الطبعة 10 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي

"سينما الواقع الراهن" في معظم الأفلام الطويلة المعروضة

"سينما الواقع الراهن" في معظم الأفلام الطويلة المعروضة
  • القراءات: 853
 ق.ث/ خ.نافع ق.ث/ خ.نافع

اتّسمت معظم الأفلام الروائية الطويلة المتنافسة على جوائز الطبعة العاشرة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي التي اختُتمت فعالياتها سهرة أمس، بمحاكاتها الواقع العربي الراهن سياسيا واجتماعيا وأمنيا وحتى ثقافيا. وتطغى على محتويات هذه الأفلام البالغ عددها 11 فيلما من الجزائر وتونس والأردن ومصر ولبنان والمغرب والإمارات وسوريا والعراق، مواضيع الساعة في رأي النقاد والمتابعين لشأن الفن السابع، الذين يرون أن هذا الميدان الفني يتجه بشكل بارز نحو ما يسمى "السينما الحاضر"، على غرار قضايا مصير ثورات ما يُعرف بالربيع العربي، وتصادم القيم وصراع الأجيال، وبروز دور المرأة والشباب.  ويتجلى هذا التوجه في نوعية الأفلام الطويلة المعروضة بمناسبة المهرجان السينمائي لوهران في طبعته العاشرة، على غرار الفيلم السوري "الأب" لمخرجه باسل الخطيب، الذي يشكل صرخة آنية للشعب السوري، الذي لايزال يعيش مرارة الانفلات الأمني بسبب الأزمة في هذا البلد. ويعكس الفيلم التونسي "غدوة حي" لمخرجه لطفي عاشور، الانشغال التونسي الراهن بمسائل مرتبطة بما بعد الثورة، والإطاحة بالنظام السابق للرئيس زين العابدين بن علي، لا سيما مستقبل الشباب واستقلالية القضاء والإعلام ومواضيع  معالجة بطريقة فنية حول تفشي التجارة الموازية وغيرها من الإشكالات.

وفي خضمّ التطورات التي يشهدها الوطن العربي لا سيما اجتماعيا وانعكاس تطور الإطار المعيشي على سلّم القيم والأخلاق والتفكك الاجتماعي للبنية الأسرية، يقودنا الفيلم اللبناني "ورقة بيضاء" لهنري بارجيس إلى صورة عن عواقب مغامرة المرأة في عالم الانحراف والإدمان، إضافة إلى الفيلم المصري "آخر أيام المدينة" لتامر السعيد، الذي يحكي عن ظل الثورة على القاهرة. ونفس الأمر بالنسبة للفيلم الجزائري "في انتظار السنونوات" لكريم موساوي، الذي ينقل للمشاهد ثلاث حكايات متقاطعة، تتحدث عن آمال الشباب الجزائريين  وطموحاتهم، وعن مقاومة الأسرة تيارات التفكك الأسري وغيرها.  وتتطرق العديد من الأفلام الطويلة كذلك لمسألة الحاكم والمحكوم والسلطة والنفوذ والتسلط، لا سيما من خلال الفيلم المغربي "البحث عن السلطة المفقودة" لمحمد عهد بنسودة، فيما سعت أعمال سينمائية أخرى للحديث عن الواقع الراهن  وارتباطاته بالماضي، كالفيلم العراقي "صنع في العراق" لجاسم محمد جاسم، والفيلم اللبناني "محبس" لصوفي بطرس، الذي يتحدث عن آثار العلاقات التاريخية ما بين لبنان وسوريا.

ومن جانب آخر يتعرض الفيلم الجزائري "العشيق" لعمار سي فضيل، لقصة مرتبطة بعهد الكفاح الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، من خلال قالب درامي، فيما حظي الفيلم الجزائري التونسي "أوغسطينوس ابن دموعها" لمخرجه المصري سمير سيف، بتفاعل كبير من قبل الجمهور لتناوله بأسلوب متجدد، تاريخ وحياة هذه الشخصية التاريخية المتقاطعة مع حكاية مشابهة لها للشاب الذي كان داخل أحداث الفيلم، يسعى لإنجاز فيلم وثائقي تلفزيوني عن الفيلسوف "أوغسطينوس".

وقد عرفت هذه الطبعة عرض أفلام ذات محتوى قوي وأخرى مثيرة للجدل، كالفيلم المصري "مولانا" لمجدي أحمد علي، الذي يتناول الخطاب الديني والمجتمع في مصر، إضافة إلى فيلم الافتتاح الذي كان "ليليت السورية" لغسان شميط، وهو العرض  العربي الأول؛ حيث قاد الجمهور إلى إحدى صور معاناة الشعب السوري في ظل الأزمة الراهنة.

الفيلم الوثائقي اللبناني "المخدومينتشريح واقع الخدمة في البيوت العربية 

قدّم الفيلم الوثائقي "المخدومين" للمخرج اللبناني ماهر أبي سمرة، في 67 دقيقة، واحدة من القضايا الإنسانية والملفات المنتشرة في العالم العربي، والتي تتعلّق بمهنة الخدمة في المنازل أو بالأحرى "الخادمات الأجنبيات" أو العاملة الأجنبية داخل البيوت اللبنانية، لكن تقتصر على الفتيات الأجنبيات القادمات من دول عربية وإفريقية وآسيوية. 

وعرف العرض الذي احتضنته قاعة سينما المغرب أول أمس، حضورا كبيرا للجمهور، في مقدّمتهم نقاد السينما ونجوم الدراما العربية والجزائرية. استعرض صاحب الفيلم واقعا بائسا لما يحدث في بلاده لبنان، وتحديدا في العاصمة بيروت، التي تحوّلت إلى سوق كبير لهذا النوع من تجارة البشر تحت غطاء "التشغيل داخل المنازل". ويرصد الفيلم يوميات زين الذي يمتلك وكالة متخصّصة في توفير الخادمات من أصول إفريقية وعربية وآسيوية. ويتّصل بدوره بالعائلات الراغبة في خادمة مطيعة وأحيانا أنيقة وقوية، للقيام بأشغال المنزل المختلفة؛ من طهي وتنظيف وغيرهما.

ويسلّط العمل الضوء على زين وطريقة عمله رفقة بقية الموظفين في طريقة التفاوض مع الزبائن والخادمات، مع الإحالة على خادمات المنازل القادمات، مكانة مهمة ومنسية في الوقت نفسه ضمن المجتمع اللبناني وما أشبهه في بعض البلدان العربية.

كما أشار إلى المشاكل والمواقف التي تحدث لهن معطالبيهن؛ فكثيرا ماجاء في العمل على لسان الزبائن أنّ الخادمة الفلانية لم تساعده نويردن أخرى،وهذاينصعليهالعقدالموقّعبينالعائلةوصاحبالوكالة،وبالتاليفتغييرواحدةبأخرىمقبول،ويستلزمالأمردفعمبلغماليإضافيحسبالمدةالتيمكثتفيهاالخادمةبالمنزل.