عرضها الشرفي اليوم بركح أدرار
"رقوش".. مسرحية من طينة أخرى
- 152
لطيفة داريب
وعد المسرحي يحيى بن عمار الجمهور بمفاجآت عديدة في المسرحية التي صممها واقتبسها من كتاب رقوش للصديق حاج أحمد بعنوان: "رقوش"، من بينها تقنيات ومقاربات تقدَّم لأول مرة بالجزائر، بالإضافة الى تقديم الفن التركيبي فيها، وكذا عرض مسرحية داخل مسرحية؛ حيث ينتقد المسرح ..مسرحا آخر.
أضاف المسرحي يحيى بن عمار في الندوة الصحفية التي عقدها أمس بالمسرح الوطني الجزائري بمناسبة العرض الشرفي لمسرحية" رقوش" اليوم بأدرار في انتظار عرضها في جولة وطنية وفي الطبعة المقبلة لمهرجان المسرح الوطني للمحترف، أنه اختار مسرح "برفرمنس" لتصميم المسرحية الجديدة للمسرح الجهوي لأدرار.
ومسرح "برفرمنس" أو مسرح الأداء هو شكل فني، يجمع بين عدة أنواع من الفنون. ويهدف إلى تقديم تجربة فنية غير تقليدية. وقد يعتمد على تفاعل الجسد، والحركة، والصوت، والصورة بدلا من الالتزام ببنية المسرح الكلاسيكي؛ مثل القصة أو الحوار. كما يقدم فيه الإبداع والتجديد للتعبير عن أفكار أو مشاعر بطريقة حرة وفنية. وقد يركز على الرسائل الاجتماعية أو الثقافية أو الفلسفية.
وذكر بن عمار اعتقاد البعض نشأة المسرح في صحراء الطاسيلي من خلال النقوشات الموجودة هناك، مضيفا أنه يرى أن العروض المسرحية التي قُدمت بعد عام 1900، تنتمي الى مسرح ما بعد الحداثي. كما أشار الى محاولته الربط بين العرض المسرحي والإنسان والأنثروبولوجيا، وأن ما يهمه هو نظرة الإنسان الى العالم، علاوة على إيمانه المتواصل بالميتافيزيقا. كما نوّه المتحدث باشتغال مسرح أدرار على الموروث الإنساني في الجنوب الجزائري، مضيفا أنه يعتمد في عرض "رقوش" . ويُقصد بها زخارف على أكثر من طبقة؛ أي على مستويات مختلفة من التفكير، والتحليل والاستيعاب
من جهته، قال مدير المسرح الجهوي لأدرار حاج مسعود محمد، إن العرض المسرحي الجديد بعنوان: "جذور" ، هو ثمرة جهد مسرح أدرار طيلة ثلاث سنوات، والذي انطلقت أشغاله رسميا في بداية 2023، مضيفا أن الجغرافيا نقمة بالنسبة للمنطقة التي تبعد عن المركز الكثير من الكيلومترات، وبالتالي من الصعب التواصل مع المختصين في المسرح، والاستفادة من قاعات العرض.
وفي هذا السياق، قام مسرح أدرار بتنظيم إقامات إبداعية، وعددها ثلاث، لتكون ثمرتها ثلاثة عروض مسرحية للكبار، وهي: "محرقة رقان" ، و"طرحان" ، و" زهرة الرمال تنتفض" ، وعرضين للأطفال، يضيف المدير.
وقال إن أهم ما يميز المسرح الجهوي لأدرار هو الاستثمار من محيطه، خاصة أنه الصرح الوحيد المختص في الفن الرابع في الجنوب الكبير، مؤكدا أن العالمية تنطلق، أولا، من المحلية، مع معالجة المواضيع بشكل معاصر، وهو ما يقوم به المسرح الذي سيقدم مسرحية جديدة بعنوان "جذور" عن المجموعة القصصية للأستاذ الصديق حاج أحمد الزيواني بعنوان: "رقوش".
أما الكاتب الصديق حاج أحمد الزيواني، فقد قدّم تفاصيل عن مجموعته القصصية "رقوش... لوحات سردية من عالم الصحراء"، فقال إن الطبعة الأولى للمجموعة صدرت عام 2019. وتتشكل من نصوص تمثل حفرية مختصة في الذاكرة الجماعية للمجتمع الصحراوي، كتبها في أزمنة متباعدة. وهي ثمرة وعيه بالمجتمع التواتي الذي عاش فيه في سنوات السبعينات.
وأضاف أنه يتذكر مرحلة طفولته في سنوات السبعينيات من القرن الماضي، وتحديدا عيشه في القصر الذي كان يحتضن العديد من العائلات وسط طقوس وتقاليد ورثتها أبا عن جد، في وقت كانت منطقة توات بأدرار ماتزال محتفظة بعذريتها، ولم تغتسل بعد من طينها.
وتابع أنه قرر أن يكتب هذه النصوص خوفا من طمس هذه العادات التي تمثل ذاكرة الإنسان الصحراوي، وكذا الى اتخاذه الكتابة شكلا من أشكال المقاومة، خاصة أن توات بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي في فقدان موروثها الشعبي، ليقوم الكاتب بمحاولة رد الاستيلاب هذا من طرف العولمة، والتمدن، والميديا. وأشار إلى أن العودة الى طقوس توات تعني التفكير في موقف الإنسان التواتي من هذا الوجود، ومحاولته تفسير الظواهر الكونية والطبيعية، وهو ما اقتبسه يحيى بن عمار في مسرحية "جذور".