نشروا في دار «الجزائر تقرأ»

شباب حملوا المشعل باقتدار

شباب حملوا المشعل باقتدار
  • القراءات: 973
 لطيفة داريب لطيفة داريب

يطلّ الصالون الدولي للكتاب بالجزائر بعد أيام، وسيعرف مشاركة قياسية من طرف الكُّتاب الجزائريين ومن بينهم كُّتاب يشاركون لأول مرة في هذه الفعاليات المهمة، العديد منهم صدرت أعمالهم في دار النشر «الجزائر تقرأ»، وفي هذا السياق، رصدت «المساء» بعض هذه المؤلفات، وسألت أصحابها عن مشاركتهم في «سيلا22» وكذا فحوى أعمالهم وحبهم لعالم الكتابة وغيرها.

حفيظ خديم:حضور مستمر لشعرائنا في المحافل الدولية

يطمح الشاعر حفيظ خديم من خلال مشاركته الأولى في الصالون الدولي للكتاب، في أن يكون ديوانه «حين يمتشق الحمام حبال الريح» فاتحة شعر لإبداعات أخرى، كما أن هذه الفعاليات هي بالنسبة له ولكل الكُتاب الشباب، الخطوة الأولى لشق طريق شاق يتسم بالمكابدة. كما أنه شعور جميل لكاتب متواضع قدم من بلدة هاربة من مدارات التاريخ وتعيش الرمضاء، بلدة فقيرة لا تحوي على دار ثقافة أو مكتبة تهتم بالكتاب، واختار الشاعر دار «الجزائر تقرأ» تحت إدارة الأستاذ قادة زاوي، لتفرد عملها عن باقي دور النشر بخصوص طريقة التعامل مع الكاتب، في ظل النتوءات التي تعترض كُتابنا.

أما عن بدايته الأدبية، فقال حفيظ إنها لم تأت من العدم، بل هي ولادة صعبة ومعذبة للغاية، جاءت بإيعاز من مكتبة والده التي كانت تعج بأمهات الكتب والمجلات العربية التي كانت تصله من المشرق، مضيفا أنه لم يكن بمقدوره حينها أن يتسمر أمام هذا الركام، فراح يقرأ كل شيء بنهم شديد، وهكذا شعر باختمار التجربة وحرقة السؤال وبرغبة في الهديل، كما تطرق إلى حقبة التسعينيات التي تزامنت مع دخوله عالم النشر في الصحف والمشاركة في الملتقيات الأدبية الوطنية، والتي شهدت ميلاد طليعة شعرية سميت آنذاك بكتاب أدب المحنة، والتي كانت حافزا آخرا بالنسبة له، فكان يسعى إلى تفجير شيء بداخله، شيء يشبه الشعر ومهيئا أكثر من أي وقت مضى إلى تفجير مغارة الصمت التي بكنهه، كي تطلع منها الدرر.

أما بخصوص انتقائه لعنوان الكتاب «حين يمتشق الحمام حبال الريح»، قال حفيظ إن «الحمام هم الراحلون والحاضرون، هم الشهداء والعشاق والطالعون من دمي حفاة عراة، هم المعذبون الذين ألتقي بهم كل صباح وأنا في طريقي إلى الوظيفة، المهشمون المهمشون، الدامعون في القرى والمزارع والأكواخ النتنة، هم أحبتي، أما عن الريح فهي سنوات المحنة، هي هامة الاغتراب الذي تجعل من الكتابة رهيبة ومدهشة، هي امرأة ريحية لم تولد بعد، هي هواجسنا، هي الفوضى، هي دمنا المستباح، هي التقاطعات التي تخرج من قيامة النار، هو حزننا التليد وفرحنا العرضي الظرفي الذي لا طعم له».

