الشاعرة الفلسطينية مايا أبو الحيات لـ"المساء":

زمن الشعر التقليدي ولىّ

زمن الشعر التقليدي ولىّ �
  • القراءات: 655
حاورها: الزبير.ز   � حاورها: الزبير.ز

كسرت قيود الاحتلال، ولبّت دعوة الجزائر، فطارت من الأرض الشريفة إلى بلد المليون ونصف المليون شهيد، من أجل الكلمة الصادقة التي تدغدغ المشاعر، وتبني الأفكار وتحرّك الضمائر النائمة، جاءت من المقدس وهي تجر وراءها خيبات أمة، واقعا مريرا وأهات الثكالى، جاءت بصرخات الأيتام ورسالة الشهداء، سلّت قلمها لتحارب كلّ أنواع الظلم والاستبداد، جاءت إلى الجزائر لتقول نحن أمة واحدة ومصيرنا مصير واحد..هي الشاعرة والروائية الفلسطينية، مايا أبو الحيات، التي كتبت "حين لا يعود باب إلى البيت"، "تلك الابتسامة، ذلك القلب"، و"لا أحد يعرف زمرة دمه"، حلّت رفقة ثلّة من الشعراء الفلسطينيين ضيفة على فعاليات أوّل ليلة من ليالي الشعر العربي في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية"، فالتقتها "المساء" بإحدى زوايا قصر "الباي أحمد"..

^ كلمة عن مشاركتكم في افتتاح ليالي الشعر العربي؟

^^— أنا جدّ سعيدة بالمشاركة في احتفالية عاصمة الثقافة العربية التي تحتضنها مدينة قسنطينة، هذه المدينة الرومانسية التي كان لي عنها خيالات في رأسي، واليوم أنا أراها على أرض الواقع، أجدّد التأكيد عن سعادتي وأنا في ليلة للشعر خصّصت لفلسطين.. حقيقة مفخرة لنا ونحن نرى الجزائر فجأة تغمرك بحب شديد تعيد لك فلسطينيتك، تعيش فجأة في فلسطين بشكل عادي وهنا تتذكّر أنّك فلسطيني وقضيتك هي قضية الشعب العربي، وفعلا هذا ما لمسناه في وجوه كلّ الناس الذين كانوا حولنا بقسنطينة.

^ ما هو شعوركم، وفلسطين يحتفى بها في أولى ليالي الشعر العربي وكأوّل بلد يعرض أسبوعه الثقافي؟

^^— هذا ليس غريبا عن الجزائر، لأنّ هذا البلد له علاقة وطيدة مع فلسطين، خصوصا وأنّك تشعر أنّ فلسطين في قلب الجزائر، هذا يشعرنا بالفخر لأنّنا دائما كفلسطينيين متميّزون، ويا رب نكون جديرين بهذه الثقة التي وضعت فينا.

^ هل ألهمتكم مدينة الجسور المعلّقة لتكتبوا عنها شعرا؟

^^— إن شاء الله، أتمنى أن أكتب شعرا عن هذه المدينة التي يصعب حقيقة أن تكتب عنها شعرا، لأنّها بحدّ ذاتها مجموعة من القصائد، الأمر سيكون صعبا عليّ نوعا ما لأنّني من الشعراء الذين لا يميلون كثيرا للرومانسيات وشعري ثوري وفيه نوع من القسوة، ولا أعرف إذا كان بإمكاني وصف الرومانسية التي توجد بالمدينة.. أظن أنّني يجب أن أعيش هذه الرومانسية، أعيشها من القاعدة حتى أتمكّن من ترجمتها إلى شعر، ولا أكتفي بتجربتي السياحية والضيافة فقط.

