طباعة هذه الصفحة

في كتاب جديد صدر على الأنترنت

رصد أحمد شنيقي ثقافات وهويات الجزائر الحديثة

رصد أحمد شنيقي ثقافات وهويات الجزائر الحديثة
الباحث الجامعي أحمد شنيقي
  • القراءات: 1075

يقترح الباحث الجامعي أحمد شنيقي في مؤلفه الجديد (الجزائر الحديثة، ثقافات وهويات)، قراءة للواقع الثقافي في الجزائر بمساءلة هويتها، التي خضعت لتأثيرات ثقافية ولغوية متتالية، تسببت في "تهميش هياكلها المحلية".

 

ومن خلال هذا البحث الأنتروبولوجي الذي يقع في 226 صفحة، يحاول شنيقي تقديم صورة عن "التأثيرات الثقافية المتعددة"، التي اكتسحت، مع مرور الزمن، الخيال الاجتماعي الجزائري، تاركة "آثارا أبعدت الفرد عن كيانه الأصلي".

هذا البحث نُشر عبر HAL، وهو برنامج فرنسي خاص بإيداع ونشر البحوث الأكاديمية عبر الأنترنت. وينطلق البحث المدعم بمرجعية تفوق 140 عنوانا، بمساءلة تاريخ الجزائر التي كانت مسرحا لأكثر من محتل، ليتطرق بعدها للعوامل التي أدت إلى "تبنّي أشكال التمثيلية الغربية" عن طريق المدرسة الفرنسية، التي لم تكن مفتوحة للجميع كما يذكّر بذلك الباحث.

وبحسبه، فإن هذه الوضعية ساعدت على استعمال أدوات جديدة؛ من منهجيات ومقاربات، جعلت من المدرسة "مركز تكامل الخطابات الجديدة"، التي تقوم على تطبيق "المفاهيم الغربية" على الإنتاج الثقافي المحلي.

وللوقوف على واقع الثقافة والفنون والأدب خلال السنوات الأولى من الاستقلال، يقترح صاحب البحث الانغماس في تاريخ هذه المرحلة وواقعها المتناقض؛ حيث برز - كما يرى - "خطاب مزدوج وغامض"، موروث عن الفكر المهيمن الذي كرس سياسة الاغتراب الثقافي. ويلاحظ الباحث أن هذا الواقع يتجلى عبر مشهد ثقافي يبدو جامدا ظاهريا، وضائعا في ما هو "آني" و«مؤقت". كما يذهب شنيقي إلى أن غياب المعايير في التعبير الفني أوجد ثنائية بين "خطاب النخبة" المشبّع في غالب الأحيان بالمفاهيم المستوردة، وخطاب الطبقات التي تشكل عمق المجتمع الذي لازال متأصلا في "ثقافة المألوف" على اختلاف أشكالها اليومية والمحلية. فمثل هذه الوضعية أفرزت، بحسب الباحث، "صراعات كامنة متنكرة وراء وحدة صورية"، لا تكاد تخفي "حالات التوتر" و«خيبة الأمل" الناتجة عن الهوة العميقة بين النخبة وباقي المجتمع.

ويتطرق شنيقي في تحليله الوضع الاجتماعي واللغوي للجزائر خاصة على ضوء الهزات التي عاشتها البلاد في الثمانينات بين المطالبة بالهوية الأمازيغية والجدال اللغوي المتكرر منذ تلك الفترة، يتطرق للإشكال القائم إلى اليوم حول "مكان ووظيفة" اللغات في الإبداع الفني (أدب، مسرح، سينما ...).

ويواصل الباحث تحليله بإلقاء نظرة تاريخية على التحولات الاجتماعية والثقافية في الجزائر؛ بدءا بالبحث في واقع الكتاب والنقد والسينما والرقابة بمساءلة الحاضر، وصولا إلى "حالة السينما بوجهيها الموضوعاتي والجمالي". كما يخصص بابا كاملا من دراسته للمسرح.

ويحيل بحث شنيقي على الطابع الشمولي الثقافة؛ تلك التي تتغذى من خبرة الإنسانية عبر الأزمة، وتشجع على تفاعل ثقافات العالم فيما بينها بعيدا عن التصادم والهيمنة.

للإشارة، أحمد شنيقي باحث وجامعي، نشر قرابة 15 مؤلفا حول المسرح الجزائري والعربي والإفريقي، خاصة أنه أيضا أستاذ بجامعة عنابة، وأستاذ زائر بجامعات في أوربا والبلدان العربية.