جيلالي صالحي يعرض برواق "عائشة حداد"

سفرية في العالم التجريدي

سفرية في العالم التجريدي
  • القراءات: 1947
 لطيفة داريب لطيفة داريب

أصبح حلم جيلالي صالحي في ولوجه عالم الفن التشكيلي، لحوحا، فلم يشأ أن يغادره، بل أبى إلاّ أن يتحقّق ويصبح واقعا، وهو ما كان حينما أتمّ صاحبنا دراسته الجامعية ووجد لنفسه متّسعا من الوقت كي يرسم ويعرض أعماله، فكانت بداية تحقيق حلم وإشباع حاجة وإرضاء رغبة قديمة.

21 لوحة للفنان جيلالي صالحي المدعو "جينو" تزخرف رواق "عائشة حداد" إلى غاية الثالث عشر من الشهر الجاري، جاءت معظمها بتقنية الأسلوب التجريدي، بينما رُسمت بعضها بتقنية الأسلوب الواقعي.

وفي حديثه لـ«المساء"، عاد معنا جيلالي إلى بداياته في عالم الفن التشكيلي،  فكان ذلك حينما أتم دراسته الجامعية (تخصّص مالية وبنوك)، وقبل ولوجه عالم الشغل، بدأ الرسم وتحقيق حلم أينعت بذرته باكرا، ولكنها لم تجد أرضا خصبة كي تتحوّل إلى ثمار، فكانت البداية برسم منظر طبيعي لقي إعجاب الكثيرين، لتكون بداية جيلالي في عالمه الفني.

شرع جيلالي في عملية البحث عن المعلومات المتعلّقة بالفن التشكيلي، خاصة المرتبطة بعملية المزج بين الألوان ورسم الظلال واستخراج الضوء وغيرها من المبادئ الأساسية لهذا الفن، ومنه نظّم أوّل معرض له بمنطقة الأربعاء ناث إيراثن، مسقط رأسه، ثم بتيزي وزو، حيث تلقى دراسته، فالجزائر العاصمة بعد أن وجد عملا هناك.

تلقى صاحبنا الكثير من التشجيع، كما نصحه بعض المختصين بالتركيز على الألوان باعتبارها "نقطة قوّته"، فكانت رحلة أخرى في البحث عن عملية المزج بين الألوان، فقام مثلا بتعويض اللون الأسود بلون انبثق من مزج بين الألوان الأساسية المتمثّلة في الأصفر والأحمر والأزرق، كما اعتمد على المزج بين التقنيات والمواد مثلما عليه الأمر في لوحة "ميزان"، كما استعمل الرمل مع ألوان زجاجية والأركيليك في لوحة "نزيف".

انتقل الفنان إلى عالم التجريدي بعدما كانت بداياته مع الفن التصويري، رغم أنه لم يتخل نهائيا عنه، وفي هذا قال "كنت أرسم خلفيات تجريدية لأعمال واقعية، لأنتقل بعد نصائح المحترفين إلى الرسم التجريدي مائة بالمائة، حيث أبرز فيها الألوان بشكل دقيق".

يجد جينو في الرسم علاجا له ومتنفّسا من الضغوطات التي قد يتعرّض لها في عمله غير سهل والمتعلّق بالمالية، حيث أنه يرسم بعد انتهاء وقت عمله وكذا خلال عطل الأسبوع التي يقضيها غالبا في مسقط رأسه.

لكن الإلهام لا ينتظر وقتا معيّنا كي يحلّ بالفنان، لهذا يقوم جيلالي برسم بعض ما يجول في مخيّلته في مذكرة قبل أن يضع تفاصيلها على اللوحة، حينما تسمح له الظروف بذلك، وفي هذا يقول "أحيانا وأنا مع زبون، يأتيني الإلهام فارسم في مذكرة، ومنه أدقّق في التفاصيل حينما أعود إلى البيت".

في المقابل، يعيد الفنان رسوماته التي لا يرضى عنها حتى أنّه مكث أشهرا وهو يرسم لوحة "نزيف"، كما يقتطع من "شهريته" كي يشترى المواد التي يستعملها في رسمه، علاوة على الأموال التي يجنيها حينما يبيع لوحاته.