أما عن فحوى العمل، فأشار حفيظ إلى أن ديوانه هذا يتكوّن من مجموعة قصائد عن الطفولة والوطن واليتم والغزل ومجموعة من المواقف الاجتماعية، كتبت بصيغة قصائد النثر، وتحكي هواجس ذاتية وأخرى عن الوطن والمجتمع، في حين تحدث شاعرنا عن رؤيته لواقع الكتابة الشعرية الشبابية في الجزائر، فقال إنها تسير بخطى ثابتة لكنها أكيدة، بل حققت مكاسب لم يحققها أي جيل من قبل، في ظل راهن ثقافي عصي للغاية يفتقد إلى الإمكانيات التي تساعده على العطاء أكثر، كغياب ثقافة النشر والتوزيع وهوان الحركة النقدية وتراجع المقروئية الذي كرسته عوامل اجتماعية شتى، والدليل على ذلك، حصد كوكبة من الشعراء جوائز عربية وحضورهم المستمر في المحافل الشعرية العربية، بنصوص راقية تشارك المثقف العربي هواجسه وجراحه وآفاقه رغم القفر وتداعيات الراهن الجزائري الذي يكرّمه كل عام بثقافة الشطب، يضيف الشاعر.

هل الشاعر بصدد تأليف ديوان جديد؟ يجيب حفيظ أن أي كاتب ينتشي بشعور الكتابة، مرغم على الاستمرار، فبعد الشعر الذي يعتبر قلقه، يفكر مستقبلا في ممارسة التجربة الروائية لأن أشياء كثيرة تختمر بداخله، لا يمكن للشعر أن يقولها، مضيفا أن بعض الأشياء التي هي بداخله لا يمكنها التجلي إلا من خلال هذا العالم الفسيح الذي يجرنا إلى سفر لا ينتهي. فالرواية التي يطمح إليها هي استنطاق للورطة والذاكرة معا، وهي إقدام على السير بالمكابدة خلف أحلامنا البيض التي تتظاهر بالفرار كي نلاحقها، هي القبض على شيء ما، على فكرة متفردة لم تقرأ بعد.

أسماء زنايدي: المجتمع بحاجة إلى أقلام جديدة

عبرت الكاتبة الشابة أسماء زنايدي عن سعادتها لمشاركتها في الصالون الدولي للكتاب لأول مرة، حيث ستتمكن من تقديم روايتها «رهابين» للقراء، متمنية أن يكون عملها هذا في المستوى المطلوب. كما أضافت أن هذه المشاركة تمثل خطوة أكيدة لإنجاز المزيد من الأعمال في عالم يحتاج إلى التنويع والإبداع.

أشارت الكاتبة الشابة إلى أن رواية «الرهابين» هي أول إصدار، رغم أن عالم الكتابة لم يكن بعيدا عنها، باعتبار أنّها صحفية، عملت في الصحافة المكتوبة والإذاعة وحتى في القنوات الخاصة، معتبرة أن لغة الصحافي ولغة الكتابة وجهان لعملة واحدة. كما تعتقد أن الرواية رسالة إعلامية لا تقل أهمية عن وسائل الإعلام الأخرى، لأن الكاتب لا يقوم بسرد حكايات يومية في قالب قصصي فقط، بل يحمل أهدافا أخرى مثل التوعية والإرشاد، فالرواية ـ حسبها- تحتاج إلى أسلوب راق يختلف عن الكتابة الصحفية التي تلزمك بنقل الحقائق بصورة واقعية بعيدا عن جماليات الكتابة، لكنها تشترك في محتواها،  أي في معالجتها لمشاكل اجتماعية ونفسية وتنقلها إلى القراء.