^ بعض كبار الشعراء، يعيبون على الجيل الجديد، كتابة الشعر الحديث، ما رأيكم؟

^^ أنا أكتب شعرا حديثا وأحبّه، أنا لا أحب الشعر المقيّد بقواعد، أو الكلام الجميل فقط، الشعر يجب أن تكون فيه فلسفة ومعنى يمكن للإنسان البصري أن يراه، فأنا أظن أنّ الشعر الذي يكتب عن القمر والسحاب والجبال، لا يعني الناس في شيء.. نحن في عصر الصورة والسرعة في الحصول على المعلومات، ويجب على الأدب مجاراة هذه التغيّرات والثورة المعرفية والصورية من خلال تقديم أدب ونصوص تبهر المتلقي، وتجعلهم يفكّرون في تصوّر فلسفة جديدة والتغيير في الحالات الموجودة حولهم، وبذلك لا يجب أن نترك الشعر يموت ونبقى عند هذه النقطة، الشعر الحديث ضروري حتى نتمكّن من خلق حالة جديدة في الحياة، حتى يمكن أن نضع شعرا أكثر حداثة دائما.

^ هناك من يتحدّث عن فجوة بين أجيال الشعراء، فعل تحسين بها؟ 

^^— دائما كلّ جيل يرى أنّه أحسن من الجيل الذي خلفه، وأنه يعرف الكتابة أحسن من غيره، وهذا شيء مفهوم ومقبول، أظن أنّ الجيل الجديد أخذ حقه، وكل شيء متاح له للكتابة خاصة وأنّ هناك أدوات عديدة للنشر في ظلّ انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا في حدّ ذاته أصبح يطرح إشكالا، حيث أصبحت المشكلة في تقييم الكم الهائل من الأعمال المنشورة عبر الانترنت، وحتى بالنسبة للمتلقي أو القارئ الذي يفتقد إلى ثقافة كافية، حيث يجد صعوبة في التمييز بين الأعمال الجيدة والأعمال المتواضعة، كما يجد صعوبة أيضا في التفريق بين الأعمال الجديدة التي تؤسّس لفلسفة جديدة والأعمال المنقولة، وأظن أنّ هناك أشياء سهلة ومتاحة للكلّ، لكن في نفس الوقت هناك صعوبة في التمييز بين الجيد والسيء، أنا كشاعرة جديدة وكاتبة شابة في الرواية، أظنّ أنّني أخذت حقي وكان هناك اهتمام بأعمالي على حساب شعراء من الأجيال المختلفة، كما أظن أنّ الشعر الجميل بغض النظر عن من كتبه يصل إلى المتلقي وليس لديّ مشكل في أن يكون الشعر عمره 70 سنة، ولكن فقط أن يكون شعرا حديثا حتى يعجبني.

^ هل تشعرون كشعراء فلسطينيين، بالمسؤولية مضاعفة لخدمة قضيتكم؟ 

^^ بالطبع هذا أمر مفروغ منه، عندما نمثّل بلدنا في مختلف التظاهرات سواء بالدول العربية أو الأجنبية، فالكلّ ينتظر منّا أن نكون في خدمة القضية وهذا لا يمنعنا من تناول مواضيع أخرى، وأن نكون أكثر تحرّرا، هذا هو الشاعر، هو بالأساس إنسان قبل أن يكون أيّ شيء آخر، يخرج ما بداخله ليحاول تقاسمه مع الأخرين بأسلوب جميل وراق بعيدا عن أيّ قيود أو حدود.

^ في الأخير، هل لكم إطلاع على التجربة الشعرية الجزائرية؟  

^^— لديّ إطلاعات شعرية جزائرية لكن ليست كثيرة، قرأت أشعار المبدعين الجزائريين، لكن ليس بالمقدار الكافي لأقيّم هذه التجربة، ربما عليّ أن أشتري كتبا أكثر لتوسيع معارفي في الشعر الجزائري، أنا أكتب الرواية إضافة إلى الشعر، وأميل أكثر إلى الرواية ومطّلعة بشكل كبير على الروايات الجزائرية.

^ شكرا على تخصيص هذا الحيز من وقتك لقرّاء "المساء"..

^^ الشكر موصول لكم وسلامي الحار لكلّ الجزائريين، وأشكركم على حفاوة الاستقبال، وأتمنى أن تكون مشاركة دولة فلسطين متميزة خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، والتي نتمنى لها كل النجاح والتوفيق.