المختص في التاريخ إبراهيم بن عبد المومن:

سكان الأرياف أدركوا أهمية الثورة مبكرا فساهموا في إنجاحها

سكان الأرياف أدركوا أهمية الثورة مبكرا فساهموا في إنجاحها
  • القراءات: 2940
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

اختار الأستاذ إبراهيم بن عبد المومن، مختص في التاريخ من جامعة أم البواقي،  أن يشارك في أشغال الملتقى الوطني الأول حول «الأرياف التلمسانية ودورها في الثورة التحريرية»، الذي نظم مؤخرا بالتنسيق المشترك بين قصر الفنون والمعارض تلمسان والمركز الجامعي مغنية، بالتعاون مع جمعية «روافد للثقافة والبحث في التاريخ والتراث» لبلدية جبالة، حمل شعار «الريف الجزائري القلب النابض للثورة»، بمداخلة حول النشاط الثوري في منطقة جبالة التابعة للولاية الخامسة.

تطرق الأستاذ عبد المومن، في بداية مداخلته للحديث عن نشاط محمد العربي بن مهيدي في ولاية تلمسان، وبالتحديد بمنطقة جبالة، حيث أشار إلى أن فكره الثوري ورغبته في تضليل المستعمر الغاشم، جعله يختار قصدا التردّد على منطقة جبالة،   لأنها تتميز بمسالكها الوعرة، ليجعل من مهمة الوصول إلى الثوار صعبا. مشيرا في السياق، إلى أن دور الشهيد لم يكن منحصرا في الاختباء في مثل هذه المناطق الوعرة، وإنما حرص أيضا خلال تواجده بها على القيام ببعض الأعمال التي تخدم الثورة، نذكر منها «ضم قرية الطرارس المصالية بمنطقة جبالة إلى جبهة التحرير الوطني بداية من سنة 1956، وعلى رأسها القائد موح الطيب دراريس». بالمناسبة، عرض المحاضر واحدة من الأدلة النادرة عن الثورة التحريرية، ممثلة في الرسالة التي تركها الشهيد بن مهيدي للشيخ الطيب في شهر ماي 1956، قبل أن ينتقل إلى العاصمة وتعتبر مرجعا تاريخيا هاما.

من جهة أخرى، تطرق المحاضر إلى بعض المعارك التي وقعت في منطقة جبالة الوعرة، كمعركة أولاد برحو، معركة زكري ومعركة وجيان، وغيرها من المعارك التي يؤكد المحاضر أنه ينبغي الحديث عنها نظرا لأهميتها من جهة بالنسبة للمكان الذي وقعت فيه، والذي يتميز بالوعورة، إلى الشجاعة التي كان يتميز بها الثوار رغبة منهم في القضاء على المستعمر في أصعب الأماكن الجبلية، مشيرا إلى بعض الشخصيات التي اشتهرت بالمنطقة، يذكر منها الشهيد طالبي عبد القادر المدعو «التلمساني».

حول أهمية المناطق الريفية في إنجاح الثورة، أشار المحاضر إلى أنّ تواجد الثوار في المناطق الجبلية الوعرة كان في السنوات الأولى من بداية الثورة، ولعل هذا ما جعل الثوار يحتكون كثيرا مع سكان الأرياف، ومن هنا يظهر ـ حسب المحاضر ـ  دور الأرياف في إنجاح الثورة من خلال الدعم الكبير الذي كان يحصل عليه المجاهدون من سكان الأرياف، الذين أدركوا مبكرا الدور الهام الذي يقوم به المجاهدون في سبيل القضاء على المستعمر الغاشم. مشيرا إلى أن الحديث عن الثوار بالمناطق الريفية محطة تستوقفنا، لنخص المرأة الريفية بشيء من التقدير،  بالنظر إلى دورها الهام الذي لعبته رغم جهلها، حيث كانت تستقبل وفود المجاهدين  في بيتها في كل الأوقات، وأكثر من هذا، كانت حريصة على كتم الأسرار والقيام  بمختلف أعمال التمريض والتطبيب، يقول «وهو ما يقودنا إلى التأكيد على أن الريف كان حاضرا ماديا ومعنويا، ولعب دورا بارزا في إنجاح الثورة التحريرية، بل يمكن التأكيد على أنه حقيقة كان القلب النابض للثورة، وهو ما يعكسه المقطع الشعري الذي جاء فيه «.. من جبالنا طلع صوت الأحرار ينادينا للاستقلال».

يؤكد المحاضر أن ما ينبغي الإشارة إليه، هو أن مساهمة الريف في إنجاح الثورة كان تحصيلا حاصلا، لأن المجتمع الجزائري كان ريفيا بامتياز ولعل من الأسباب التي جعلت الوعي بأهمية إنجاح الثورة كبيرا، يقول «على اعتبار أن الفلاحين كانوا أكثر الفئات تضررا بسبب أعمال النهب التي طالت أراضيهم من طرف المعمرين»،  موضحا أن الهدف من تسليط الضوء على دور الأرياف في إنجاح الثورة، ليس بغرض خلق فروق بين المدينة والريف، وإنما لرد الاعتبار للمداشر والقرى التي يقول «أذكر منها دشرة امسيردة وجبالة وبني بوسعيد ووغرابة وفلاوسن، وبني واسين التي لا يمكن مطلقا إنكار دورها البارز في احتضان القادة الأوائل بالمنطقة الخامسة، كالشهيد بن المهيدي والشهيد بوصوف والشهيد بن عبد المالك رمضان وحدو بوحجر وطالبي عبد القادر المدعو «التلمساني»

رشيدة بلال