وعن واقع الفن التشكيلي في الجزائر، قال الفنان بأنّه في مسار جيّد، حيث أنّ عدد الفنانين والأروقة في تزايد مستمر ومع ذلك، يعتبر بأنّ الجزائريين لا يهتمون كثيرا بهذا الفن مقارنة بدول الغرب، حيث يعاني متحف الفنون الجميلة من هجران، في حين يستقطب متحف اللوفر بباريس أعدادا هائلة من الزوار.

أما عن انجذاب الجمهور للفن الواقعي مقارنة بالفن التجريدي، فقال جينو بأنّه ربّما بعد سنوات، سيعرف الفن الحديث بتنوّعاته، انتشارا واسعا وشهرة أكبر، ليؤكّد في سياق آخر تفاؤله في حياته وفي أعماله، كما أنّه يفضّل اللونين الأحمر والأزرق، واللذين يمثلانه، فالأحمر يعبّر عن حسّه الفني المولع، بينما يمثّل الأزرق، شخصه الهادئ في عمله.

ويعرض الفنان 21 لوحة بمعرضه هذا، من بينها "جمرة" التي وضع فيها تدرجات من الأحمر، بالإضافة إلى اللون الذهبي، بينما اشتغل على رسم أشكال هندسية مختلفة الألوان في لوحة "نظام الألوان، فيما طغى اللون الأحمر في لوحة "نزيف"، وغلب اللون الأزرق على لوحة "الفرحة مرتدية الهدوء".

أما عن اللوحات التي رسمها جينو بتقنية الأسلوب التصويري، فنجد مثلا لوحة "غرق سفينة" التي سبق وأن عرضها سنة 2015.

ثقافيات

فتح أبواب المسرح أمام المبادرات 

يعدّ فتح أبواب المسرح أمام المبادرات والمواهب الشابة كفيلا بالارتقاء بالفن الرابع في الجزائر، حسبما أعرب عنه بقسنطينة المخرج المسرحي عمار سيمود، وأضاف خلال لقاء ثقافي بعنوان "حكاية  ومسرح" بقاعة المحاضرات لقصر الثقافة "محمد العيد آل الخليفة"، أنّ المسرح الجزائري عاش "فترة ازدهار" خلال سنوات الثمانينات من حيث النص والإخراج والتمثيل وتوظيف التقنيات، ثم مر بفترة ركود خلال العشرية السوداء التي تميّزت بقمع كل أشكال الفن والإبداع من طرف الإرهاب، ليعاود خلال السنوات الأخيرة التصالح مع جمهوره الوفي بفضل الجهود المبذولة من طرف القائمين على قطاع الثقافة عموما والمسرح على وجه الخصوص. 

وبعد أن أبدى أسفه عن وجود أزمة في النص المسرحي، من خلال تواجد عدد غير كاف من كتاب النص الذين يملكون تكوينا أكاديميا في المجال، علاوة على لجوء العديد منهم للاقتباس الذي عادة ما يكون "دون المستوى"، مشددا على أهمية عنصر التكوين. 

ونوّه السيد سيمود رئيس جمعية "الجزائر المسرح التجريبي" بالمبادرات التي  أطلقها مؤخرا مسرح قسنطينة الجهوي، لاسيما فتح الأبواب أمام الشباب الموهوبين في فن المونولوج والإنتاج المشترك مع الجمعيات والتعاونيات الثقافية والورشات التكوينية لممتهني الفن الرابع. 

من جهته، تحدّث المخرج المسرحي ياسين تونسي عن الدور الكبير الذي يتعيّن أن يلعبه المسرح في المجتمع، معتبرا إياه "طريقة علاجية"، وبعد أن استشهد بالعروض المسرحية التي يتم تقديمها للأطفال في دول أخرى أجنبية لعلاج الأطفال، أبدى ياسين تونسي رغبته في أن يتم الاقتداء بهذه التجارب  وتطبيقها ميدانيا بالجزائر لتعويد الأطفال منذ سن مبكرة على الركح، وخلق علاقة حميمية بينهما من خلال استعمال لغة بسيطة وواضحة وجذابة. 

