المركز الثقافي بباريس يحيي الثامن مارس

شراكة أنثوية بين النغم والقافية

شراكة أنثوية بين النغم والقافية
  • القراءات: 645
مريم. ن مريم. ن
يحيي المركز الثقافي الجزائري بباريس مناسبة 8 مارس ببرنامج ثقافي وفني متنوّع، يعكس مواهب حواء وقدرتها على التفكير والإبداع ومخاطبة الآخر في عقله ووجدانه بلغة راقية ورقيقة. وكعادتها، تحن المرأة إلى كلّ ما هو إبداع وذاكرة، خاصة إذا كانت مقيمة في ديار الغربة، كما هو شأن الأسماء النسوية الحاضرة في هذه الفعالية، ومدى الارتباط الواضح بالوطن الأم سبب كلّ تميّز ونجاح.
تشارك الفنانة التشكيلية بديعة مايدات بمعرضها الممتد حتى 27 مارس الجاري، والذي خصّصته للمنمنمات، لتزيد باريس ولعا وتشوّقا لهذا الفن الإسلامي الذي يحمل عبق وسحر الشرق.
تتلمذت هذه الفنانة على يد الأستاذ ساحولي عبد الرحمن، وهي متخرّجة من مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة. زاولت فيها دراستها الأكاديمية من سنة 1978 وحتى سنة 1985، ثم التحقت بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، لتنهي بها دراستها سنة 1990.
الفنانة متخصصة في المنمنمات الجزائرية، وكان دافعها في ذلك تأثّرها بفن الشرق الذي اشتهر في القرنين الـ 18 و19م. وما يميّزها أيضا هو هذا السيل من الإبداع والرسم الذي لا يتوقّف، إلى درجة أنّها أحيانا تعيد إنتاج لوحاتها القديمة أو تعيد إنتاج بعض روائع فن الشرق، والذي تعتبره جزءا من التراث، وتلتزم، في المقابل أيضا، بمدرسة رواد المنمنمات الجزائرية، وهم الأخوان محمد وعمر راسم ومحمد تمام.
وتعرض الفنانة بديعة عالم النساء الساحر بكلّ ما فيه من تراث وجمال وحضور ورقص ونظرات معبّرة فاتنة، وتوظّف بذكاء اللحظات الساحرة التي تفتح بواسطتها المجال على مصراعيه للمخيال، ليرى زمنا جميلا ولّى، لكنه باق في سجل الإبداع.
ويحتفل المركز بالثامن مارس سينمائيا من خلال عرض فيلم لمريم شتوان بعنوان "ثقافة المظهر"، الذي سيكتشفه الجمهور مساء 17 مارس الجاري. ويروي حكاية دليلة التي تبحث وتتعب لأجل جمع المال لمساعدة والدتها، وجزائريي فرنسا عموما لتوفير خدمات اجتماعية، وعلى رأسها توفير تكاليف دفن الموتى الجزائريين ـ منهم والدها ـ بأرض الوطن، لكنّها تدخل في مغامرة تجعلها شاهدا عاجزا، وتكتشف أنّها تدور في سياق نظام مظاهر لا تستطيع الخروج منه سالمة. ومن جهة أخرى، يقدّم الفيلم "بورتريه" عن فرنسا المختلطة التي تعيش بها جاليات متعدّدة. 
ونشّطت حفل عيد المرأة مساء أوّل أمس بالمركز، الفنانة المتألقة نادية ريان، التي تغني منذ نعومة أظافرها؛ أي منذ سن السادسة، والتي تخرّجت من المعهد البلدي للموسيقى بالأبيار، لتتدرّب على العزف على الكمان وعلى الغناء، خاصة في نوع الحوزي، وكان ذلك على يد أساتذة معروفين على الساحة الفنية الجزائرية، وهي تنشط في الساحة منذ سنة 1982، وأحيت حفلاتها بالمغرب العربي وبأوروبا، وتقيم حاليا بالعاصمة باريس. وسبق لنادية أن اشتركت في عمل فني مسجّل مع السيدة نعيمة الجزائرية وفلة عبابسة. كما أنتجت ألبوما غنائيا من كلمات وألحان سلمى عنقر، وهي الآن تحضّر ألبومها الجديد.
 وبرمج المركز أيضا في إطار المناسبة أوّل أمس، لقاء بعنوان "الأدب بالمؤنّث" مع الروائية فضيلة الفاروق والشاعرة لويزة ناضور، اللتين رافقهما موسيقيا العازف ماهر المكّي.
 وبالنسبة لفضيلة الفاروق فهي روائية حقّقت الشهرة، تقيم وتنتج حاليا بالعاصمة بيروت، ولها العديد من الروايات، منها مثلا "أقاليم الخوف"، "العار بالمؤنث" و"اكتشاف الرغبة" وغيرها، ومعظم أعمالها تُرجمت إلى الفرنسية والإسبانية والإيطالية والإنجليزية، كما أنّها أنشأت موقعا إلكترونيا لأدباء الوطن العربي.
 وتحدّثت الكاتبة خلال اللقاء، عن مشاكل واهتمامات المرأة، خاصة الجزائرية، وهي التي وُلدت وترعرعت في عمق المجتمع الأوراسي.
 وبالنسبة للشاعرة لويزة ناضور المقيمة بباريس، فإنّ اسمها اقتُرن بالعمل الإذاعي والتلفزيوني وبالترجمة، والشعر بالنسبة إليها حديقة غناّء حافلة بالجمال والعبق. وقد تمكّنت من خلال شعرها، من أن تكون حرفية في نسج الكلمات وقلب المعاني، وأن تكون واحدة من جيل يميل إلى الكتابة المشكالية؛ فهي تكتب عن الغربة، وتشتكي أوجاع وأوضاع المرأة وتتغنى بالحب الراقي.
استطاعت هذه الشاعرة أن تسمع وشوشات الليل، وتعلّق في الصمت كلماتها، وأن تحوّل عتمة الليل إلى نور ساطع بفضل العدالة والجمال والفكر. وتتناول هذه المبدعة الحياة بيومياتها، بدءا من أوّل إنتاجها سنة 2010، والذي حقّقت به الشهرة، وعزّزت التعبير المزدوج العربي الفرنسي.
والتزمت لويزة بنوعية النصوص كـ"إلياذة الكلمات"، الذي كتب مقدّمته ياسمينة خضرا عام 2014؛ فهي تقدّم أشعارها مرسومة، وتقدّم لوحاتها بقافية مطرّزة مع حضور خاص للفكر والثقافة، مستغلة، في ذلك، وقائع وتحولات الراهن التي تفرض بها ردة فعل ثقافية.