في كتاب نقدي للدكتور فتيحة حسني
رواية الذات الجزائرية.. من ذاكرة الاستعمار إلى هشاشة العولمة

- 179

صدر عن دار "جودة للنشر والتوزيع"، حديثا، كتاب نقدي جديد بعنوان "تشكيل الهوية والآخر في الخطاب الروائي الجزائري المعاصر: رحلة الذات عبر متاهات الزمان والمكان"، للباحثة الجزائرية فتيحة حسني، تسلط فيه الضوء على تمثلات الهوية في الرواية الجزائرية الحديثة، من خلال تحليل العلاقة المعقدة بين الذات والآخر، في سياقات تاريخية واجتماعية متعددة، مثل الاستعمار، الإرهاب، الهجرة، والعولمة.
يقدم الكتاب قراءة معمقة للخطاب الروائي الجزائري، بوصفه مرآة لتحولات الذات الجزائرية، ويضع سؤال الهوية في قلب النقاش الثقافي المعاصر، باعتباره قضية وجودية تتعلق بالمعنى والانتماء والسيادة الرمزية.
يعتمد الكتاب مقاربة نقدية، تجمع بين التحليل الأدبي والرؤية السوسيولوجية، مستعرضًا كيف عبرت الرواية الجزائرية المعاصرة عن سؤال الهوية، في ظل تحولات كبرى عاشها المجتمع الجزائري، بدءاً من الحقبة الاستعمارية، مرورا بمرحلة العنف والإرهاب، وصولا إلى تحديات العولمة والهجرة.
ويتناول الكتاب بالدراسة، مجموعة من الأعمال الروائية الجزائرية، التي تُعيد طرح إشكالية الأنا والآخر، من بينها روايات "عودة السنونو" لهشام محجوب عرايبي، "أنا وحاييم" لحبيب السائح، "هاوية المرأة المتوحشة" لعبد الكريم ينينة، "أناشيد الملح" للعربي رمضاني، "من يستأجر لي وطنا؟" لطاهر مرابعي، و«نيران وادي عيزر" لمحمد ساري.
وتكشف الباحثة، أن هذه الأعمال تُعبر عن هويات متشابكة: دينية وثقافية ووطنية وقومية، حيث تُطرح قضايا، مثل التعايش بين مكونات المجتمع الجزائري كما في "أنا وحاييم"، وصراع الانتماءات داخل الوطن كما في "أناشيد الملح"، وتأثير الإرهاب في تشكيل وعي الذات كما في "نيران وادي عيزر". كما تتطرق بعض الروايات إلى مسألة العلاقة مع الغرب، إما في إطار تجربة الهجرة كما في "من يستأجر لي وطناً؟"، أو من خلال تمثيل المرأة الأوروبية كآخر ثقافي، كما في "هاوية المرأة المتوحشة".
ويفتتح الكتاب بمناقشة نظرية لمفاهيم "الهوية" و«الآخر"، ويرى أن العولمة والهجرة ليستا مجرد ظاهرتين معاصرتين، بل استمرار ناعم لهيمنة استعمارية، تسعى إلى تفكيك الهويات الأصلية وإعادة تشكيلها وفق النموذج الغربي.