كتاب «ذخائر حاضرة تلمسان» لنجيب بن لمبارك

سرد عام لسيرة عاصمة الزيانيين

سرد عام لسيرة عاصمة الزيانيين
  • القراءات: 1019
مريم.ن مريم.ن

يفصّل الكاتب نجيب بن لمبارك في تاريخ عاصمة الزيانيين تلمسان بكلّ ما فيها من ثقافة وأعلام وأحداث وغيرها في كتابه «ذخائر حاضرة تلمسان»، حيث حاول أن يلم بكلّ ذلك الزخم الهائل، على اعتبار أن المنطقة كانت دوما مهدا للحضارة والمقاومة ومساهما فعالا في بناء الهوية الجزائرية.

صدر الكتاب في جزئه الأول عن دار «القافلة» للنشر والتوزيع، ويتضمّن ثلاثة فصول موزعة على 589 صفحة، مثّلت شخصيات المنطقة حصة الأسد، نتيجة مساهمتها الفعالة وتأثيرها على المشهد التاريخي والسياسي والثقافي والرياضي والفني وغيرها من المجالات المتعددة، وأشاد الكاتب بتراث هؤلاء ومسيرتهم وارتباط أسمائهم بالجوهرة تلمسان سيدة الحواضر، علما أن الكثيرين منهم لم ينالوا حظهم من الظهور والمتابعة وبقت ذكراهم في طي النسيان.

من جهة أخرى، اجتهد الكاتب في إبراز معالم تلمسان ما ظهر منها وما خفي، فراح ينقب ويكشف تماما كما يفعل الرحالة القدامى، فاستعرض الكثير مما رآه وأحصاه من آثار ممتدة عبر حقب التاريخ، كالمعالم القديمة والقصور والمباني العتيقة والمساجد والحدائق والساحات وغيرها،  كثير.

يبدأ الكاتب بسرد قصة تلمسان مع التاريخ من زمن التواجد الروماني بالجزائر، على اعتبار أنّ تلمسان كانت من أهم المدن التي توفر كل الخيرات التي تحتاجها روما، وأمام هذا الاستغلال انتفض أبناء المنطقة، ثم يسير التاريخ نحو الفتح الإسلامي ويسرد بعض الدويلات التي حكمت تلمسان، منها حكم الدولة الإدريسية وكذا دولة المرابطين، وجانب من تفاصيل تاريخ بناء «الجامع الكبير» الذي يُعدّ أبرز معالم المرابطين الباقية في المدينة، كذلك الحال مع الموحدين، ثم سيطر العثمانيون على مدينة تلمسان عام 1555م، بعد فتحها من قِبل بابا عروج، مُلبياً نداء الاستغاثة الذي وجهه أبو زيان عبد الواد للأتراك، ليصل الكاتب بالقارئ إلى تاريخ سقوط المدينة في يد الغزاة الفرنسيين في 5 فيفري 1842 م، مع سرد تاريخ المقاومات الشعبية، منها مقاومة الأمير عبد القادر، فضلا عن المعاهدات التي وقعت مع فرنسا الاستعمارية، كمعاهدة «تافنة» بين الأمير عبد القادر والجنرالين توماس وبيجو.

لم يغفل الكاتب جانب جغرافيا تلمسان، وهي التي تقع بين الحدود المغربية في جهة الغرب، وولاية سيدي بلعباس في الشرق، والنعامة في الجنوب، محصورة بين وادي التافنة ووادي ايسر، فيما تُطل على سهل شاسع يبدأ من جبال تلمسان، حتى التقاء الواديين على بعد حوالي 30 كيلومترا من البحر الأبيض المتوسط شمالا، ويعد النشوء الجيولوجي لمدينة تلمسان مناسبا بدرجة ممتازة لحفظ مياه الأمطار في أحواض جوفية كبيرة للغاية تحت سطح الأرض، ممّا يجعل جبالها خزانا طبيعيا للمياه، يمدّ طبيعتها الخلابة خضرة دائمة.

ذكر الكاتب في «ذخائر حاضرة تلمسان» العديد من الشخصيات التلمسانية وتاريخها وتأثيرها البارز، منها  شخصيات ثورية وسياسية ورؤساء حكومة ووزراء،   كالراحل أحمد بن بلّة ابن بمدينة مغنية، وميصالي الحاج وعبد الرزاق شنتوف، بعوش محمد «سي الطاهر»، السائح الميسوم، محمد خميستي، أبو بكر بلقايد، سيد أحمد غزالي، طاهر زرهوني، بغلي جلول، نورالدين يزيد زرهوني، مراد بن اشنهو، الحكيم بن عودة زرجب، حميد طمار، ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وغيرهم.

واعتمد نجيب بن لمبارك في كتابه أيضا على الصور الفوتوغرافية، بعضها نادر جمعها من الخواص ومن جهات متعددة.