إلى جانب المبدعين والفنانين، ترافقهم في حماية الحقوق الفكرية من كلّ أشكال التعدي أو الاستغلال غير المشروع.

واستحضر ثعالبي مثلا يُجسّد هذه الشراكة المميّزة، وهو نظام النسخ الخاصة، الذي جعل الجزائر نموذجا يُحتذى به عربيا، وإفريقيا، ودوليا، مشيرا إلى أنّ هذا النظام ما كان لينجح لولا التنسيق الوثيق بين الديوان والجمارك. وأكّد أنّ التحوّلات الرقمية الراهنة تفرض تحديات جديدة؛ إذ لم تعد الحماية مقتصرة على المنافذ المادية، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي، حيث تُستنسخ الأعمال، وتُتداول في ثوان. وكشف ثعالبي عن مشروع رقمي طموح يحمل اسم "ONDA Connect"، وهو نظام يهدف إلى ربط قواعد بيانات الديوان بالمؤسّسات الشريكة، وعلى رأسها المديرية العامة للجمارك عبر آلية الشباك الوحيد؛ لضمان شفافية تبادل المعلومات، وتحسين الرقابة، وتسهيل الإجراءات على المتعاملين الاقتصاديين.

للإشارة، تهدف اتفاقيتا التعاون بين وزارة الثقافة والفنون والجمارك، إلى حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة"أوندا"، ومكافحة كل أشكال التقليد والقرصنة، إضافة إلى تبادل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمخالفات المرتبطة بالملكية الأدبية والفنية. كما تتضمّن الاتفاقية تطوير برامج التكوين، والتوعية، والوقاية في مجال احترام حقوق المؤلف، وتحسين آليات الرقابة الجمركية؛ للحدّ من استيراد أو تصدير المصنّفات المقلّدة، ووضع إطار استراتيجي وتقني وقانوني مشترك؛ لتعزيز حماية المبدعين، وتثمين الأصول الثقافية الوطنية.

وتأتي هاتان الاتفاقيتان ضمن الجهود الوطنية لتحديث وتعزيز حماية الملكية الفكرية، والحقوق الجماعية للفنانين والمؤلفين والمبدعين، استنادا إلى تحديث بروتوكول التعاون الممضي سنة 2013 بين الجمارك و"أوندا"، بما يتماشى مع التطوّرات التكنولوجية والاقتصادية الراهنة.

وتُعدّ هذه الشراكة خطوة نوعية في سبيل تفعيل دور الجمارك كشريك أساسي في مكافحة الاعتداءات على حقوق المؤلف، وتعزيز التنسيق المؤسّساتي؛ لضمان تطبيق أكثر فعالية للتشريعات المتعلّقة بحقوق المبدعين، بالإضافة الى تبادل الخبرات بين وزارة الثقافة والفنون والجمارك والتكوين، وتدعيم التنسيق العملياتي بينهما.