الفنانة حمود كريمة لغواطي تعرض برواق ”عائشة حداد”

رتوشات بألوان الأمل والتفاؤل

رتوشات بألوان الأمل والتفاؤل
  • القراءات: 580
❊  مريم.ن ❊ مريم.ن

يختتم معرض الفنانة التشكيلية حمود كريمة لغواطي برواق عائشة حداد، تحت عنوان يناير اليوم عشرين جانفي، حيث تبرز بوضوح معالم مشرقة من الهوية والتراث الجزائري العريق، المتمثّل في العادات والتقاليد الأمازيغية، خاصة القبائلية منها، كما تقف عند القصبة وتدخل الطبيعة بكل شساعتها، لتتنسم النقاء والألوان.

تعكس اللوحات الحس المرهف للفنانة التي ترى الجمال في كل صوب وركن، ولا تلتفت لما دون ذلك. من جهة أخرى، تحاول الفنانة كريمة حمود من خلال معرضها، المزج بين التقاليد وبعض أحياء العاصمة، مفضّلة أن تحتفي بالتراث الوطني وتُنبّه إلى ضرورة المحافظة عليه.

الفنانة كريمة عصامية، لم تدرس الفن في معاهد الفنون الجميلة، إنما اكتسبته بالموهبة والممارسة. علما أن لوحاتها المعروضة أنجزت بالألوان المائية والزيتية، وهي تتناول مواضيع المرأة والطبيعة والحرية، وتبرز تلك الأعمال أن المرأة الفنانة قادرة على نقل اهتمامات وتحوّلات مجتمعها بصدق، منتهجة في ذلك لمسة من العطاء والإبداع.

خلال عملها كأستاذة للرسم، حاولت الفنانة اقتسام خبرتها مع تلاميذها وتعطيهم اكتشافاتها البديعة في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالألوان، كما تحاول في كل مرة، أن تربط فنها بحب الجزائر وتفتخر دوما بكونها امرأة جزائرية.

يحملها فضولها نحو أسرار الطبيعة، وتتعاطى مع مختلف الأساليب الفنية، ولا تكتفي بذلك وتحاول اكتشاف المزيد في الورشة وداخل الألوان والأشكال والأساليب، كي لا ترتبط فقط بما هو موجود، وخلال هذا المعرض، تقوم الفنانة بتركيب مختلف العناصر لتكوّن منها مشهدا واحدا يلفه الجمال والدهشة من كل جانب، وكذلك الحال يتكرّر مع عمارة القصبة، كي تعرضها بصورة الفانتازيا لتبدو قطعة مهربة من ألف ليلة وليلة، تروّج فيها الأساطير المبهرة والأبهة والتحضر والرقي، وهي معالم ارتبطت بمدينة الجزائر القديمة، ويبقى الأمل موجودا في بعثها من جديد.

عالم آخر لا يقل سحرا، وهو عالم الاخضرار المنمّق بالألوان والتزهير، والتي تحاول الفنانة في أشكال غير مشكلة لا تعكس بالضرورة الواقع، لأنها ترسم الإحساس والوجدان الذي ينبعث من داخل الكائن الحي، بالتالي تتخطى كل قوالب جاهزة وعادية.

لغة كريمة المفضّلة هي الألوان التي تستخدمها أيضا كأشكال ورموز للتعبير عن مشاعر الأمل والتفاؤل، لتستثمر بعمق في إبداعها الحي،  مستعملة كل التقنيات والأساليب الفنية، مرورا بالأسلوب التشخيصي،  حيث تخطّ الشخوص في أرقى الصور والجمال، تنعكس فيها السعادة والانطلاق نحو الحياة، وغالبا ما تكون تلك الشخوص نساء قرويات من الريف القبائلي الصافي المنعم بالهواء العليل، وبالبساطة التي تنعكس على أهلها، فالكل يبتسم ملء الفم ولا يضجر من الطبيعة التي تتكامل مع الإنسان دون تصادم، فتعلّمه الأصالة والصبر وحب الجمال.

تلتزم الفنانة بالشكل الهندسي في رسم القصبة، لتدخل بذلك إلى الأزقة والحارات والدويرات، بالتالي تدخل إلى حياة اليوميات العاصمية، حيث النساء والأطفال والحرفيون والفنانون، والقصور والمساجد والحمامات والساحات المطلة على زرقة البحر والسماء، كأن الفنانة في كل ذلك، توثق هذا المعلم، لتضيفه إلى سجل التراث الوطني الزاخر.

بالنسبة للأسلوب التجريدي، فإن الفنانة تفرضه بأسلوب اللغز ذو الأبعاد المتشعبة، وتقحمه في المشاهد المركبة التي يلفها الضباب والعتمة.

من يزور المعرض يكتشف أن الفنانة جامعة للتراث حيثما كان على أرض الجزائر، بكلّ ما فيه من قيم وفنون وعمارة وغيرها، لذلك تجلب لوحاتها في هذا المضمون الجمهور، خاصة تلك المتعلقة بالريفيات القبائليات، وبالحلي وأطباق الكسكسي والبساتين المرتمية ولوحات الورود المفعمة بالحياة والتفاؤل وغيرها.

الفنانة من مواليد العاصمة سنة 1977، سبق لها أن قدمت الكثير من المعارض، وهي عضو باتحاد الفنون بالجزائر.