ياسمينة خضرا ضيف المكتبة الوطنية بالحامة

رهان على "الفضلاء" لاستعادة عرش الرواية

رهان على "الفضلاء" لاستعادة عرش الرواية
الروائي ياسمينة خضرا
  • القراءات: 547
مريم. ن مريم. ن

استقبلت المكتبة الوطنية بالحامة، مساء أول أمس، الروائي ياسمينة خضرا، حيث غصت القاعة الحمراء بالحضور، الذين تابع أغلبهم الفعالية، وقوفا، ما جعل الضيف يحيي في كل مرة، جمهوره الوفي، ويعبر عن مدى حنينه إلى الجزائر. كما كان اللقاء فرصة للحديث عن روايته الجديدة "الفضلاء"، التي تروي جانبا من التاريخ الوطني. أشاد ياسمينة خضرا في بداية تدخله، بجيل الرواد من الكتاب الجزائريين، الذين أحبهم وتأثر بأعمالهم، منهم، على سبيل المثال، محمد ديب، ومفدي زكريا، ومالك حداد، ومولود فرعون، وغيرهم كثير. وقال: "اشتهرت لأنني أحببت هؤلاء. ويجب أيضا على الكتّاب الشباب اليوم، أن يحبوا كتابنا لتزدهر موهبتهم".

وتحدث ياسمينة خضرا، أيضا، عن أهمية التاريخ في أعماله، على اعتباره رقما ثابتا ومشتركا في كل رواياته. كما أكد أنه يلتزم بأن يكون بطلا في كل رواياته، بعيدا عن أي أدوار ثانوية قد لا تقنع القارئ، علما أنه في كل بداية مشروع رواية، يتساءل عن مدى تقبلها من طرف الجمهور، موضحا أن بعض أعماله فشلت، وبالتالي لم يعد إليها، وهجرها رغم التشجيعات.  وفي ما يتعلق بالكتابة قال ياسمينة خضرا إنه يحرص على أن يكون طبيعيا وانسيابيا وإنسانيا أيضا بدون تشنج، علما أن لكل رواية خصوصيتها وأسلوبها وحوارها، ثم قال: "أنا أكتب وأنجح في رواياتي تماما كرومبو، لكن هناك لوبيات لها قوتها". وعن طقوس الكتابة أشار إلى أنه يتخيل الرواية بكل أحداثها كالفيلم. ويسمع فيها أصوات الشخصيات، ليركبها. وعند اكتمالها يشرع في الكتابة. وهنا راح الروائي خضرا يسهب في تثمين نجاحاته عبر العالم قائلا إن أحد الناشرين والقراء الأجانب قال له: "عندما نقرأ لك فإننا لا نستطيع أن نقرأ بعدها لغيرك".

وأكد المتحدث أنه لايزال يكتب الشعر باللغة العربية، ويقرأه لزوجته، مقتنعا في ذلك بأن العربية هي أفضل لغة لكتابة الشعر، وأن الفرنسية خلقت لتكون لغة الرواية. وربط ياسمينة خضرا بين الكتابة والسفر، حيث يمكّن الخيال من فتح الأبواب الموصدة، واختصار المسافات، وتجاوز الحدود بين القارات والشعوب. والبداية عندما كان تلميذا شغوفا بالقراءة، وباكتشاف تجارب الكتاب الذين عوضوا حكايات أمه التي فارقها للدراسة.

قدرة ياسمينة خضرا على الكتابة عن الآخر أدخلته العالمية، فقد قال له بعض الأفغان إنه أحسن من كتب عنهم في روايته. وكان السبب، حسب الروائي، عمق المعنى والقيم. كما كتب عن المكسيك. وقد حاول الكتابة عن ألمانيا الشرقية رغم أن بعض الناشرين الفرنسيين لديهم عقدة الجزائري الذي لا قدرة له على مخاطبة العالم، ولا يكتب سوى عن بلده، لكن العكس تحقق. وهنا قال ياسمينة خضرا إن الجزائر لا تنتج فقط الرياضيين والمغنين، بل تنتج، أيضا، المبدعين، والعلماء، وغيرهم من الكفاءات.

وشهد النقاش الذي أتبع اللقاء عدة تدخلات منها تدخل سفير كوديفوار، الذي أكد انتشار روايات ياسمينة خضرا في بلاده. كما رد فيها الكاتب على أسئلة القراء، منها انحيازه لكل اللغات بدون استثناء، كالفرنسية التي هي أداة إبداعه. كما عبر عن شغفه بالأدب الروسي. وتناول العلاقة بين أعماله والمسرح والسينما وغيرها. وقال إنه غائب منذ سنتين عن صالونات الكتاب العالمية وعن التظاهرات، بسبب إصابته البليغة في ذراعه.

وتناول ضيف المكتبة الوطنية عمله الأخير "الفضلاء"، المقرر نزوله إلى المكتبات في 24 أوت المقبل في طبعة جزائرية تصدر عن منشورات القصبة، بالتزامن مع صدروها في باريس، وهي الرواية التي عاد من خلالها خضرا إلى مسقط رأسه القنادسة ببشار، حيث تدور أحداث القصة في ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال أطوار وأحداث حياة الجزائريين العمال في مناجم الفحم، ودور الهجرة الجزائرية، وكيف تشكل الوعي الوطني. ووصف الكاتب عمله بأنه الأفضل بين جميع أعماله الروائية، معتبرا أنها الرواية الأكثر اكتمالا، والأفضل كتابة، والأكثر تشويقا، يثمن فيه قيم منطقة الصحراء، "حيث أهلنا الطيبون والأنقياء".