عروض مسرحية بقالمة

تمّ بقالمة إطلاق برنامج يتعلّق بتقديم عروض مسرحية لفائدة الكبار من محبي الفن الرابع، ستشمل إلى غاية 15 أفريل الجاري 12 بلدية عبر الولاية، وكانت أوّل محطة ضمن هذا البرنامج الذي تشرف عليه إدارة مسرح قالمة الجهوي "محمود تريكي"، بالتنسيق مع مديرية الثقافة المركز الثقافي لبلدية أمجاز عمار (12 كلم غرب قالمة)، حيث كانت الفرصة أمام عدد كبير من عشاق أب الفنون للاستمتاع بالعرض المسرحي "هذيان آخر الليل"، من إنتاج فرقة المسرح الجهوي التي أخرجها العربي بهلول اعتمادا على النص الأصلي للكاتب اللبناني هشام زين الدين. 

أشار علي عباسي المكلف بتسيير المسرح الجهوي لقالمة، إلى أن كلّ العروض المسرحية المبرمجة موجّهة لفئة الكبار، مردفا بأنّ البلديات المعنية هي هواري بومدين وهيليوبوليس وبومهرة أحمد وبوشقوف ولخزارة، إضافة إلى بلخير ووادي الزناتي والنمشاية وقلعة بوصبع وبني مزلين وبن جراح. 

وأوضح المتحدث بأنّ هذا البرنامج يهدف بالدرجة الأولى إلى تفعيل المشهد الثقافي، خاصة في مجال المسرح بالبلديات المعنية، بغية منح الفرصة أمام الجمهور القاطن بهذه البلديات للاستمتاع بما تحمله هذه المسرحيات من جوانب جمالية وفنية ورسائل هادفة، وتمت برمجة 12 مسرحية من إنتاج كل من المسرح الجهوي محمود تريكي وبعض التعاونيات الفنية الناشطة بالولاية،  على غرار تعاونيتي "أنيما كليت" و«القناع" وجمعية "الممثل الواقي" وفرقة "بوحمام"، مبرزا أن بعض هذه الأعمال الفنية حديثة الإنتاج (تم إنتاجها في عام 2017). 

استحضار ذكرى سامي الجزائري 

أقيم بالجزائر العاصمة حفل فني مميز، أوّل أمس، على شرف فقيد الأغنية الجزائرية سامي الجزائري، بمناسبة الذكرى الثلاثين لرحيله، بحضور جمهور غفير من عشاق الفنان وأقاربه ومحبيه. شارك في إحياء هذا الحفل الذي احتضنه قصر الثقافة- كل من الفنانين الشابين سامي زرياب ورزقي واعلي،  بالإضافة إلى نجم الأغنية العاصمية سمير تومي، كلهم أمتعوا الحضور على مدار ساعة ونصف الساعة من الزمن بباقة مميزة من أجمل ما أدى الراحل خلال مسيرته الفنية الحافلة. 

كانت بداية السهرة مع سامي زرياب الذي أدى بعض الأغاني التي عرف بها سامي الجزائري، على غرار "هي هي" و«لعزيزة" و«خلي الناس تقول"،  بالإضافة لـ«عمري والله ما تبكيش"، وهي من أعماله غير المعروفة، ورفقة الجوق الموسيقي بقيادة مختار بوجليدة، قدم من جهته رزقي واعلي عددا من إبداعات الراحل بالقبائلية، من بينها "أيا حداد الفضة" و«آ وردية" وكذا "أبريد إيو أر إيذورار". 

كان ختام الحفل مع سمير تومي الذي أمتع المستمعين ببعض أشهر الأغاني التي صنعت شهرة سامي الجزائري، على غرار "أهديلي قلبك يا لالة" و«قريت الحب في عينيك" و«يا راضية"، بالإضافة لرائعة "يا بنات الجزائر" التي تغنى فيها الراحل بالمرأة الجزائرية. 

يعتبر سامي الجزائري (1945-1987) -واسمه الحقيقي علي كانوني- من الأصوات الفنية المميزة التي برزت في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث تميز بأدائه للعديد من الطبوع كالشعبي والقبائلي والحوزي وحتى الشرقي، وتعامل الراحل خلال مشواره الفني مع العديد من الملحنين، أبرزهم الفنان المبدع محبوب باتي الذي أطلق شهرته من خلال أغنية "الراحلة"، وقد تغنى في أعماله بالحب والمرأة والوطن، كما غنى لكبار الفنانين من الجزائر والمغرب العربي.