الكاتب عبد الرؤوف زوغبي لـ"المساء":

"سماء مسجونة" عن معاناة المرأة العربية

"سماء مسجونة" عن معاناة المرأة العربية
الكاتب عبد الرؤوف زوغبي
  • القراءات: 730
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

كشف الكاتب والإعلامي عبد الرؤوف زوغبي لـ«لمساء"، عن صدور روايته "سماء مسجونة" عن دار "خيال" للنشر والترجمة، وقال إنّها رواية اجتماعية، تناول فيها معاناة المرأة العربية في ظل هيمنة الرجل الشرقي، وكذا انتصاراتها ومحاولاتها المتعددة لإثبات وجودها، فكانت بالفعل نموذجا للتحدي والقوة والصلابة والعزيمة والنجاح.

زوغبي، تحدث أيضا لـ"المساء" عن حيثيات روايته، عن امرأة قيّدتها أوراق متناثرة بشهودٍ على زاوية الغياب، وكذا عن رجلٌ تمرّد على غيومه الجافة حتى من قطرات ندى الفجر، جمعهم قدرٍ يترنّح على ضفاف الفوضى، في البيئة الشرقية، حيث لا يُسمع فيها حنين ثكلى، ولا أنين امرأة حملتْ وتعبتْ وكدّتْ، يلتف كالأفعى حولها.. رجل لم تعرف الرحمة لقلبه طريقًا ولا للرأفة بين دفتيّ صدره مُتَّسعًا، اقتاده الوهم لتغييب ضميره ووأد حقيقة إنسانيته وآدميته.. كان يظنُّ أن الشعاع المنبعث عبر النافذة مجرد انعكاس لومضات شموع الغرفة".

وأضاف زوغبي أنّ هذا الرجل غادر الكوخ غير مبالٍ بما حوله، وأخذ الطريق نحو مقهى القرية العتيق، دخل إليه مُتَّخِذًا مقعدًا تهاوى عليه بعدما استدار نحو سرواله ليرتِّب تعاريج محملتيه، وطلب من النادل أن يأتيه بكأس حليب وعلبة سجائر. رمقه "سي مختار" صاحب المقهى بنظرة لا تخلو من الغضب بعدما رمى بجلبابه الطينيّ جانبًا وجلس على كرسيه الهزاز وراح يبرم شاربه الكث، ثم قال مُحدِّثا عَمّار بنبرة من السخرية والازدراء "إيه يا عمّار!، متى وصلتك حضارة تعاطي المخدرات؟"، فتلملم عمّار في مقعده وأطفأ رابع سيجارة يشعلها وقال "عَمِّي مختار.. هذه الدنيا تحملك على ظهرها، ثم تلفظك كأنّك نكرة لا تكاد تُذكر بعدما تعبث كيف شاءت لتلقيك في قمامتها دون ذِكرٍ أو حتى أثر أو بقايا ركام"!.

أما فاطمة يضيف زوغبي- ، فهي زوجة تعيش مرارة الحياة معه بعدما شرّدها وسلبها حتى أنفاسها وكلّ ذكرياتها الجميلة، ولم يتبقّ لها سوى أملها في الحياة "سلمى" ابنتها الصغيرة، رمز سعادتها وإكسير حياتها التي تكابد للعيش من أجلها فقط! كما كانت بمثابة الباحثة عن هويّتها أو مكان تعيش فيه، وفي وجدانها سُمٌّ قاتل وبقايا نبض، -صراع بين الحياة والموت وشعور عميق بالضياع-، لتقضي أيامها المقدّرة مع الموتى الأحياء أو السائرين إلى القبر.

وكتب عبد الرؤوف عن المجتمعٍ الشرقي الذي لا يأبه بوجود المرأة في مفاصله، تسري في عروقها مرارة الانكسار، تمشي إلى رحى النسيان، وتدري أنَّها إلى طيِّ النسيان تسير.. وأنَّ نهايتها الحتمية ستكون على يد العابث بروحها والتي أصبحت ممتنعة حتى عن مضاجعته الليلية بعدما أهلك جسدها الداء الخبيث الذي انتقل منه إليها وأنهك روحها، فيمر كل شيء خانق على عجل، تستعجل الصراخ داخلها بعد أن عرفت من طبيب القرية مصيرها المحتوم.. صراخها الذي تزفره كالحمم بصمت ليحرق تنهُّداتها ويرسم على شفتيها عنوانًا للقهر، فتنتابها ارتعاشة قوية تنخر جسدها، وكل حسرتها على فلذة كبدها.. من لها بعد رحيلها عن دنيا الفناء؟.

وأضاف أنّ بطلة روايته الْتوَت مفترشة الأرض كأنَّها تعود لحضن أمها ولعل النوم يشهد خاتمتها، وغفتْ بعد نوبات سعال بشفاه باسمة وكأنَّها تقول "سأعيش!" لعلَّها تنسى بعض صراعها مع الداء اللعين تارة، ونكد العيش مع رجل ٍيعاقر الخمر والمجون تارةً أخرى. وحلّ المساء، وعاد كل شيء كعادته، سماء ملبّدة بقطع الغمام، وحناجر تشدو أغاني الصيف هنا وهناك، وتلك النسمات الرطبة تلهو بالسنابل الخضراء تارة، وتداعب ماء الوادي تارة أخرى.. يعلو في كل حين صوت العصافير والخِراف العائدة بعد الرعي في المروج الخضراء إلى حظائرها، والفراشات المحلّقة تتمايل بأجمل ألوانها وحلّتها، تتنسم أريج الصيف الهادئ في سكونه، حتى جاءت اللحظة التي لم تكن تحسب حسابها لتودِّع أترابها نحو سماء ظلَّتْ تسافر إليها بأوجاعها تاركةً خلفها كل آلامها وآمالها، إلى حيث السكينة الأبدية والَّلا عودة..!

للإشارة، عبد الرؤوف زوغبي، كاتب وإعلامي وناشط ثقافي مساهم في الحراك الثقافي داخل الوطن وفي العديد من الدول العربية، يحمل عدة شارات دولية منها عضوية اتحاد الكتاب العرب، عضوية المدرسة العربية الحديثة، وعضوية المجلس الإداري الدولي للإبداع. صدر له ديوان شعر بعنوان "أمير العرب" ورواية "سماء مسجونة"، وله العديد من الأعمال تنتظر دورها في الصدور.