أما عن اختيارها لعنوان «الرهابين، الملائكة المستترون»،فقالتإنذلكيعودإلىالموضوعالرئيسيللرواية،مشيرةإلىأنالرهابين،عبارةعنحكايةشعبيةتنتشرفيمناطقالشرقالجزائري،وتعنيمخلوقات

لاتمت بصلة لا بالجن ولا الملائكة ولا حتى البشر، وأحيانا يضرب المثل بها عند رؤية امرأة جميلة، لهذا أخذت أسماء هذه الفكرة الأسطورية التي تناقلها الأجيال ولم يعرف إذا كانت حقيقة أو خرافة، لتكون روايتها ذات طابع الفانتازيا التي تأخذ القارئ إلى عالم آخر غير هذا العالم، معالجة بذلك بعض المشاكل الاجتماعية بقالب لا واقعي مثل السحر والشعوذة والعدالة، وكذا الصراع الأزلي بين الخير والشر وغيرها

في إطار آخر، أكدت أسماء أن إصدار دار النشر «الجزائر تقرأ» لروايتها، أكبر دليل على أن واقع الكتابة الشبابية في الجزائر مشرق وسيعرف ازدهارا في المستقبل القريب، مضيفة أن الدار ستشارك بثلاثين عملا، بين الرواية والشعر، معظم كتابها من الشباب. وبالرغم من ارتفاع تكاليف النشر، إلا أن هذا لم يمنع الشباب من المشاركة، وهو دليل على رغبة الشباب الجزائري في أن تكون له بصمة في عالم الكتابة، مشيرة إلى أن المجتمع بحاجة إلى أقلام جديدة وأفكار جديدة، وكذا مواضيع تلفت انتباه القارئ. فالكاتب الشاب يمكن أن يحمل معه هموم الشباب ويكون قريبا من أفكارهم لكي يجسدها في عمل إبداعي، على سبيل المثال الرواية التي صدرت مؤخرا وتحمل عنوان «هاجر فأنت لست شجرة».

رشيد هميسي:الكتابة الجزائرية ما زالت في بداياتها

قال الكاتب رشيد هميسي، إنّ مشاركته لأوّل مرة في المعرض الدولي للكتاب، إضافة للمشهد الثقافي الجزائري وتدعيم للمكتبة الجزائرية ومساهمة في توعية الجيل الجديد. أما عن روايته «ما تشتهيه الروح» فهي أول عمل له في هذا الجنس الأدبي، وثاني إصدار باعتبار أنّ إصداره الأول يتمثل في كتاب نقدي بعنوان «النص والحاشية».

كما أشار إلى أنّ اختياره لعنوان «ما تشتهيه الروح»، يعود إلى محاولة روايته الإصغاء للروح، التي ظلمت وأظلمت، طامحة في السياق نفسه أن تعيد لها ألقها الذي بهت، ومكانتها التي تراجعت للوراء، مضيفا أنّ روايته تتناول الجانب المظلم من الإنسان، فهي تحكي قصة شاب جزائري كان غارقا في الخطيئة، فيرى مناما يتكرر معه أربع عشرة مرة، وكأن المنام يلح عليه لتنفيذ وصيته، وقد كان يسمع في المنام صوتا يأمره بالذهاب إلى الجزائر العاصمة ليلتقي شخصا اسمه إسلام المرادي ليبلغه وصية.

بطل الرواية هذا من وادي سوف، ذهب إلى العاصمة على مضض والتقى صدفة إسلام المرادي، فدهش لذلك لأن إسلام المرادي امرأة وليس رجلا، فنسجت عشرة بينهما، وشيئا فشيئا بدأ البطل يتخلى عن الخطيئة.

في المقابل، اعتبر الكاتب أن الكتابة الجزائرية مازالت في بداياتها وهي تحتاج إلى الكثير من العناية بالقضايا المصيرية، مضيفا أنّ بعض كبار الكتاب يحيدون بالقارئ الجزائري عن تاريخه وقضاياه الحاسمة، والبعض الآخر يفعل عكس ذلك، وفي مسألة الجمالية، فيرى أن هناك أقلاما تمكنت من اجتراح أساليب وطرق خاصة بها لا يشاركها فيها أحد، مثل الأديب الحبيب السايح، عيسى لحيلح، أحلام مستغانمي. بينما فصح عن تحضيره لكتابين جديدين.